- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
«الحُب هو بحث عن الحقيقة» كما يقول الفيلسوف الفرنسي ألان باديو. الحب عند باديو هو لقاء غير محسوب أو متوقع ما بين شخصين مختلفين. ولكن الحُب لا يتوقف عند اللقاء-الحدث. فهذا اللقاء-الحدث وفق الفيلسوف الفرنسي الكبير «مفاجأة تُطلق عملية هي بالأصل تجربة في معرفة العالم. الحب ليس مجرد لقاء شخصين وعلاقتهما الداخلية التوجّه: أنه بناء، حياة قيد الإنجاز، ليس من منظور الواحد ولكن من منظور الاثنين».
في روايتها «تبغ وشوكولاتة» (بتانة، 2020) تحاول الكاتبة زيزيت سالم إعادة اكتشاف الحُبِّ وتحولاته الكبرى عبر رصد حياة شخوصها. في رواية رومانسية بامتياز، وعبر 230 صفحة من القطع المتوسط، تستكمل زيزيت سالم مشروعها الخاص بإرساء دعائم تجربة إبداعية يحركها التوق إلى اكتشاف منابع الجمال، وتتطور بالتوازي مع تجربة وجدانية مسكونة بهاجس الفراق، ملوّنة بشيء من الحزن المكتوم. الكاتبة هنا ليست ممن يؤمنون بأن الكتابة الإبداعية تقتضي إقصاءً للذات عن النص وأن الموهبة تقتصر على القدرة على امتلاك ناصية اللغة وعلى التلاعب بالعلاقة بين الألفاظ والمعاني لابتداع الجديد، ذلك أن المرتكز الأساسي لمغامرتها الإبداعية هو الصدق والإخلاص للذات في بحثها عن الحقيقة، على الرغم من أنها تفعل ذلك بمثاليةٍ مفرطة قد تؤخذ عليها أحيانًا. هذه المثالية قد تدفعنا إلى القول بأنها تكتب عن الحُب في (قارة سابعة) ابتكرتها الكاتبة وتفضِّل العيش فيها.
تتجلى قوة الرواية هنا في «نزاهة العلاقة المتجددة دائمًا مع ما يظهر أمامنا وما يفلت منا»، على حد تعبير الناقد الفرنسي جان ستاروبنسكي. تحرص الكاتبة على تعدد الأصوات، حيث تروي كل شخصية أحداث حياتها الماضية والراهنة، وهي شخصيات متنوعة «نادر، حبيبة، مروة، نهلة، هبة، ...»، وكلها شخصيات تجمعها مرارة الخيبة وفقد الحُب، التي تلفظه في لحظة غضب ولا تصبر على مرارته.
تلجأ زيزيت سالم إلى رسم الشخصيات وتفكيكها، عبر الغوص في أعماق الحكاية، انطلاقًا من تأثر الفرد بظروف النشأة والتربية، وإيمانًا من الكاتبة بأن ما يعيشه المرء يكون له تأثيرٌ بالغ في تشكيل نفسيته وعنصرٌ حاسم في تبلور شخصيته ورؤيته للآخرين بعد أن يخرج إلى المجتمع ويمارس دورًا أكبر.
يمكن القول إن الحوار يعد من نقاط القوة في الرواية، حيث اتسم حوار بطلي الرواية نادر وحبيبة من خلال الرسائل النصية المتبادلة، بالذكاء في الصياغة والحساسية الواضحة في رصد انفعالات ومشاعر الشخصيات، كما أنه كان أداة فاعلة في تعريف القارئ بطباع وسمات وأفكار شخصيات العمل الأدبي بصورة سلسة وشيقة وجذابة، وقد أحسنت الكاتبة توظيف الحوار من خلال هذه الرسائل في خدمة البناء الدرامي لروايتها .
وربما يأخذ البعض على البناء الدرامي للرواية ذلك الاعتماد على سلسلة كبيرة من المصادفات، التي تقود إلى لقاءات وأحداث فارقة. صحيح أن المصادفات موجودة، لكن الإكثار منها في عمل فني أو إبداعي ينتقص منها.
الحوار الذي تستهل به زيزيت سالم روايتها يهديك مفاتيح الحكاية.
«-هل تشعرين بالذنب لأنكِ تحبينني؟
-تطمئنني نفسي بأنها مجرد مشاع، وأحيانًا تحذرني أنها ستدفعني حتمًا إلى الخطأ الذي أخشاه» (ص 7).
شخصية «نادر» مرسومة بإتقان: «لستُ عضوًا بأي نادٍ، ولم تستهوني الفكرة، أعمل مستشارًا ماليًا ومحاسبًا قانونيًا بإحدى الشركات، صحيح أعرف كبار القوم، لكنني أنعم بالقليل من كل شيء وأقنع» (ص 11)
«كنتُ أصنعُ ألعابي بنفسي، وأميلُ للانفراد بنفسي. لي رفاق لعب، لكنني أحمل أسراري وأحجبها عنهم في حين كانوا هم يحكون لي دون حذر» (ص 12).
أما «حبيبة» فهي تصف نفسها في الحوار التالي:
«رهينة، ولن يحررني سوى الموت، هكذا أخبرتُ «مروى» ونحن نحتسي الكابتشينو في شرفة منزلها» (ص 19).
وحين نطالع شخصية «نهلة» نجدها تقول عن نفسها:
«تعددت عليَّ الوجوه، وفي كل مرة أجد نفسي لا أتواءم مع أي وجه منها، ربما تكون «هبة» على حق، ربما نمت داخلي عقدة من الزواج بصفة عامة وانطبع ذلك على رفضي كل الرجال، من يضمن لي أن القلوب ستبقى بانطباعاتها الأولى؟ كل شيء يتغير، حتى الأرواح والملامح تتبدل» (ص 31).
ولأن الحُب بحسب ألان باديو «حدث» بالمعنى الفلسفي لكلمة حدث. والحدث هو وقوع ما هو خارج كافة الحسابات والتوقعات، فإن الروائية تهتم بأن تضفي على بعض الشخصيات وعيًا جديدًا لتُحدِث تغييرًا جذريًا في تحول مسار حياتهم. في حالة «نهلة» وارتباطها بـ«محمود»، تمنحنا تفاصيل الاستعداد للزفاف فرصة لفهم شخصيتها ومشاعرها.
«مغمضة العينين، تملأ وجهي رغوة الصابون، شعرت بدبيب يدها على جسدي تفركه بليفة مخصصة لهذا الحمام المغربي، لتجعل من يومي هذا يومًا تاريخيًا عظيمًا، لم أدقق في ملامح السيدة التي تتولى أمري جيدًا فقد بدت الرؤية صعبة للوهلة الأولى من هجوم البخار والسخونة، بدأت تخرط الماء عن شعري بمشط خشبي وتنثر المياه بعيدًا عني، حاولت الانتهاء من هذا كله بسرعة فلا طاقة لي لاحتمال البخار فهو يعوق تنفسي ويخنقني، رحت أنشف شعري وأحيط جسدي بالمنشفة استعدادًا للتوجه إلى مصفف الشعر وارتداء فستان العرس، ابتسمت لنفسي في المرآة ومصفف الشعر يضع لي اللمسات الأخيرة، وموسيقى تعزف أنغامًا حالمة تأتي من بعيد» (ص 67-68).
الحب هنا ينطلق من الصدفة المفاجِئة إلى المصير الذي يربط حياة شخصين مختلفين. بناءً عليه، فإن الإعلان عن الحب هو بمنزلة انتقال من اللقاء-الحدث إلى الشروع في تأسيس الحقيقة. طبيعة الصدفة التي تحكم اللقاء يتخذ شكل الفرضية المُسبقة.
نطالع في الرواية ما جرى لـ«نهلة» مع زوجها «محمود».
«بعد مرور شهرين تقريبًا بدأ محمود يتغير قليلًا ويعاملني ببعض السطوة والعصبية، فطبيعة إقامتنا في شقتي بعمارة أبي لم تمنحه الفرصة لفرض قوانينه الخاصة، حاول إثبات سيطرته بطريقة غبية، قام بصفعي على وجهي من أجل خلاف بسيط لا أتذكر سببه من تفاهته، ولأنني لم أعتد الخضوع، فقد أدهشه رد فعلي، اندفعت نحو المطبخ وأخرجت سكينًا من الدرج وصحت به:
-إن اقتربت مني سأتصل بالشرطة والخارجية وأقول لهم إنك تشرب كثيرًا ودائمًا مخمور وتتعدى عليَّ بالضرب وآثار أصابعك على وجهي واضحة وتؤكد صحة كلامي، والنتيجة ستكون ترحيلك لمصر بفضيحة، فلا تحاول إهانتي أو التعدي عليَّ مرة ثانية أبدًا.
انتابتني الدهشة عندما تراجع للخلف خطوات ولم ينهرني بل التزم الصمت، وبعد أن هدأت الأمور اعتذر لي ووعدني بألا يكررها مرة أخرى.
كشف لي هذا الموقف عن نقطة ضعفه، صورته أمام المحيطين به تشغل حيزًا مهمًا في أولوياته، كما أنه حريص على سمعته وسيرته الحسنة أمام زملائه في العمل، أملًا في الترقي ومداومة السفر في مأموريات أخرى خارج البلاد» (ص 71-72).
في «تبغ وشوكولاتة» تجد زيزيت سالم أخيرًا مساحة لغوية لتشييد حكايات تخصُ النساء، فالسرد بالنسبة إليها هو فضاء البوح والمناجاة، حيث تمارس رؤيتها وتصوّرها للواقع وللكون بصفة عامّة في نصّ قائم على الإيجاز والتكثيف ودقّة العبارة وشعرية اللغة. والنتيجة دومًا لمصلحة القارئ الباحث عن متعة التذوق والتأمل.
إعلان