لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

قالها الطهطاوي ذات يوم!

سليمان جودة

قالها الطهطاوي ذات يوم!

سليمان جودة
07:01 م الأحد 30 يناير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الدنيا التي قامت ولا تزال تقوم على بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، ليس سببها أنه حضر حفلة في حديقة ١٠ داونينج ستريت في لندن حيث يقع مقر رئيس الحكومة!

الحفلة أقيمت في مايو ٢٠٢٠، وقت أن كان الحظر مفروضاً في بريطانيا بسبب كورونا، وكان ممنوعاً على الجميع وقتها أن ينظموا أي حفلات جماعية فضلاً عن أن يكونوا حاضرين فيها .. ولكن جونسون حضر حفلاً دعا إليه بعض موظفي المقر في ذلك الوقت، بل حضر عدداً من الحفلات، وفي إحداها كان يظهر وفي يده تورتة الإحتفال، كما يبدو في ڤيديو من الڤيديوهات المسربة! .. وقد تبين أنه شارك في حفل أقيم عشية وفاة الأمير فيليب زوج الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا!

ولا تعرف مَنْ الذي احتفظ بڤيديوهات الحفلات منذ ذلك التاريخ .. ولا تعرف مَنْ بالضبط الذي أفرج عنها هذه الأيام وراح يسربها في كل اتجاه ؟!

ولكن الذي نعرفه أن الدنيا قامت على رئيس الوزراء بعد التسريب، وقد حاول هو أن يتملص من المسؤولية عما فعل، وعن اختراقه الحظر المفروض في البلاد، فقال إنه كان يعتقد أن المناسبة هي حفل عمل دعا إليه مكتبه .. ولكن هذا لم يسعفه رغم أنه قد سارع فقدم إلى البرلمان الذي يسائله ما يشبه الاعتذار!

والقضية تطورت الى حد أن أعضاء كثيرين في البرلمان يتبنون مطالبات لا فصال فيها بضرورة استقالته، وضرورة أن يغادر ١٠ داونينج ستريت بأي طريقة .. والسبب الذي يجعلهم يتمسكون بهذا المطلب ليس أنه حضر حفلاً في غير وقت الحفلات، وليس أنه لم يحافظ على فكرة التباعد الاجتماعي التي كانت حكومته تطلب من كل بريطاني ومن كل مقيم أن يحافظ عليها!

لا .. ليس هذا هو السبب الأساسي.. ولكن السبب الحقيقي أنه كذب على مواطنيه، فأنكر في بداية نشر التسريب أنه حضر حفلاً من نوع ما هو مسجل في الڤيديوهات المسربة، ثم عاد من بعدها يعترف تحت ضغط البرلمان ويقول إنه بالفعل حضر وإنه يعتذر!

هذا هو السبب الحقيقي، وهذا هو الذي جعل نواباً كثيرين في البرلمان يقولون، ما معناه، إنه إذا كان قد كذب فإنه لا يصلح لأن يظل على رأس الحكومة، ولا يمكن أن يؤتمن على مصالح الناس، ولا يمكن بعد ارتكابه الكذب أن يبقى محل ثقة من الناخب الذي جاء به إلى رئاسة الوزراء!

إلى هذا الحد يتمسك هؤلاء الناس بالصدق في المسؤول الحكومي، وإلى هذه الدرجة لا يقبلون الكذب تحت أي مبرر .. ونحن نذكر الحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول الكريم- ما معناه- إن المسلم يمكن أن يكون فيه كذا وكذا من العيوب، إلا أن يكون كذاباً .. ونحن نذكر أيضاً رفاعة الطهطاوي الذي لما سافر إلى فرنسا عاد يقول فيما قال، إنه وجد هناك مسلمين بلا إسلام، ووجد هنا إسلاماً بلا مسلمين! .. وما تفهمه من هذا كله أن الدين معاملات قبل أن يكون عبادات!

إعلان

إعلان

إعلان