محمد سمير فريد يكتب: مهرجان الجونة السينمائي.. دراما النجاح

اتخذ مهرجان الجونة السينمائي خطوة غير معتادة بإعلانه مواعيد دوراته الثلاث المقبلة، وهي من ١٣ إلى ٢١ اكتوبر ٢٠٢٢، ومن ١٢ إلى ٢٠ اكتوبر ٢٠٢٣، ومن ١٧ إلى ٢٥ اكتوبر ٢٠٢٤.

أحداث درامية

وربما تكون هذه الخطوة غير المعتادة رداً على الأحداث الدرامية العديدة التي حدثت قبل وأثناء وبعد دورته الخامسة، ونلخصها في ٧ نقاط:

- الخلاف بين الفنانة الكبيرة يسرا ومدير المهرجان انتشال التميمي قبل أيام من الافتتاح والذي انتهى في المؤتمر الصحفي باعتراف واضح بالخطأ واعتذار راقٍ من مدير المهرجان.

- الحريق الذي اندلع في قصر المهرجان في اليوم السابق للافتتاح، وتم التعامل معه بكل احترافية من العاملين والمسؤولين لتنتهي كل آثاره قبل ١٢ ساعة من الافتتاح، مع تكريم مستحق لعدد من العمال المصابين في الحريق في ختام المهرجان.

- الجدل الكبير الذي أثاره الفنان أحمد السقا أثناء تكريمه بقوله إن السينما المصرية "كان خلقها ضيق من ١٩٦٧ حتى عرض فيلم اسماعيلية رايح جاي في التسعينات".. وهو ما اعتذر عنه الفنان في اليوم التالي مباشرة.

- العاصفة التي أثارها فيلم "ريش" أثناء وبعد عرضه، حيث انسحب بعض الفنانين خلال العرض واتهموا الفيلم بـ"الإساءة لسمعة مصر"، وهو الأمر الذي تعاملت معه إدارة المهرجان باحترافية شديدة من خلال البيان الذي تم إصداره. اقرأ البيان

- حادث السيارة الذي تعرضت له الفنانة بشرى مديرة عمليات المهرجان، والتي تحملت إصاباتها وظهرت في اليوم التالي في ندوة مهمة كان من المقرر أن تشارك فيها.

- استقالة المدير الفني للمهرجان أمير رمسيس قبل الختام بيومين ومغادرته الجونة دون إبداء أسباب مع ايحائه بوجود خلافات.

- شائعات منشورة في مواقع صحفية ووسائل التواصل الاجتماعي عن إقالة مدير المهرجان انتشال التميمي، وهو الأمر الذي نفاه بوضوح مؤسس المهرجان المهندس نجيب ساويرس.

دراما النجاح

وبالرغم من كل هذه الأحداث الدرامية، فإن الدورة الخامسة كانت الأكثر نجاحاً منذ انطلاق المهرجان، حيث تضمنت، من وجهة نظري، أفضل برنامج أفلام خلال ٥ سنوات.. وكذلك من حيث الحضور الجماهيري للأفلام والندوات ومحاضرات الmaster class وخبرات محترفي السينما المشاركين فيها، والتي كان على رأسها محاضرة المخرج الامريكي الكبير دارين أرنوفسكي التي شهدت تواجد اكثر من ١٠٠٠ مشارك وهو ما اعتقد انه يفوق أي مشاركة في "master class” في أي مهرجان سينمائي عربي.

ويمكننا رصد هذا النجاح من خلال ما تناولته وسائل الإعلام العالمية عن المهرجان:

يورونيوز: مهرجان الجونة.. تطور السينما العربية

اعتبرت شبكة "يورونيوز" الإخبارية العالمية أن هناك إجماعاً على أن أبرز أعمال مهرجان الجونة هو تطوير صناعة السينما في العالم العربي، وتحدثت عن دور منصة الجونة السينمائية التي تضم مبادرتي منطلق الجونة السينمائي وجسر الجونة السينمائي اللذين يتيحان الفرصة للسينمائيين الشباب للتعلم والمشاركة بالإضافة إلى دعمهم مادياً وفنياً.

سكرين: مهرجان الجونة حدث خاص جريء

قامت مؤسسة "سكرين" المتخصصة في متابعة صناعة السينما العالمية والتي أصدرت أول عدد من مجلة "سكرين انترناشونال" عام ١٨٨٩، بتغطية واسعة لمهرجان الجونة السينمائي.

وقالت المؤسسة العالمية الرائدة نصاً: "تطور مهرجان الجونة السينمائي ليصبح حدثاً خاصاً يخلط بكل جرأة بين السجادة الحمراء المبهرة مع برنامج أفلام جاد يعرض أفضل ما أنتجته السينما العربية خلال الـ١٢ شهراً السابقة مع عروض أفلام عالمية من الفئة أ التي حصد معظمها جوائز مهرجانات عالمية.

وركزت على دور المهرجان في الصناعة مشيرة إلى أن فيلم "البحر أمامكم" اللبناني-الفرنسي، والذي شارك هذا العام في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة حصل على جائزة أفضل مشروع قيد التطوير في عام ٢٠١٩.

فارايتي: دور مؤثر لمهرجان الجونة في دعم صناع السينما

أفردت مجلة "فارايتي" العديد من الموضوعات لتغطية أخبار مهرجان الجونة، وركزت المؤسسة الأمريكية الشهيرة التي أصدرت أول أعدادها عام ١٩٠٥ على دور المهرجان في دعم صناعة السينما.

وقالت المجلة، التي تعد أكثر المصادر الموثوق بها في العالم في مجال صناعة التسلية "entertainment business”، انه إلى جانب الـ٢٤٤ ألف دولار قيمة الجوائز النقدية للأفلام الفائزة، وزع المهرجان جوائز بقيمة ٣٠٠ ألف دولار على ١٣ مشروع قيد التطوير و٧ أفلام في مرحلة ما قبل الإنتاج.

وأشارت "فارايتي" إلى أن فيلم "٥٠ متر" للمخرجة المصرية يمنى خطاب الذي حصد جوائز متعددة بقيمة ٦٨ ألف دولار هو الفائز الأكبر في "منصة سينجونا"، والتي وصفتها بأنها "ذراع الصناعة لمهرجان الجونة لمساعدة وتشجيع صناع الأفلام المصريين والعرب ومساعدتهم لإيجاد الدعم الفني والتقني والمادي".

وإذا كانت وسائل الإعلام العالمية أكدت على تطور المهرجان ونجاحه التصاعدي، فإن هناك عموداً أساسياً للنجاح الكبير الذي حققته الدورة الخامسة هو الأفلام السينمائية البديعة والتي أثار بعضها جدلاً كبيراً ومناقشات صاخبة، ولكن سنتناولها بالتفصيل في مقال لاحق.