لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سريِة معلومات المرضى .. أمن قومى

إبراهيم علي

سريِة معلومات المرضى .. أمن قومى

إبراهيم علي
07:40 م السبت 27 أغسطس 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أصبح مبدأ السرية وعدم الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالعملاء أحد أهم المعايير التي يتم على أساسها المفاضلة بين مؤسسة وأخرى ... ليس في مصر وحدها ولكن في كل دول العالم، الأمر الذي جعل كل المؤسسات تدخل في سباق ومنافسة فيما بينها على رفع كفاءة ( قواعد الخصوصية ) ونظام حماية المعلومات الخاصة بجمهور المتعاملين معهم .

تقوم تلك المؤسسات بالتحديث الدائم لأنظمة الحماية التي تشمل نظم حماية التشغيل وأنظمة حماية البرامج والتطبيقات وقواعد البيانات، وكذلك أنظمة حماية الدخول على قواعد البيانات والاطلاع عليها وحفظها وتخزينها، وتتخذ كافة الإجراءات التي تكفل أن يكون التعامل مع تلك البيانات والمعلومات محاطاً بالسرية التامة لمنع كشفها أو استخدامها بشكل غير مسموح به.

سرية المعلومات أصبح من الضروريات بل ومن المُسلمات، كما أن تلك المعلومات هى ملك لأصحابها فقط، ولا يحق لأى مؤسسة الافصاح عنها أو توظيفها لتحقيق أهداف ومصالح تجارية أو غير ذلك إلا بأمر قضائي.

إذا كانت سرية معلومات العملاء بكافة أنواعها بمثابة خط أحمر لا يجب تجاوزه ... فإن سرية معلومات المرضى بشكل عام وفي مصر بشكل خاص تعتبر أكثر أهمية وخطورة، ويحب أن يسبقها "ألف خط أحمر" فهي معلومات شديدة الخصوصية بل وشديدة الخطورة، والأكثر من ذلك فإنها تعتبر أحد عناصر ومكونات الأمن القومي للبلاد بمفهومه الشامل.

القطاع الطيب في مصر ينقسم إلى قطاع حكومي، وآخر خاص، ويتنوع القطاع الطبي الخاص ما بين مستشفيات استثمارية ومراكز طبية متخصصة وشاملة ومعامل تحاليل و مراكز أشعه..إلخ.

ما يهمنا هنا هو سرية المعلومات للمرضى المتعاملين مع القطاع الطبي الخاص الذي يعمل منذ عقود طويلة وتكونت وتراكمت لديه معلومات هائلة عن ملايين المرضى ... نأخذ من هذا القطاع – على سبيل المثال لا الحصر – سلسلة معامل تحاليل شهيرة، فتحت أبوابها قبل 43 سنة، تملك المئات من الفروع في مختلف محافظات الجمهورية ،وأصبح لديها قاعدة بيانات ضخمة عن عشرات الملايين من المرضى المصريين، وقبل عدة سنوات أعلنت عن إندماجها مع سلسلة معامل شهيرة أخرى باستثمارات خارجية!

أسئله مشروعة تطرح نفسها بقوة -لا نسعى من ورائها لتوجيه اتهامات أو تشكيك - لكنها تظل أسئلة تبحث عن إجابات وافية، وهي: ماذا تفعل هذه المعامل بتلك المعلومات التي أصبحت بين أيديها ؟ هل تطبق قواعد عدم الإفصاح ؟ هل تتبع نظما حديثة تضمن عدم تسرب تلك المعلومات وتحميها من أى عمليات تسلل غير مشروعة من جانب العاملين لديها أو أى عمليات " قرصنة إلكترونية " من خارجها ؟ هل تتشارك تلك المعلومات مع جهات أخرى لتحقيق مصالح؟!

قانون تنظيم المنشآت الطبية رقم 51 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2004 لم يتعرض لسرية المعلومات ، فقط نصت المادة ( 10 ) من القانون المُعدل على أن:( تلتزم كل منشأة طبية بلائحة آداب المهن الطبية ....... إلخ )

على الجانب الآخر نصت لائحة آداب المهن الطبية الصادرة بالقرار الوزارى رقم 238 لسنة 2013 فى الباب الثالث منها تحت عنوان "واجبات الطبيب نحو المرضى" على أن: ( لايجوز للطبيب إفشاء أسرار مريضه التى إطلع عليها بحكم مهنته إلا إذا كان ذلك بناء على قرار قضائي ... إلخ )

وهذه هى "الشعرة" التي تربط المنظومة التشريعية الصحية بسرية معلومات المرضى !!

بالطبع هو أمر غير كافٍ تماماً خاصة أن قواعد بيانات ومعلومات المرضى غالبا ما تكون في أيدي عاملين من خارج المهن الطبية !!

مفاد هذا أن معلومات عشرات الملايين من المرضى بين أيدي مستثمرى القطاع الطبي الخاص، دون رقابة كافية أو حماية واجبة !!

إن سرية معلومات المرضى وما تتضمنه من بيانات دقيقة عن انواع الامراض ومعدلات الإصابة بها بين أبناء الوطن بمثابة أمن قومى ، لابد وأن تعمل كل أجهزة الدولة – كل فيما يخصه – على صونها وحمايتها ، وتضع التشريعات اللازمة لذلك ، وتوفر آليات الرقابة والمتابعة والتفتيش للتأكد من عدم إساءة استغلالها من جانب من لا يريدون الخير لمصر، خاصة أنها في الوقت نفسه تمثل كنزاً ضخماً لشركات الأدوية ومستثمري القطاع الطبي الخاص .... والحديث بقية.

إعلان

إعلان

إعلان