لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

انتفاضة مصر

أسامة شرشر

انتفاضة مصر

أسامة شرشر
08:16 م الأربعاء 26 مايو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا شك في أن مصر استعادت دورها العربي والإقليمي من خلال خطوات ورؤى ومواقف ثابتة في القضية الفلسطينية، وأن انتفاضة الشعب الفلسطيني التي حركها المقدسيون في الشيخ جرّاح، كانت المحرك الأساسي للموقف الفلسطيني، لأن الشارع الفلسطيني أصبح عنصر المواجهة أمام العدو الصهيوني، للدفاع عن المقدسات والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، دون أن يطلقوا رصاصة واحدة.

وكان لتأثير صورة المقدسيين في المسجد الأقصى فعل السحر في الشارع العربي وفي الشارع الأوروبي والعالمي، لأننا تعلمنا أن الصورة أكثر تعبيرًا وتأثيرًا من مليون كلمة.

فلذلك، كان للتحرك المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والأجهزة الأمنية المصرية التي تفوقت على نفسها، دور كبير في كشف الأقنعة والعورات عن بعض الدول التي كانت تريد أن تسحب البساط من مصر والتأثير على الموقف المصري، عبر التطبيع المجاني مع العدو الصهيوني، ولكن هذا فشل فشلًا ذريعًا.

وكانت الأحداث الأخيرة خير كاشف لكل شيء بالأفعال وليس بالكلمات، فمصر التي ضحت على مدار عشرات السنوات بدماء أبنائها، وبالغالي والنفيس، ابتداءً من حرب 1948 وحتى اليوم، هي المدافع الأول عن القضية الفلسطينية بدماء شهدائها من ضباط الجيش المصري خير أجناد الأرض، وبأرواحهم التي لا تعوضها كنوز وأموال الدنيا.

وجاءت الانتفاضة المصرية مفاجئة للأصدقاء قبل الأعداء، من خلال التدخل السريع على كل المستويات، وخصوصًا وزارة الخارجية التي لعبت دورًا محوريًّا، والأجهزة الأمنية التي تحركت في رام الله وغزة وتل أبيب لوقف الاجتياح البري للقطاع حتى لا تحدث كارثة إنسانية.

وأمام الصمت الدولي المخزي ومنع مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة لـ3 مرات أن يصدر إدانة للعدو الصهيوني، كان الرئيس السيسي يتواصل مع كل اللاعبين الدوليين حتى وصلنا للنقطة غير المتوقعة باتصال الرئيس الأمريكي بايدن بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ليثني على الموقف المصري والدور الذي قامت به مصر في وقف نزيف الأرواح ودماء الأطفال والنساء وكأنها حرب إبادة بشرية.

وأتساءل، ويتساءل معي كل الأحرار في العالم: أين منظمات حقوق الإنسان والحيوان التي صدعتنا بهجومها المنظم على مصر؟ ولماذا لم يتم إطلاق إدانة واحدة من هذه المنظمات، التي تدعي رفع راية حقوق الإنسان واحترام القوانين والأعراف الدولية، بحق إسرائيل؟


فلذلك كان الموقف المصري كاشفًا لهذه الأدوات التي تعمل لصالح الصهيونية العالمية والأمريكية.

وكان قرار مصر بدعم إعادة إعمار غزة والأراضي المحتلة بـ500 مليون دولار، من خلال الشركات المصرية، بمثابة صاروخ سياسي تعدى كل الدفاعات الدولية، وكان مفاجأة للعدو الإسرائيلي وحتى للدول العربية والإسلامية، التي تدعي الدفاع عن المسجد الأقصى، وخرجت بعدها الدعوات من الأمم المتحدة بإعادة إعمار غزة التي تعرضت لحرب إبادة وجرائم حرب، حسب توصيفها في القانون الدولي.

أعتقد أن الانتفاضة المصرية في هذا الموقف وفي هذا التوقيت هي رسالة للعالم بأن مصر عادت بقوة للاشتباك مع كل الملفات العربية والإقليمية، كما أنها رسالة لعل الآخرين يستوعبونها، أن مصر بجيشها وشعبها ورئيسها لن تسمح على الإطلاق بالتفريط في نقطة مياه واحدة بكل الطرق الدبلوماسية أو اللوجستية، المباشرة وغير المباشرة.

وأعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستعيد قراءة المشهد في الشرق الأوسط من منطلق عودة مصر إلى وضعها الطبيعي، ومن منطلق عودة القضية الفلسطينية للواجهة الإقليمية والدولية.

وأظن أن أخطر ما حدث في الأيام الأخيرة، هو اتحاد الشارع الفلسطيني، وأتمنى أن يستمر هذا الاتحاد والاتفاق بين كل الفصائل الفلسطينية، وأن يتم استغلال هذا الظرف الاستثنائي وحالة الدعم غير المحدود، والتي كشفتها التظاهرات في كل دول العالم ودعم المشاهير من كل مكان، وحتى الفنانين في هوليوود تضامنوا في فضح الوجه القبيح للعدو الصهيوني.

الكرة الآن في الملعب الفلسطيني، ليتحد الفلسطينيون ويكونوا على قلب رجل واحد في أي مفاوضات قادمة، حتى لا يستغل العدو الصهيوني كعادته الخلافات الداخلية للتسلل وتضييع الحقوق العربية، فهذه فرصة استثنائية وتاريخية جاءت بعد 73 عامًا ليتحد الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وكياناته، وخاصة عرب 48، فالفرص السياسية لا تتكرر كثيرًا في التاريخ.

فانتبهوا أيها الإخوة الفلسطينيون حتى لا تبعدنا نشوة إطلاق الصواريخ على إسرائيل، سواء من حماس أو الجهاد الإسلامي أو أي فصيل آخر، عن النصر الحقيقي، وهو وحدة الموقف والقرار الفلسطيني، وهذا هو الاختبار الحقيقي في المرحلة القادمة.

إن وقف إطلاق النار بعد 11 يومًا من الحرب هو شهادة ميلاد جديدة لوضع مصر إقليميًّا وعالميًّا، واستعادة لمكانة مصر ودورها، بالأفعال وليس بالشعارات والأقوال، بعيدًا عن أي مزايدات.

وستظل مصر هي خط الدفاع الأول عن قضايا وهموم الشعب العربي والإسلامي، وهي من يدفع فاتورة الدفاع عن الأمن القومي العربي بشهدائها من ضباط الجيش المصري العظيم.

وأخيرًا، إن مصر لا تحتاج إلى شكر؛ لأن هذا هو قدَرُها وقَدْرها على مر التاريخ.

إعلان

إعلان

إعلان