لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

موسم الإبداع في الرياض..!

مجدي الجلاد

موسم الإبداع في الرياض..!

مجدي الجلاد
12:01 م الأحد 28 نوفمبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

وقفت في «البوليفارد» وسط العاصمة السعودية الرياض، أسأل نفسي: كيف فعلوها؟!.. و«البوليفارد» لمن لا يعرفه هو درّة الرياض الجديدة.. حيث تقام فعاليات موسم الرياض الثقافي والفني..!

هنا.. كانت الصحراء تتحدى أي إرادة قبل 4 سنوات.. لا شيء هنا سوى الرمال.. ولكننا الآن، نقف حيارى.. أي عرض مسرحي نشاهده؟!.. هل نستمع للموسيقى الراقية في الساحة الفخيمة؟!.. أم نتفاعل مع أمسية شعرية لصوت قادم من الأصالة العربية؟!

لم أتخيّل يوماً أن أجلس مفتوناً بعرض مسرحي استعراضي عن عبدالحليم حافظ في قلب العاصمة السعودية.. ولكنه حدث.. وحدث أيضاً ما هو أكثر.. إذ كيف تراوغني دموعي، وأنا أتابع إبداع المخرج الكبير خيري بشارة، ووجوه شابة، في تجسيد ملحمة حياة العندليب.. ولم أندهش كثيراً حين شاهدت واحداً من أجمل عروض المسرح عن حياة سيدة الغناء المصري، برؤية فنية ناضجة، وإمكانيات وكفاءة إنتاجية احترافية..!

أكتب لكم من موسم الرياض.. حيث نجح السعوديون في وضع عاصمتهم في مكان أثير على خارطة الإبداع الثقافي والفني بالمنطقة.. وهو حلم تحقق في وقت قياسي، بعد أن كان ضرباً من الخيال..!

شخصياً.. أحمل للمملكة قيادة وشعباً حباً فوق حب.. إذ قضيت هنا أجمل سنوات عمري.. أكثر من ثماني سنوات عشتها بينهم صحفياً شاباً في التسعينيات، لم أشعر حينها أنني غريب.. الغربة ليست بالجسد، إنما بالروح.. وروح السعودية قادرة دائماً على احتضانك، وبث الدفء داخلك، دون افتعال..!

f1335365-16f5-4b06-937c-561e74705380

لذا.. كان طبيعياً أن أشعر بالفخر، بينما أتجوّل في البوليفارد، وكأن هذا التألق إنجازي أنا.. قبلها كنت أعتقد أن المملكة بحاجة إلى وقت طويل حتى تتغير.. ولكنني أيقنت الآن أن المخزون الحضاري والثقافي والفكري كان حاضراً، على مرّ التاريخ، ولكنهم كانوا بحاجة إلى هذا التحول، الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، حتى تتجسّد الرؤية في واقع ملموس..!

تُدرك القيادة الشابة جيداً أن الشعب السعودي يتوق إلى الترفيه والإبداع والسياحة المُنضبطة، لأن الإنسان ليس بمقدوره الاستغناء عن المُتعة الذهنية والوجدانية، وإن لم يجدها في بلده، سوف يحصل عليها خارجه.. والإبداع السعودي يمتلك جذوراً عميقة، بعكس ما يعتقد البعض.. فالمملكة ليست «الدولة النفطية» وحسب.. ولكنها أثرت الفن العربي على مدى عقود طويلة، بالموسيقى والغناء، ونجحت في إرساء تيار غنائي خليجي، حقق انتشاراً كبيراً، وصنع أسماءً لامعة، لا يُمكن إغفالها عند التأريخ والتحليل للأغنية العربية.. كما قدمت للقارئ العربي إنتاجاً غزيراً في الرواية والشعر والفن التشكيلي والنقد الأدبي، على مدى قرن كامل من الإبداع..!

وللحق.. فقد نجح تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، في وضع وتنفيذ رؤية متكاملة، لصناعة الترفيه في المملكة.. ولم يؤسس رؤيته على الحلول التقليدية، أو التجارب السابقة، وإنما استعان بالعقول العصرية، والسواعد الشابة.. ويكفي أن أروي لكم قصة صغيرة في حجمها، كبيرة في مغزاها.. فأثناء مشاهدتي للعرض المسرحي «حبيبتي من تكون» حول قصة حياة العندليب، التقيت شاباً في بداية الثلاثينيات اسمه «أحمد الثنيان».. قال لي إنه «المستثمر» لقاعتي عرض «حليم وأم كلثوم».. سألته كيف؟!.. فأجاب: «هنا.. وضعت القيادة ثقتها في الشباب.. البعض لا يعرف أن استثمار الدولة في جودة التعليم صنع أجيالاً واعية وقادرة على مواكبة التطورات العالمية المتسارعة.. لذلك يقوم موسم الرياض في فعالياته المختلفة على جهود الشباب، وهو في رأيي سر هذا النجاح الكبير»..!

المشهد هنا يؤكد كلام «أحمد».. فليس مسموحاً لك أن تبحث عن إجابة سؤال، أو تطلب المساعدة، دون أن تجد عشرات الشبان والفتيات يتسابقون لمساعدتك.. وحين سألت فتاة عن عروض اليوم التالي، وهل سيطرأ أي تغيير على البرنامج.. قالت: «النظام الذي وضعته هيئة الترفيه لا يترك فرصة لحدوث أي خلل.. نحن هنا للترحيب بالجميع.. قالوا لنا إن نجاح الموسم وتطوره مسئوليتكم، ونحن فخورون ببلدنا الذي يفتح أبواب الإبداع أمام كل المبدعين العرب.. وهدفنا أن تصبح الرياض عاصمة الثقافة والفن الراقي في الشرق الأوسط»..!

نجحت الرياض في جذب الأنظار، وباتت مقصداً سياحياً لعشاق الفن المنضبط والإبداع الثري.. فتحت شعار «تخيّل أكثر» يحتضن الموسم 7500 فعالية.. بينها 76 حفلاً غنائياً عربياً وعالمياً، و 350 ليلة مسرحية لـ 18 مسرحية عربية، و 6 مسرحيات عالمية.. و10 معارض عالمية، و100 تجربة تفاعلية، فضلاً عن عشرات الحفلات الموسيقية المفتوحة.. إنه موسم الإبداع في الرياض..!

إعلان

إعلان

إعلان