لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كرة القدم التي دوماً "أجوان".. "قصة قصيرة"

د.هشام عطية عبد المقصود

كرة القدم التي دوماً "أجوان".. "قصة قصيرة"

د. هشام عطية عبد المقصود
07:00 م الجمعة 03 يونيو 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قال محدثاً نفسه: حقاً، قالها بلا اكتراث، كأنه يؤكد شيئاً يعرفه يقيناً، أحسّ هكذا بأنه يحادث نفسه بصوت مسموع وأن الشخص الذي يقود سيارته إلى جواره في الطريق المتسع سيتعجب تماما لو تناهى إليه ما يفكر فيه أو استمع إلى بعض من ذلك الديالوج والذي يجري ككرة زجاجية صغيرة تصنع ضجيجها بينما تجري في دوائر رأسه.

أنقذه من كل ذلك إعلانات الطريق عن برامج تحليل مباريات كرة القدم، فتذكر أن موعد المباراة المهمة قد أوشك أن يحين، فكر أن عليه التوجه فورا نحو منزله ليشاهد "الماتش" المنتظر والذي سيحدد من هو ثانياً وثالثاً في قائمة الدوري، نظر لصورة الإعلان الضخم أعلى جانب الطريق، وجده متضمناً صور وأسماء عدد من المحللين الرياضيين موزعة على مساحة الإعلان وفق ما حققه كل منهم من شهرة وإقبال جماهيري، قال: كم هو رائع أن تتابع شغوفاً رياضة كرة القدم التي تحبها وهي تمضي تمريراً أو ركلاً قوياً بين الأرجل على المستطيل الأخضر الذي ارتضته قوانين الكرة ملعباً فوحدته، وأن تتابع تعليقاً ومناقشة وأحياناً حماساً تنقل الكاميرات بين الملاعب المختلفة، تحلل ما رآه كل الناس على الشاشات أثناء المباريات لكنهم يظلون في انتظار ذلك لسبب ممتع عفوي ما، وحيث يحدث فارق هام حين تقترب الكاميرا بالزوم مركزاً قريباً فتسمع تعليقاً حماسياً يقول بيقين إنها "الكرة" لم تكن هدفاً مثلاً بل كانت أوفسايد، وأن الحكم الذي يجري هنا وهناك ربما لم يتابع جيدا خط الملعب، تخيل كم سيؤثر ذلك في ملايين المشاهدين المتحفزين، ثم تمضي وقتا مثيرا تسمع تعليقات تحلل أخطاء المدرب المهزوم وتصنع تشكيلا- على الورق- كان يمكنه دوماً الفوز لو جاء كما ذكروا وقرر فريق الخبراء والمحللين ذلك.

كان وجه "الكباتن" يمنحه هدوءاً طيباً وتذكيراً بمنافسات الدوري حين يراه كل يوم في إعلانات موعد المباريات على الشاشات، يبتسم دوما وجههم في أناقة حين يطلون من لافتات الطرق فيمنحون إحساساً بطمأنينة الوقت، ويعترف بأنهم كانوا سبباً مهماً في تحولاته وفلسفته بشأن الضروري والزائد في الحياة، صورهم المطلة من لافتات الإعلانات وعبر الشاشات مبتسمة تذكره دوماً بجدول الدوري "وماتش النهارده" والذي يجدر أن يسرع أكثر ليلحق به، يتخيل ماذا سيقول الأصدقاء الكثر اليوم- ربما سيكون الشيء نفسه- بعد مباراة فريقه المفضل، يبتسم حين يتصور كم التعليقات الودودة المرحة لو حقق فريقه التعادل أو خرج مهزوما.

سيأخذه الشغف للاستماع ومتابعة وجهة نظر الخبراء الكرويين حين يمعنون في سرد التفاصيل واسترجاع التواريخ والحالات بشأن دور هذا اللاعب أو ذاك ومسؤولية لجنة الحكام وما يمكن للنادي أن يفعله بعد تغيير مدربه وبشروط دقيقة يحددونها في صرامة كتاب تعليم كلاسيكي، صور الكباتن على لافتات برامج الطرق هي ديوان الفائزين بالدوري والكأس عبر السنوات، مؤكد أيضا أنهم يبثون واعين تلك الروح الرياضية التي يتحدثون دائما عنها ويطبقونها، فهم لا يتحيزون لفريق ما ويؤكدون في حديثهم أنهم يتناسون دوماً لون الفانلة واسم النادي ونصدقهم، وحين يبدأ برنامجهم مثلا نجد محللين أو خبيرين من الزمالك مثلاً ثم يزنون الجانب الآخر بمثيليهما من الأهلي، ويظل المحاور ومقدم البرنامج يوزع عليهم جميعاً الأسئلة، ومتعاملاً مع المداخلات عند تلك المنطقة الدافئة- كما يصفون أندية وسط الدوري- التي هي خط المنتصف بين أهلي وزمالك.

بعض من هؤلاء الكباتن يعلمنا حقوق الملكية الفكرية والثبات عليها إذ حين يمضي أحدهم من شاشة كان يذاع عليها برنامجه لشاشة أخرى لا ينسى أن يضيف كلمة أو حرف جر فيغير الاسم القديم، ثم ها هم يعيدون تذكيرنا بكرة قدم أيام زمان، فيتدخلون دوماً لتهدئة وتيرة مشاجرات ونزاعات رياضية، حتي لتقربهم كثيراً من مقولات رأيناها وكانت تحملها جدران مدرستنا الابتدائية: الروح الرياضة أن تفرح عند الفوز ولا تحزن عند الهزيمة، كان يتذكر كل ذلك وهو يسرع طائعاً شغوفاً في طريق اللحاق بالمباراة التي ربما كانت قد بدأت بينما يُمنّي نفسه بمساء طيب هادئ.

إعلان

إعلان

إعلان