لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

 الحياة في ظل أزمة المناخ

د. غادة موسى

الحياة في ظل أزمة المناخ

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:02 م السبت 30 أكتوبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يشعر الجميع بشكل أو بآخر بتغير في المناخ الذي نعيش فيه. ويتندر الكثيرون بالعبارة التي تعلمناها في درس الجغرافيا " حار جاف صيفا ودفئ ممطر شتاء ". فأصبح المناخ في مصر حار جاف صيفا وشتاء مع شهر أو شهرين ننعم فيهما بمناخ خريفي معتدل. ولكن هذا ليس حال مصر بمفردها، وإنما حال كل دول العالم. فدول الشمال تشكو من تأخر تساقط الثلوج وقصر موسمها، ودول الجنوب تشكو من الجفاف. وجميعها أعراض لوجود مرض أصاب المناخ على كوكب الارض. كما تنبئ بأزمة كبيرة ستطول السياسة والاقتصاد وحياة المجتمعات.

كل ما سبق دفع دول العالم إلى وضع سياسات التعامل مع أزمة التغير المناخي على رأس جدول أعمالها، ولكن كيف ؟ الأمر هنا يحتاج إلى تحول في فكر الانفاق على أشكال التصنيع المختلفة ونمط النشاط الاقتصادي بشكل عام. حيث سيضطر المعنيون بالشأن الاقتصادي إلى التعامل مع القيم أكثر من التعامل مع الأرقام الوضعية. بعبارة علمية سيضطرون إلى الابتعاد شيئا فشيئا عن بعض النظريات الاقتصادية كنظر " باريتو": فائزون بدون أية خسارة"! والانتقال إلى نظريات العدالة البيئية والرفاهة الاجتماعية " البيئية"، بالاضافة إلى توزيع تداعيات الاحتباس الحراري الاقتصادية والاجتماعية على كل دول العالم ، والتفكير في المنفعة العامة للمجتمعات البشرية بدلا ً من منفعة البعض على حساب الكل.

فمن هذا الفكر ستنبع سياسات حازمة للحد من اتساع الأزمة وتهديد الوجود البشري على كوكب الارض. وسيضطر أصحاب الاعمال والمصانع لتغيير سياسات الانفاق من سياسات تخلو من الاعتبارات القيمية إلى سياسات تمكنهم من تجنب ضرائب الكربون. كما سيعمل هؤلاء على زيادة الانفاق على الاقتصاد الأخضر وتزويد مجالس ادارة أعمالهم بجيش من خبراء البيئة واقتصاديات البيئة. وهو ما أوصى به الاقتصادي " نوردهاوس" الحاصل على جائزة نوبل، حيث حذر من عدم الانتباه إلى التكلفة الاجتماعية لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. وهو ما دفع تقرير " ستيرن " الذي أصدرته المملكة المتحدة للتعامل مع المشكلات البيئية عام ٢٠١٧ إلى تبني اقتراب " نوردهاوس".

إن التغير الذي يشهده المناخ أنتج شكلا ً آخر من أشكال الحروب وهو حروب الاستدامة أو حروب الأجيال. فالجيل الحالي بدأ في إلقاء اللوم على الأجيال الماضية ووصفها " بالأنانية " و"بالنفعية" و " بالخائنة " لتعهدات الاستدامة والحفاظ على الموارد !

ولكن الأمر لا يرتبط فقط بحرب الأجيال، حيث تعيد أزمة المناخ إيحاء المشكلات بين الشمال والجنوب. لأنه حينما يتحدث البعض عن توزيع الأعباء الاقتصادية المترتبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فإنهم - بهذا التوجه- يطيعون بمفهوم العدالة " البيئية". فدول العالم النامي ضحية للفكر الاقتصادي الذي ساد دول الشمال حتى مطلع الألفية الثالثة. فلا ينطبق علينا وصف الدول الصناعية ، كما لم نمتلك التقنيات التي تمكننا من الانطلاق نحو التصنيع. وكل التداعيات التي حدثت تتحمل دول الشمال أو الدول المتقدمة مسئوليتها.

ولا أعلم إذا كان صوت دول العالم النامي أو العالم الثالث سيكون له مكانا ً مع صوت الجيل الحديث في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الذي ستبدأ أعماله في الأول من نوفمبر القادم ولمدة عشرة أيام (١-١٢/١١/٢٠٢١) بالمملكة المتحدة.

في المقال القادم سأتناول فعاليات المؤتمر واهم القضايا التي سيطرحها ورؤيتنا لها.

إعلان

إعلان

إعلان