- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في صيف 2018 توقفت في إحدى القرى بولاية أسام الهندية سيارة تحمل شابين غريبين عن القرية. كان الشابان عائدين من زيارة إلى منطقة قريبة، وقررا التوقف في القرية ليسألا عن الطريق.
لكن رد فعل الأهالي كان مفاجئاً...
انتزعوا الشابين من السيارة وانهالوا عليهما ضرباً بوحشية... تضرج الطريق بدماء الشابين، ولكن ذلك لم يمنع عشرات المتجمهرين من الاستمرار في ضربهما حتى لفظا أنفاسهما!
لا ندري إن كان الشابان قد استوعبا ما يجري قبل أن يسلما الروح، ولكن تبين للسلطات بعد ذلك أن شائعة كانت تسري في القرية خلال الأيام السابقة، مفادها أن هناك عصابة لخطف الأطفال تنشط في المنطقة، وأن الشائعة انتشرت على تطبيق واتساب مصحوبة بمقطع فيديو يظهر شابين على دراجة بخارية يقومان بخطف طفل من الطريق، وقد ظن الأهالي أن الشابين اللذين توقفا للسؤال عن الطريق هما الشابان اللذان ظهرا في فيديو الاختطاف.
المفجع أن الفيديو في الواقع لم يكن لعملية اختطاف حقيقية، وإنما كان مشهداً تمثيلياً كجزء من حملة توعية في باكستان، تم قص المشهد الأخير منه في المقطع المتداول على واتساب، فظهر وكأنه مشهد حقيقي (يمكن مشاهدة الفيديو كاملاً على هذا الرابط).
طرح هذا الحادث – وحوادث أخرى مشابهة تكررت خلال السنوات التالية – على الهنود ضرورة البحث عن حل للمعضلة التي تواجههم، كما تواجه العالم بأسره: كيف يمكن مواجهة الأخبار الكاذبة والمحتوى الضار الذي ينتشر أحياناً من خلال منصات التواصل الاجتماعي؟
.........................
خلال الأسبوع الماضي، نشرت الحكومة الهندية مسودة قرار خاص بمواقع التواصل الاجتماعي، سيمثل لو تم تنفيذه سابقة هي الأولى حول العالم، وستكون له تداعياته التي قد تمسّنا جميعاً.
في الوضع الحالي، كما يعرف أي مستخدم لفيسبوك مثلاً، من حقك أن تشتكي من أي مشاركة (بوست) تراها مخالفة، ولكن قبول شكواك أو رفضها أمر يقرره فيسبوك وحده، وكذلك الأمر لو أنك اعترضت على قيام فيسبوك بحذف إحدى مشاركاتك، فالموقع وحده هو من يملك قرار قبول اعتراضك أو رفضه.
لكن القرار الذي نشرت الحكومة الهندية الآن مسودته سيغير هذه المعادلة لو دخل حيز التنفيذ.
فوفقاً لمسودة القرار، سيتم إنشاء لجنة من قبل الحكومة يكون لها أن تراجع تلك المواقع فيما اتخذته من قرارات إزاء شكاوى المستخدمين، وأن تفرض عليها تغيير تلك القرارات لو رأت ذلك... بمعنى آخر، فإن المسودة تنتزع من مواقع التواصل الاجتماعي صلاحية اتخاذ القرار النهائي بشأن ما يبقى وما يتم حذفه من محتوى، وتمنح هذه الصلاحية إلى لجنة حكومية.
إن هذا القرار هو الحلقة الأخيرة من سلسلة إجراءات سابقة اتخذتها الحكومة الهندية لفرض قدر أكبر من رقابة الدولة على مواقع التواصل. فالعام الماضي أصدرت نيودلهي مجموعة من القواعد التي يجب على مواقع التواصل الالتزام بها، وإلا صارت مهددة بعقوبات مالية ضخمة وصار موظفوها في الهند معرضين للمساءلة الجنائية واحتمال الحبس. ومن أهم تلك القواعد:
- إلزام مواقع الرسائل المباشرة (مثل واتساب) في بعض الحالات بالكشف عن هوية المرسل الأول لرسالة ما إذا طلبت منها السلطات ذلك.
- إلزام مواقع التواصل بحذف أي مشاركة مخالفة للقانون في مجالات محددة خلال 36 ساعة من تلقيها إخطاراً بذلك من قبل محكمة أو سلطة حكومية.
- إلزام مواقع التواصل بتعيين موظفين مقيمين في الهند مهمتهم تلقي شكاوى المستخدمين والفصل فيها خلال مدة أقصاها 15 يوما (أو 24 ساعة في حالات خاصة) وكذلك تلقي إخطارات السلطات الهندية والتعامل معها.
- نشر تقرير شهري عما تلقته المواقع من شكاوى المستخدمين في الهند وماذا تم في كل شكوى.
بطبيعة الحال أبدى عدد من شركات التواصل الاجتماعي تحفظه على هذه القيود المفروضة، وقام برفع دعاوى لا تزال المحاكم الهندية تنظرها لوقف تنفيذ بعض البنود. ولكن الهند ذات الـ1.4 مليار نسمة تمثل سوقاً هائلة لشركات الإنترنت العالمية (هي أكبر سوق لفيسبوك حول العالم من حيث عدد المستخدمين على سبيل المثال)، وعلى مدى العقد الماضي فتحت تلك الشركات مقرات في الهند وضخت استثمارات ضخمة، مما يمنح نيودلهي نفوذاً وسطوة يسمحان لها بالمُضي قدما في مشروعها لزيادة سيطرتها على مواقع التواصل، كما تشي بذلك تصريحات مسؤوليها وكما يتضح من مسودة القرار الأخير.
غير أن شركات الإنترنت العملاقة ليست الطرف الوحيد المنزعج من توجه نيودلهي، فهناك مخاوف كذلك من أن يكون رفع شعار رقابة "الدولة" على مواقع التواصل هو غطاء لإسكات الأصوات المعارضة أو المنتقدة. فالهند من أكثر دول العالم التي تتعرض فيها شركتا تويتر وميتا -المالكة لفيسبوك وانستجرام- إلى طلبات حكومية بإزالة محتوى (اقرأ من المصدر)، وفي العام الماضي مثلا فرضت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي على تويتر حجب عشرات التغريدات في الهند أثناء الموجة الثانية من كوفيد (اقرأ من المصدر) والتي سجلت البلاد خلالها أعلى معدلات الإصابة حول العالم، وسط انتقادات لتعامل الحكومة مع الأزمة وشكاوى من نقص في التجهيزات الطبية ومعدلات التطعيم.
بل إن كوادر وأنصار الحزب الحاكم (بهاراتيا جاناتا) أنفسهم ليسوا بريئين من إساءة استغلال مواقع التواصل أحيانا، وفي إحدى تلك المرات وضع تويتر تنويهاً على تغريدات لبعض مسؤولي الحزب الحاكم يشير إلى أنها تحتوي معلومات مغلوطة ضد خصومهم من حزب المؤتمر، وبعدها بأيام تلقى مقر شركة تويتر في الهند زيارة غير مسبوقة من الشرطة، فيما اعتبر تهديداً حكومياً شبه صريح.
.........................
تطرح تجربة نيودلهي أموراً تتجاوز تداعياتها حدود الهند...
فلقد دأبت شركات التواصل الاجتماعي الكبرى منذ نشأتها على التأكيد على أن نموذجها الاقتصادي مبني على مبدأ حرية التعبير، فما يجذب المستخدمين لها هو أنها تمنحهم مساحة واسعة للتعبير عن أنفسهم بعيداً عن القيود المفروضة على ساحات الخطاب العام الأخرى... لكن التجربة الهندية - وبدرجة ما تجارب تجري كذلك في دول أخرى مثل ألمانيا وتركيا – تضع هذا الحافز الاقتصادي للدفاع عن أقصى الدرجات الممكنة لحرية التعبير في صدام مع حافز اقتصادي آخر هو الحفاظ على أعمال تلك الشركات ومصالحها في الدولة، لا سيما عندما تكون هذه الدولة زبوناً من العيار الثقيل لا يمكن تجاهل مطالبه بسهولة.
والسؤال المطروح هو ما إذا كان هذا الصدام بين الحافزين يؤدي إلى إعادة صياغة للنموذج الاقتصادي لمواقع التواصل الاجتماعي يسمح لها أن تحتفظ بقدرتها على جذب المستخدمين مع الإبقاء على الزبون الحكومي راضياً؟ إجابة هذا السؤال في الهند وما تسفر عنه من إعادة رسم العلاقة بين كبرى مواقع التواصل والحكومة، قد يشكلان سابقة مرشحة للتكرار في أماكن أخرى حول العالم.
إعلان