لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

متى تتعلم مصر درس حتا من دبي؟

أشرف جهاد

متى تتعلم مصر درس حتا من دبي؟

أشرف جهاد
07:00 م الخميس 17 نوفمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"كفانا إذن حديثا عن مزاينا ومناقبنا، فهي مؤكدة ومقررة وهي كفيلة بنفسها، ولنركز من الآن على عيوبنا، لننظر إلى عيوبنا في عيونها في مواجهة شجاعة، لا لننسحق بها ولكن لنسحقها! لا لنسيء إلى أنفسنا ولكن لنطهر أنفسنا"

جمال حمدان

صاحب شخصية مصر

**تأسيس أولي

ربما تحتاج شخصا ذكيا ليطور ويسوق لك منتجا موجودا بالفعل ويحتاجه الناس. لكنك بالتأكيد، تحتاج عبقريا ليسوق منتجا ليس موجودا بيدك الآن، ويحتاجه الناس.

1-حتا.. 2022

لمن لا يعرف حتا، فهي منطقة على حدود الإمارات وسلطنة عمان. مقسمة بين البلدين الخليجين، جزء تابع لإمارة دبي والثاني لعمان.

تشبه طبيعة المنطقة مدينة سانت كاترين المصرية، جبال وهضاب وأودية صغيرة، لكنها لا تملك أيا من كنوزها الدينية جبل الرب وموسى وجبل الدك، ودير سانت كاترين والشجرة المقدسة.

لا شيء كان بهذه المنطقة، سوى جبال وهضاب وأودية صغيرة. لكنها الآن منطقة سياحية خلابة تجذب عدد كبير من السياح الأجانب والعرب الراغبين في السياحة البيئية وقضاء عطلات في عزلة عن العالم.

تحولت المنطقة في شهور، من مجرد قرية صغيرة يمر عليها المتنقلون بين البلدين مرور الكرام، لوجهة لآلاف السياح والمواطنين من البلدين لقضاء عطلات ممتعة.

بات بها فندق ريفي جبلي بفئة الخمس نجوم، تحتضنه الجبال، ويزخر بالجمال الطبيعي من زرع وشجر في كل مكان، إلى ملاعب متنوعة وحمامي سباحة، وأقفاص الظباء.

ووسط الجبال، تقف الآن بحيرة ساحرة زرقاء لونها، مليئة بالمفاجآت، تبدأ بمرسى كبير للقوارب والكاياك. وفي أحد جنباتها مخيم على الطريقة الأمريكية عربات فان كبيرة، بكل واحدة حجرة نوم ومطبخ وسفرة، وحمام نظيف، وتصلها كافة المرافق عبر أنابيب من الأرض. البحيرة الصناعية التي وجدت خصيصا لإمتاع وجذب السياح، لا تبعد كثيرا عن كامبات وأماكن كثيرة للعب وممارسة المزيد من الأنشطة الممتعة مثل التسلق ورمي الأسهم والفأس والتزلج، في "حتا دوم بارك" أو "حتا داماني لودجز" و"حتا سدر تريلرز". وفي كل هذه الأماكن تذهلك الدقة، ومراعاة كل التفاصيل لإراحة الضيف: عوامل أمان العالية، النظافة الشديدة، المعاملة الراقية، الحرص على شرح كافة التفاصيل والتسويق لكل الأماكن.

وهكذا.. تحولت دبي من صناعة الجمال الصامت لصناعة الجمال المتجدد.

2-سانت كاترين.. 2018

صعودٌ إلى جبل الرب وموسى، والتفافٌ حول لجبل الدك. عروجٌ مقدس يكفي ليشعل قلوب الصاعدين، ينتهي بتجمعات على القمة للتغلب على البرودة انتظارا شروق الشمس من أعلى منطقة بسيناء. انتظار يقطعه تجمع لصلاة الفجر في مسجد جبل الرب، وحبائل ود وأهازيج وحديث وتعارف على أشخاص قدموا من بلاد عدة. ثم إفاضة ونزول يباغتك بكل جمال الطبيعة التي أخفاها الليل.

شخصيا، لا أتخيل ليلة أجمل، ولا مشهد سياحي أجمل من هذا المشهد. لكن كل هذا يعكره هنات صغيرة لكنها مهمة. لا أحد يشرح لك أو يدلك على المنطقة، تتحرك في قطيع ضخم وطابور يمتد لمئات الأمتار، ربما بصحبة دليل لكنه يهتم بالطريق أكثر من البشر، ولا يحكي لك عن المكان! لتبقى معالمه كنوزا غير مكتشفه لأغلب الزائرين.

لا حمام نظيف بالجبل من السفح للقمة، كل الاستراحات السبع ليست بها حمام نظيف. ليعكر ذلك وحده كل صفو الرحلة. وتبقى في الذاكرة المعاناة لقضاء الحاجة والاستحمام؟

أحيانا تسقط روعة الأماكن لأسباب تافهة، معاناة لا داع لها. رد سخيف من مضيف. عند تحضير وصفة مبهرة عليك أن تراعي كل التفاصيل، لأن فساد أصغرها سيحولها بلا شك لكابوس أو حلم عادي لا يتذكره أحد. عندما تسقط، أنت قطعا تمنح دفعة إضافية لمنافسيك. في السباقات، من يتأخر يترك ترتيبه للآخرين.

3-دبي بين 2010 و2022

مدينة عصرية، أبراج شاهقة، وشوارع كبيرة، وسيارات فارهة. كل شيء في دبي عام 2010 كان يحكي قصة إنجاز كبير لبلد تأسس قبل عشرات السنوات فقط، لكنها تبدو مدينة عصرية بلا روح، كعروس تزينت في أبهى صورة، لكنها تبدو غريبة حتى عن نفسها.

حينها كانت جهود محمد بن راشد منصبة على أمر أساسي، حدده في الجزء الأول من كتابه رؤيتي وهو جزء "نبض التنمية" والذي حمل فصله الأول "الأسد والغزال"، فكتب يصف حال دبي حينها: مع إطلالة كل صباح في أفريقيا يستيقظ الغزال مدركا أن عليه أن يتسابق مع أسرع الأسود عدوا وإلا كان مصيره الهلاك. ومع إطلالة كل صباح في إفريقيا يستيقظ الأسد مدركا أن عليه أن يعدو أسرع من أبطأ غزال وإلا أهلكه الجوع. لا يهم إن كنت أسدا أو غزالا فمع إشراقة كل صباح يتعين عليك أن تعدو أسرع من غيرك حتى تحقق النجاح.

الآن، في 2022، لم تعد دبي في نفس السباق بنفس المعطيات، انتقلت المنافسة لتكون وفق معايير الجزء الرابع من الكتاب نفسه جزء "الامتياز في التنمية" وباتت الإمارة مهتمة بـ"مأسسة الامتياز" والتي قال عنها بن راشد في رؤيته: الامتياز في التنمية بالنسبة لنا مفهوم حضاري متكامل وعملية بناء رأسية وأفقية للمجتمع المعني بها.. لكي نحقق الامتياز في الوطن العربي يجب أن تكون جميع عناصر التنمية متميزة الرؤية والأهداف والقيادة والأفكار والإدارة وفريق العمل والتخطيط والمعايير والتدريب والتأهيل والمشاريع والتنفيذ والتسويق والتوجه والإنتاجية والاستمرارية والمرونة ومعظم العناصر الأخرى المتصلة بها.

لم يعد امتلاك أول وأكبر وأضخم مبنى أو حديقة أو معرض، هو معيار النجاح الوحيد في دبي، لكن بات الامتياز في كل ما يصنع هو النجاح.

بات الاهتمام بالتفاصيل، شغف الإمارة، وباتت المدينة أجمل، افتتحت عدة مشاريع تظهر جمالها من The view إلى sky view وحتى مشاريع التخضير التي غيرت معالم عروس الصحراء إلى عروس خضراء. وبات الاهتمام بالإبهار حاضرا ومتجددا في كل مكان.

وهكذا تحولت دبي من صناعة جمال المرة الواحدة لصناعة الجمال الدائم، حتى وإن كان لتسويق الجمال الأولي.

تأسيس ثان

"الإنسان الذكي هو الذي يتعلم من كل شيء ومن كل أحد، والإنسان العادي يتعلم من تجاربه، أما الغبي فهو الذي يدّعي أنه يعرف كل شيء أحسن من غيره".. هكذا قرأ سقراط البشر منذ القدم.

إعلان

إعلان

إعلان