لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحليل مكالمتين من واشنطن للقاهرة

محمد حسن الألفي

تحليل مكالمتين من واشنطن للقاهرة

محمد حسن الألفي
08:35 م الثلاثاء 25 مايو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لم يتصل الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس السيسي إلا مع الأزمة الفلسطينية.

مرت 5 أشهر لم يقع فيها اتصال، لكن كان هناك بالتأكيد تواصل بين الإدارات والأجهزة والوزارت، لأن العلاقة بين القاهرة وواشنطن علاقة استراتيجية، ووثيقة في مستوياتها العسكرية الرفيعة. وليس سرا أننا كنا نتابع مدى حرص العسكريين على سلامة وديمومة قنوات الاتصال بين المؤسستين العسكريتين في البلدين في أشد أوقات الظلمة في مصر، أعوام 2011، 2012، 2013 .

وفي أربعة أيام فقط، تلقى الرئيس السيسي اتصالين هاتفيين من الرئيس بايدن. يمكن تسمية الاتصال الأول باتصال الظرف والضرورة والاستكشاف وبناء جسر وإزالة حاجز شفاف، إدراكا لأهمية الدور المصري ومصداقيته في كبح جماح الآلة العسكرية الانتقامية بين تل أبيب وغزة.

كان تركيز الاتصال الأول على متابعة ومساندة جهود الرئيس السيسي والأجهزة الأمنية والخارجية المصرية في التوسط وطرح الأفكار ووضع مبادرة للتهدئة وإسكات القتل الممنهج من إسرائيل للشعب الفلسطيني في غزة، التي دمرت بنيتها ومستشفياتها ومدارسها وأبراجها تدميرا مخيفا، وإلزام الفصائل الفلسطينية الكف عن الإطلاق العشوائي للصواريخ على عسقلان وتل أبيب وأسدود.

ومع نجاح الوساطة الفاعلة من مصر في إلزام والتزام الطرفين بوقف النار، يوما، في الثانية من صباح الجمعة الماضية، ومع توالي تصريحات الثناء والامتنان للدور المصري، من أمريكا ومن غزة ومن رام الله ومن قطر ومن تل أبيب، تلقى الرئيس الاتصال الثاني بعد أربعة أيام. كان هذا الاتصال أطول وأوسع مجالا، وتناول فيه الرئيسان قضايا حيوية من ليبيا إلى العراق، ومن القاهرة إلى إثيوبيا، حيث أقر بضمان الأمن المائي لمصر، ومن العلاقات الثنائية إلى العلاقات الإقليمية.

وطرحت قضية حقوق الإنسان نفسها في حوار الرئيسين، باعتبارها مهمة لبرنامج بايدن الانتخابي، غابت تماما عن غزة وقتلاها. لم تعاقب إسرائيل على ما فعلته بالمواطنين الفلسطينيين تحت الاحتلال والقصف الإسرائيلي.

لكن هذه نقطة أخرى، ماعلينا الآن، المهم أن البحث المستفيض لطائفة واسعة من القضايا عبر عنه الرئيس السيسي بتغريدة كاشفة على صفحته الرسمية بتويتر: "سعدت اليوم بحديثي المطول مع فخامة الرئيس بايدن والذي اتسم بالتفاهم والصراحة والمصداقية في جميع الموضوعات التي تهم البلدين والمنطقة، وأود أن أؤكد أن الرئيس بايدن يتمتع برؤية ثاقبة وخبرة متميزة تتسم بالواقعية في جميع الملفات، بما فيها ملف العلاقات الثنائية، وأجد أنه قادر بامتياز، بحنكته وخبرته، أن يصنع حلولاً جذرية لكافة المشاكل والتحديات التي تحيط بالعالم والمنطقة، داعياً الله أن يكلل جهوده بالنجاح والتوفيق والسداد".

يلفت النظر في نص التغريدة جملة كاشفة، هي: (الرئيس بايدن يتمتع برؤية ثاقبة وخبرة متميزة تتسم بالواقعية في جميع الملفات، بما فيها ملف العلاقات الثنائية). الخبرة المتميزة المتسمة بالواقعية في جميع الملفات، بما فيها العلاقات الثنائية، أفهمها على أن الرئيس الأمريكي، بعد الشرح والتوضيح وطرح قضايا حساسة، مثل حقوق الإنسان وسوء الفهم المحيط بها بين البلدين، صار أكثر إدراكا وواقعية، ورؤيته تتسم بتقدير الظرف الذي تعيشه الدولة المصرية وسط إقليم يتداعى بالإرهاب والتشكيك والتطرف .

كان لهذا القلم موقف من إدارة بايدن واعتبرها امتدادا لإدارة أوباما وهيلاري في موقفها المشين من مصر، لكن فتح قنوات الاتصال والتفاهم والحرص على كرامة ومصالح البلدين، يجعلنا نتفاءل ونتمنى أن تكون فترة حكم الرئيس بايدن عادلة ومتفهمة لاختلاف ثقافة الإقليم وتفاعلاته الدينية والسياسية والاقتصادية.

وما يهمنا حقا، هو صون كرامة وسيادة بلدنا، وهو ما يحققه الرئيس بجدارة ودهاء، موفيا بوعده: "أم الدنيا.. قد الدنيا.. صحيح".

إعلان

إعلان

إعلان