إعلان

حوكمة الجامعات (٢)

د. غادة موسى

حوكمة الجامعات (٢)

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:22 م الجمعة 25 يونيو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

استكمالًا للجزء الأول لسياسات ونظم حوكمة الجامعات، نلاحظ تغيرًا في وزن السلطة، أي سلطة التوجيه والرقابة والمساءلة بداخل هذه الهياكل المؤسسية في علاقتها ببعضها البعض، وفقًا للنموذج الكلاسيكي التقليدي، والنموذج المتطور المرتكز على مصالح كافة الشركاء والأطراف. فقد زاد وزن سلطة الهياكل والإدارات المساعدة مقابل نفوذ وتأثير الهياكل البحثية والأكاديمية.

أي أن الحوكمة التي كانت ترتكز على حكم وعملية صنع القرار المقتصرة على الأكاديميين والباحثين أصبحت متضمنة ومدمجة بداخل الهياكل المؤسسية المساعدة. فأصبحت جزءًا وليس كلًا!، هذا التحول أصبح خصيصة من خصائص حوكمة الجامعات في الألفية الثالثة، بل يمكن القول بأن عمداء الكليات ورؤساء الأقسام أصبح لديهم مهام وأدوار إدارية وتنظيمية تفوق أدوارهم في التوجيه الأكاديمي. وهذا يعني تركيز أقل على التفاصيل، وتوجيه عملية صنع القرار نحو تحقيق أهداف قد لا تكون في مجملها أكاديمية، وتركيز البحث عن الحلول الاقتصادية والإدارية التي تحقق هذه الأهداف...

ووفقًا للاتجاهات الجديدة في "حوكمة الجامعات"، لم يعد صنع القرار في يد الهيئة الأكاديمية بمفردها، بل تم توزيعه بين أطراف أخرى "غير أكاديمية". وهو ما قد يراه البعض بأنه يحد من استقلالية الأكاديميين من جانب، ومن حرية القرار والعمل الأكاديمي من جانب آخر.

ولهذا، التوجه الجديد له أنصاره، إذ يرون أنه يسهم في تطوير عملية صناعة القرار وجعلها أكثر قابلية للقياس والمساءلة. حيث كانت السياسيات والقرارات في النموذج الكلاسيكي التقليدي ترتكز على مبدأ "الثقة" باعتبار أن متخذيها من مجتمع نوعي واحد: فهم الأكاديميون أو الباحثون.

أما وفقًا للنموذج الجديد، فترتكز على معايير "قيم المؤسسة"، أي القيم التي تعمل الجامعة على تطويرها وتطبيقها.

ومن أمثلة تلك القيم: "الفعالية، التنافسية، الدقة، التنوع، المسئولية المجتمعية...إلخ".

وتجدر الإشارة إلى أنه في معظم دول العالم تمت موازاة سلطة الأكاديميين بمجالس إدارات أو مجالس أمناء بها تمثيل من قطاع الأعمال والسياسيين والحكوميين.

هذا التغير في طبيعة "الهيئة الحاكمة" للجامعات يقود إلى أن تصبح الجامعات مؤسسات متعددة الأدوار: تعليمية، خدمية ومساهمة في تنمية وتطوير المجتمعات من حولها، إضافة لتدعيم مبدأ المشاركة من قبل خبرات وتخصصات متنوعة...

والأمر لم ينته عند هذا الحد، ويظل النقاش والجدل "مستمرًا حول الشكل الأنسب "لحوكمة الجامعات" بين الشكل الكلاسيكي "الأكاديمي التوجه والشكل"، متعدد الأطراف والتخصصات. ويبقى على كل مؤسسة جامعية أن تحدد ما الهيئة الحاكمة المناسبة لها، وما السياسات، والنظم التي تساعد في تحقيق قيمها...

إعلان

إعلان

إعلان