لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ثورة النساء على المرشد الإيراني

أسامة شرشر

ثورة النساء على المرشد الإيراني

أسامة شرشر
07:36 م السبت 15 أكتوبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قامت شرطة الأخلاق الإيرانية– وهى بالتأكيد بلا أخلاق- بقتل الشهيدة الشابة «مهسا أمينى» بلا ذنب أو جناية، وكان تعامل الأجهزة الأمنية الإيرانية والحرس الثوري بشعًا، فقد تم ضربها على رأسها ودخلت المستشفى نتيجة ارتجاج في المخ وماتت هذه الشابة بفعل التعذيب.. وكانت هي مستصغر الشرر الذي قاد ثورة النساء والشعب.

كان موتها بداية الانطلاقة لثورة النساء في كل مدن وشوارع العاصمة طهران ثم كل محافظات إيران المختلفة، وبدا المشهد وكأنه نوع من محاولات الخلاص الشعبي من حكم الملالي؛ فاندلعت المظاهرات والاحتجاجات من كل فئات المجتمع الإيراني المسجون تحت وطأة المرجعية الشيعية وعلى خامنئي ورئيس إيران الجديد إبراهيم رئيسي الذي هو بلا صلاحيات أصلًا، فمجلس الملالي هو الذي يدير البلاد، والرئيس بحكومته وبرلمانه يسير فى فلك الوصاية والتعليمات من المرشد الأعلى الإيراني على طريقة المرشد العام الإخواني، وكلاهما عبارة عن فتنة مذهبية استغلت ورقة الدين سواء المذهب السني أو المذهب الشيعي لإحداث الفتن وتعذيب النساء وقتل العباد حتى الأطفال؛ فقد قُتل 18 طفلًا في الاحتجاجات الإيرانية الحالية.

لكن اللافت للنظر في ثورة النساء في إيران هو حالة التمرد والعصيان الديني، حيث خرجت النساء بصورة جماعية لأول مرة في مظاهرات حاشدة، أمام جبروت الحرس الثوري الذي يحكم بالحديد والنار منذ 1979 عندما ابتدع الخميني لعبة الحرس الثوري ليقوم بتفكيك الجيش النظامي، وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء سنتذكر ثورة الكاسيت، التي اندلعت في إيران، وجاء الخميني محمولًا على الأعناق من فرنسا إلى «قُم»؛ لتكون هذه الأحداث مهد الولاية الشيعية ومرجعية الملالي.

وأصبح بعدها السمع والطاعة والوصاية الدينية هي الحاكم في هذا البلد المستنير ولهذا الشعب الرائع العظيم الذي فوجئ بهذا الفكر الظلامي يحكمه ليحاصَر تحت وطأة الأفكار والمرجعيات التي جعلت من الدين وسيلة لوأد النساء وقتل الشباب واعتقال الإصلاحيين، بل امتد هذا الغزو الشيعي إلى بعض البلدان العربية، وأصبح الحرس الثوري هو الفاعل فيما يجري بالعراق واليمن وسوريا ولبنان، وكأن المذهب الشيعي يريد أن يفرض أحكامه ومعتقداته ورؤيته على هذه البلاد السنية.. ولا أنسى هذا المشهد الذي تناقلته الصحافة العالمية عندما تم ضرب أحمدي نجاد بالحذاء في الحسين عندما زار مصر، لأن المصريين يختلفون عن الشيعة في طريقة حبهم واحترامهم لآل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فهم يحبونهم حبًا فيه تسامح ورحمة ومحبة، بعيدًا عن العنف والقتل وكراهية الآخر.

وعودة إلى مظاهرات إيران، فبالرغم من حدة المظاهرات في شوارع طهران ومحافظات إيران المختلفة، توقفت أمام مشهد استثنائي وفريد؛ فلأول مرة قامت طالبات الجامعات وربات البيوت والموظفات معًا بـ(خلع الحجاب وحرقه)؛ ليس كراهية فى الحجاب بالطبع، ولكن تعبيرًا عن الغضب من مقتل الشهيدة مهسا أمينى، وهذا يعطى دلالة خطيرة بأن الشعب الإيراني استيقظ رغم وطأة اليد الحديدية لجهاز الحرس الثوري.. وشاهدنا فيديوهات ومانشيتات نقلتها الصحف الأجنبية عن المتظاهرين رددوا فيها (الموت للديكتاتور) و(خامنئي فاشل وحكومته باطلة).. وتوقفت أمام هذه الشعارات تحديدًا لأنها بداية النهاية لحكم المرشد الإيراني؛ لأن حالة الانفجار الشعبي بعد هذه القيود الظلامية جعلت الشعب بكل مفرداته وتكويناته يطلب الخلاص من هذا الحكم الاستبدادي.

وبعيدًا عن تدخل الحكومات وأجهزة الاستخبارات الأجنبية، خاصة الأمريكية في موضوع الإنترنت أو تحفيز المتظاهرين، فأعتقد أن الشعب الإيراني أكبر من هذا.. فحالة التمرد العام في المجتمع الإيراني جعلت النساء يقدن التظاهرات فى إيران.. وهذا يذكرني بانطلاقة المظاهرات في القاهرة إبان ثورة 2013 من أمام نقابة الصحفيين عندما هتفت إحدى المتظاهرات (يسقط يسقط حكم المرشد).. فما بين الثورتين ودور النساء في مصر وإيران، كان المرشدان هما الهدف، سواء خامنئي أو بديع وكأن الشعب الإيراني يبدع في خلع خامنئى.

فلذلك فإن ما يجرى في إيران هو بداية النهاية لهذا الحكم الذي فرض ولاية الفقيه على ولاية الإنسان الذي كرمه الله؛ فأصبح الفقيه الإيراني فوق المحاسبة والقانون ويمارس كل أنواع القتل والعنف والقهر والرذيلة تحت مسميات فقهية إيرانية خطيرة استمدوها كلها من الخميني عندما اعتبروا عودته إلى قُم (عودة الروح إلى الجسد).. وهذه كانت الأضحوكة والأكذوبة الكبرى في خداع الشعب، وكأن الدين «أفيونة» لهذا الشعب العظيم، حتى إن أحد أحفاد الخمينى نفسه تمرد عليهم نتيجة ما يُسمى بممارسة نوع من الدعارة الدينية والأخلاقية والإنسانية، وجاء مقتل الشهيدة مهسا أمينى ليكون آخر دليل على جبروت هذا الحكم الذي لا يرحم طفلًا ولا فتاة ولا أي إنسان مهما كان؛ تنفيذًا لتعليمات الولي الفقيه، وكأننا عدنا إلى العصر الحجري وزمن الكفار الذين كانوا يئدون النساء، ولكن ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، انقلبت أفعالهم عليهم بهذه الانتفاضة الشعبية وخاصة انتفاضة النساء في إيران التي أعتقد أنها ستحقق هدفها وستخلع العباءة الدينية وتنهى حكم المرجعيات الشيعية وما يسمى بولاية الفقيه.

وستعود الحياة إلى الشعب الإيراني بعد أن تقطعت فيه شرايين الإضاءة الروحية والإنسانية والأخلاقية لسنوات طويلة، لأن حلم الإمبراطورية الفارسية سقط في أول محك على يد نساء إيران والبقية تأتى.. خاصة بعد أن بلغ الفساد والإفساد حدًا كبيرًا تجاوز عصر الشاه الذي قام الخميني بثورة عليه بحجة الفساد، فصار خامنئى ورجاله أكثر فسادًا، بل الأسوأ هو استهداف التيار الإصلاحي وضربه ممثلًا في الرئيس الأسبق خاتمي.

وأتذكر أنه كان هناك لقاء مقرر لخاتمي مع الرئيس المصري الأسبق في منتدى دافوس، ولكن تم وأد هذا اللقاء من خلال المتشددين، وتم حصار التيار الإصلاحي المستنير في إيران.

سيتحرر الشعب الإيراني وبعض العواصم العربية التي تقع تحت وطأة الوصاية الإيرانية؛ لأنه إذا الشعب يومًا أراد الحياة في أي مكان أو أي زمان.. فلابد أن يستجيب القدر.

وعجبي.

إعلان

إعلان

إعلان