لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

اختبار قوة يحرج الجميع

محمد حسن الألفي

اختبار قوة يحرج الجميع

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 15 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بعد مفاوضات دامت لثلاث ساعات بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ، والمستشار الألماني أولاف شولتس ، فى زيارته الأولى لموسكو، عقد الزعيمان مؤتمرا صحفيا مطولا ، تخللته ، لأول مرة ابتسامة متبادلة بين الرجلين قرب نهاية المؤتمر . لم تأت الابتسامة ، وما احوج العالم إليها فى هذه اللحظات ، من فراغ ، بل كانت تعبيرا عن ضوء خافت وسط ظلمة التعقيدات العسكرية والدبلوماسية التى وضعت كل الأطراف عبر الأطلنطى والهادى ، فى محنة اختبار قوة ، ترغب جميعها فى الخروج منه بتوازن ، لأن البديل : المكاسب صفر!

بدأ اليوم ، الثلاثاء ، السابق على الغد الذى اعتبرته امريكا وبريطانيا موعدا لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا ، بدأ بقرار من بوتن بسحب جزئي للقوات الروسية من على الحدود مع اوكرانيا فى منطقتى الجنوب والغرب ، وهو ما اعتبرته الاوساط المعنية تراجعا يمنح بارقة امل . تعزز التفاؤل الحذر اليوم ، الثلاثاء ، باللقاء بين برلين وموسكوبزيارة شولتس ، وفيما يبدو فإن بوتن ربما منح الأخيرفرصة دبلوماسية يعزز بها دوره كمستشار بعد انجيلا ميركل الاسطورة الالمانية. وسطية الدور الالماني والمصالح الاستثمارية الهائلة بين البلدين واعتماد ألمانيا على الغاز الروسي ، سمح لبرلين بأداء ناجح فى المباحثات . لكن هل طرأ تغيير جوهرى ؟. كان تصريح شولتس بأن الناتو والدول الأوربية هما دعامة للأمن فى أوروبا مع روسيا وليس ضدها ، اشارة ذكية ، تلقاها بوتن بارتياح ، لكنها دخلت فى حسابات ذاكرته بالشكوك ، كما دخلت من قبل وعود واشنطن بعدم توسع الناتو شرقي اوروبا عقب تفكيك الاتحاد السوفيتي ، وتكالب الغرب علي استمالة الجمهوريات المارقة منه، وهو ما وصفه بوتن بخداع الغرب لموسكو. من أجل هذا قال بوتن أن من المهم اليوم حل مشكلة ضم اوكرانيا للناتو ، لأن روسيا سوف تبنى كل تحركاتها التالية وفقا لتطورات الموقف على الأرض . بعبارة اخرى ،فإنه لم يغلق الباب أمام نفسه والأخرين لاتخاذ ما يلزم لحفظ الأمن القومى الروسى ، وكان قراره بالسحب الجزئي للقوات اشارة تفاوض ، لم يحسن الغرب استقبالها بالقدر الكافى . هذه عادة الغرب . تمنح اصبعك يطلب كفك . فذراعك فكلك !

ومع تأكيدات واشنطن بأنها لن ترسل قوات قتالية للحرب فى أوروبا ، تبدو التناقضات صارخة فى الرسائل الواردة من هناك . كيف يمكنهم الحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال أوكرانيا ، بينما يمتنعون عن التدخل ؟ واذا تدخلوا فإن الخسائر الفادحة الكاسحة بسبب هذا التدخل سوف تضرب الضارب والمضروب معا بأشد ما يمكن تصوره من معاول الهدم والخراب..

اخطر ما قاله بوتن : روسيا سوف تتصرف وفقازلما تمليه تطورات الموقف ... لكننا نريد الاتفاق مع الشركاء. ولاحظ استخدام لفظ الشركاء ... ليترك الباب مواربا للمفاوضات التى تجرى عبر قنوات موازية بين اجهزة الطرفين .

لقد تورطت كل الأطراف فى اختبار قوة قاس ، لم تتحسب لمضاعفاته ، وفى المناورات العسكرية ، فإنك تعلم البداية والوسط والنهاية ، الأهداف والادوات ومسرح العمليات ، لكنك فى المناروة بالسياسة والقوة معا ، فى مسرح مفتوح محمل بطموحات وتصورات كل المشاركين ، فإن المضاعفات لن تبدو تحت السيطرة، ازاء اغراءات القوة ، وحسابات الثأر التاريخي ، على الاكثر لدى موسكو ، والرغبة فى انهاء أحادية القوة الأمريكية.

اليوم ، الثلاثاء، ادرك الجميع أنها مناورة خاسرة النتائج ، ومن ثم سوف يشرعون فى البحث عن مخرج يحفظ كرامتهم الوطنية والدولية جميعا .... باب الرحمة للجميع يبدأ بالاعتراف بالمخاوف الامنية الروسية والاستجابة لها ولتهنأ أوكرانيا بضمانات قروض بمليار دولار قدمتها واشنطن لكييف ...

لكن هل انتهت المناورة بعد ؟ ... ربما فى الكواليس .. أشباح خفية.

إعلان

إعلان

إعلان