لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

طاولة تنقصها قدم!

سليمان جودة

طاولة تنقصها قدم!

سليمان جودة
07:05 م الأحد 04 يوليه 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، على هامش مؤتمر وزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد داعش، فتحدثا في أشياء كثيرة، ولكن الشيء الذي استحوذ على أكثر الوقت في لقائهما كان هو ما يسمى باتفاقيات إبراهيم.

المؤتمر انعقد في العاصمة الإيطالية ٢٨ يونيو، وكان الغريب أن يطغى حديث "اتفاقيات إبراهيم" بينهما على حديث داعش نفسه!

أما المقصود بهذه الاتفاقيات فهو عملية إطلاق العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وأربع دول عربية خلال السنة الماضية، من أول الإمارات إلى البحرين إلى السودان إلى المغرب، وكان ذلك في الأيام الأخيرة التي قضاها دونالد ترمب في البيت الأبيض.

كان تقدير بلينكن في حديثه مع لابيد أن تل أبيب يجب أن تبني على ما تم في هذا الملف، من أجل إطلاق العلاقات بينها وبين عواصم عربية أخرى، وأن الولايات المتحدة الأمريكية ستساعدها على ذلك، وأن الملف يستحق العمل المتواصل عليه.

والملاحظ في حديث الوزيرين أن هذا هو الشيء الوحيد تقريباً الذي تعترف به إدارة الرئيس جو بايدن في الإرث السياسي الذي وجدته أمامها من بعد رحيل ترمب عن البيت الأبيض، فكل شيء تركه وراءه الرئيس الأمريكي السابق لا تريده إدارة بايدن ولا ترحب به، وتتعامل معه على أنه شيء ثقيل وبغيض ينبغي التخلص منه بأي طريقة وبأي شكل.

حدث هذا من جانبها في اتفاقية المناخ التي كان ترمب قد انسحب منها فعادت هي إليها.

وحدث هذا مع منظمة الصحة العالمية التي كان ترمب قد قاطعها فبدأت هي علاقات جديدة ومتعاونة معها.

وحدث هذا مع منظمة التربية والعلوم والثقافة الشهيرة باليونسكو في باريس.

أما اتفاقيات إبراهيم، فقد تحمس لها ترمب، وأوكل ملفها إلى صهره ومستشاره جاريد كوشنر، بهدف توظيفها في انتخابات الرئاسة التي جرت في نوفمبر الماضي، لكن مسعاه قد خاب في النهاية، وتبين عند تحليل نتيجة الانتخابات أن الغالبية من الناخبين الأمريكان اليهود منحوا أصواتهم للمرشح المنافس بايدن ولم يمنحوها لترمب.

كان كل طرف من الطرفين في تل أبيب وواشنطن يرى في اتفاقيات إبراهيم ما يحقق صالحه على مستواه، بالإضافة طبعاً إلى مصلحة كل دولة من الدول الأربعة، كلٌّ على حدة، ولم يكن هذا بالشيء الغريب في دنيا السياسة بوجه عام.

ولكن الغريب أن الطرفين (الأول والثاني) تجاهلا أن طرفا رابعا اسمه الطرف الفلسطيني لا بد أن يكون حاضراً، وأن تكون هذه الاتفاقيات عادلة بالدرجة التي تعطيه بقدر ما تعطي ترمب انتخابياً، وبقدر ما تعطي إسرائيل سياسياً.

ولأن حضوره لم يتحقق بالشكل العادل والمطلوب، فإن حديث الاتفاقيات الشهيرة قد خفت بمجرد رحيل ترمب عن السلطة، ولم يعد أحد يذكره، ولا يخوض فيه، وكان حديث بلينكن ولابيد هو المرة الأولى التي يعود فيها هذا المسمى إلى الظهور في الإعلام من جديد.

وإذا كانت واشنطن وتل أبيب تريدان استمراراً لاتفاقيات بهذا المسمى، فضلاً عن نجاح ما مضى منها، فلا بد من مراجعات جادة للحالات الأربعة، ولا بد أن تستفيد التجربة السياسية التي أنتجت هذه الاتفاقيات مما جرى في أيام ترمب.

ولن يحدث شيء بهذا المعنى إلا إذا آمن القائمون على الأمر في العاصمتين الأمريكية والإسرائيلية، بأن تغييب الطرف الفلسطيني في المعادلة لا يعني عدم وجوده، كما أن غيابه سوف يجعل الاتفاقيات في كل حالاتها أشبه بطاولة تنقصها قدم رابعة؛ تتوازن بها فلا تسقط على الأرض.

إعلان

إعلان

إعلان