لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

طالبان المجددة وأمريكا الغاربة!

محمد حسن الألفي

طالبان المجددة وأمريكا الغاربة!

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 31 أغسطس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

وضع مجلس الأمن الدولي ثلاثة شروط قبل مساعدة طالبان: أولها أن تشكل طالبان حكومة تمثل أطياف الشعب الأفغاني، وأن تحترم حقوق الإنسان وبخاصة المرأة، والثالث إبقاء الممر الآمن لإخراج من تبقى ومن يرغب في الخروج من الأراضي الأفغانية. القرار الدولي وافقت عليه أمريكا وبريطانيا وفرنسا، والأخيرتان صاحبتا مشروع القرار، وامتنعت الصين وروسيا عن التصويت. الامتناع موافقة بالطبع. تدرك الولايات المتحدة حالة الغزل الهادي المتنامي من موسكو وبكين إلى طالبان، لكن الأخيرة تبدو متجهة إلى تقوية علاقاتها مع واشنطن والغرب طمعا في المساعدات المالية والغذائية والفنية. تواجه طالبان نقصا حادا في المواد الغذائية ينذر بمجاعة، ونقصا حادا في الأطقم الفنية والخبرات. مطار كابول خرج من الخدمة تماما بعد أن خربت القوات الأمريكية المنسحبة أبراج ومعدات المراقبة، ضمن مئات الدبابات وعربات مضادة للألغام ومنصات صاروخية أعطبتها القيادة الميدانية قبيل الانسحاب المخزي المتعجل.

مشهد انسحاب وسحب آخر جندي أمريكي بذراعه بندقيته الآلية، حتى قبيل الموعد النهائي اليوم ٣١ اغسطس، بأربع وعشرين ساعة، أحدث انقساما حادا واستقطابا بالغا بين الجمهوريين والديمقراطيين. يطالب الجمهوريون الآن بمحاكمة بايدن وعزله وإسناد الإدارة إلى نائبته كاميلا هاريس، بتهمة الفشل في اتخاذ القرار الصحيح والتسبب في قتل ١٣ جنديا أمريكيا واصابة ١٨ آخرين ليصل إجمالي القتلى ٢٤٦٢ على مدى عشرين عاما.

هل تنزوى أمريكا وتدخل عصر الغروب، أم تنسحب لتلعق جراحها وتوقف نزيف التريليونات؟ لا يمكن إغفال تصريح قاطع لبايدن بأن قوة أمريكا لاحقا هي العمل الدبلوماسي، لا العسكري، فيما يتعلق بمناهضة أنظمة معارضة أو مناوئة أو رافضة للهيمنة الأمريكية. يريد بايدن توفير الدم والدولار لمواجهة خصميه الكبيرين: موسكو وبكين.. تتقدمان عاليا وتتراجع أمريكا. محللون يرون أن هزيمة أمريكا في فيتنام لم تلق بها في كهوف العزل والعزلة، بل مكنتها من إصلاح اقتصادها، والاشتباك مع العالم في مناطق عديدة بحضور عسكري مباشر أو بالوكالة. ومن ثم فإن الهزيمة الثانية لدولة عظمى على يد عصابة إرهابية، باتفاق سياسي بدأ مع إدارة ترامب ونفذ في إدارة بايدن، لن تقبر أمريكا، بل ستتيح تضميد جراح الاقتصاد والسلاح والدماء، وتوحيد الأمة الأمريكية.

إلى أن يحدث ذلك، فإن الدرس الأعظم المستفاد أن الدولة الكبرى التي اعتمدت منهج القوة والدمار وتغيير الأنظمة وتفتيت المجتمعات، وإسقاط الدول، باتت مقتنعة أن الغرب غرب وأن الشرق شرق، وأن ذلك يعني احترام الثقافات والقناعات المحلية والاقليمية، وأن المصالح المشتركة تعلو على فرض الفكر وأسلوب الحياة بالقوة.

ما جرى من تفاهمات في الدوحة وترجم على الأرض في كابول وفي الانسحاب الكامل لأكثر من تسعة آلاف جندي من الناتو ومن أمريكا ومن الحلفاء لهما، يؤشر لمرحلة تالية من التعامل مع طالبان المجددة.. تبدو حتى الآن رشيدة متفهمة ساعية للاندماج في الأسرة الدولية، متعهدة بعدم إيواء الإرهاب أو تصديره.

لها عدوان مشتركان: قوات أحمد شاه مسعود في إقليم بانجشير حيث لا سيطرة لطالبان، يدعمها نائب الرئيس الهارب... ثم قوات داعش.

مع اختلاط الدم الأمريكي الطالباني على أرض مطار كابول وحول أسواره... تتوثق الاتصالات.. وتتضاعف الاحتمالات.. لكن لا أحد يثق في طالبان يحكمها فكر متخلف.. المشهد مفتوح ونتابع.

إعلان

إعلان

إعلان