لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

المشروع الذي تأخر عقودًا "2"

خليل العوامي

المشروع الذي تأخر عقودًا "2"

خليل العوامي
07:00 م الإثنين 16 أغسطس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

منذ إعلان الحكومة عن المشروع الطموح للتحول من الري بالغمر إلى الري الحديث، شعرت بأننا على موعد مع نقلة نوعية تأخرت عقودا؛ فمنظومة الري عندنا لم تتغير في جوهرها منذ عرفت مصر الزراعة قبل آلاف السنين، وهو ما يستدعي البدء في تنفيذ المشروع والتعامل معه باعتباره مشروعا قوميا كبيرا تتكاتف كل وزارات وأجهزة الدولة والمجتمع المدني والإعلام لإنجازه بأقصى سرعة، ليس فقط لما يحققه من فوائد لقطاع الزراعة، وهو إلى الآن الأكبر والأهم في مصر، وإنما أيضا ليكون التنفيذ على المستوى الأمثل تماشيا مع التطوير الذي تشهده مصر على أصعدة عدة.

وفي مقال الأسبوع الماضي، عرضنا فوائد المشروع على المزارعين والدولة، حيث يوفر من 15-20 % من مياه الري و50 % من السماد، وكذلك وفر كبير في الطاقة و تكلفة وجهود مكافحة الحشائش والآفات، فضلا عن زيادة الرقعة الزراعية حوالي 10 % وزيادة إنتاجية الفدان 25 % تقريبا، وكل ذلك مقابل تكلفة معقولة لا تزيد على 15-20 ألف جنيه لكل فدان توفرها الدولة في صورة قروض بدون فوائد على عشر سنوات.

ورغم أن المشروع في الشق الخاص بالتحول للري الحديث بالرش أو التنقيط يركز على أراضي جنوب الدلتا فقط نظرا لأن أراضيها قابلة لذلك، فإنه لم يغفل أراضي شمال الدلتا على اتساعها حيث يتضمن برنامجا خاصا لتطويرها بهدف ترشيد استهلاك المياه وخفض نسب الحشائش والآفات وزيادة إنتاجيتها، من خلال تسوية الأرض بالليزر واستخدام الري السطحي والزراعة على مصاطب وكذلك اختيار المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه.

ويعمل قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة برئاسة الدكتور علاء عزوز، المسئول عن المشروع الجديد، على وضع تصميمات هندسية تنفيذية لكل محافظة على حدة، يستعين بها المزارعون عند تنفيذ المنظومة الجديدة، وقد بدأ العمل بالفعل في محافظتي القليوبية وبني سويف بصورة تجريبية على أن تلحق بهما باقي المحافظات تباعا. على أن يكون قطاع الإرشاد الزراعي والجمعيات التعاونية الزراعية في قلب المشروع يقدمون الإرشادات والنصح للمزارعين.

الغريب في الأمر أننا حتى الآن لم نرَ حملات إعلامية مكثفة في التلفزيون والراديو، تشرح المشروع، وتبين أهدافه وفوائده لتشجيع أصحاب الأراضي على الانخراط فيه، فالمشروع ليس خاصا بوزارة الزراعة أو الري، ولا يجب أن يلقى على عاتقهما بمفردهما، هذا مشروع دولة، والمنتظر أن تتحول الدولة بوزاراتها وهيئاتها إلى خلية نحل لتنفيذه، كما أن هناك دورا كبيرا على وزارة التنمية المحلية والمحافظين ورؤساء المراكز والقرى من خلال عقد اللقاءات مع المزارعين ونقاباتهم، والنزول إليهم في أماكنهم لتشجيعهم على الفكرة.

على الناحية الأخرى نأمل أن يضع البنك المركزي قواعد الحصول على التمويل، والمستندات المطلوبة، مع مراعاة تيسيرها قدر المستطاع، وعدم تحميل المزارعين أي أعباء أو تكاليف إدارية للقروض، أو إلزامهم بتقديم ضمانات قد تخيفهم وتدفعهم للتراجع، فالمشروع دون أن يتحمس له المزارع نفسه ويقتنع به سيظل حبرا على ورق.

ولأن السوق عرض وطلب، فمن المتوقع أن ترتفع أسعار الخامات المستخدمة في التحويل للري الحديث رغم أن كلها تقريبا بسيطة، وتصنع محليا، خاصة أننا نتحدث عن ملايين الأفدنة سيتم تحويلها، وهنا يأتي دور الأجهزة الرقابية واتحادي الصناعات والغرف التجارية في ضبط منظومة الأسعار ومنع التجار والمصنعين من التوحش في تحقيق مكاسب كبيرة، ورفع الأسعار بصورة تفقد المشروع جزءًا من مميزاته وهي التكلفة المقبولة والتمويل الميسر.

وفي هذا الشأن يفضل أن تُوكّل الدولة الإشراف على إنتاج أو توريد المنتجات المخصصة للتحول للري الحديث لجهة قومية محايدة، تشتري من المصانع وتورد للمزارعين، من خلال الجمعيات الزراعية، أو على الأقل تضع أسعارا استرشادية بهامش ربح معقول للمنتج والتاجر.

إعلان

إعلان

إعلان