لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عربية الخليج!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

عربية الخليج!

سليمان جودة
08:48 م الأحد 15 يناير 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

استدعت الخارجية الايرانية السفير العراقي في طهران، واحتجت لديه على ما حدث في بطولة "خليجي ٢٥" الرياضية، التي تقام في مدينة البصرة العراقية في الفترة من ٦ إلى ١٩ من هذا الشهر.

وكان السبب أن محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، تحدث عن "الخليج العربي" وهو يتكلم في يوم إطلاق البطولة، وما كاد يفعل ذلك حتى قامت القيامة في إيران.

فلا تزال ايران تتصور الخليج خليجاً فارسياً، ولا تزال ترى أن العرب إذا تكلموا عنه فلا بد أن يفعلوا ذلك باعتباره الخليج الفارسي، لا الخليج العربي .. ومما قاله حسين أمير عبداللهيان، وزير الخارجية الإيراني، وهو يتعرض للموضوع، أن هذا الأمر يمثل حساسية خاصة لدى الإيرانيين.

ومما قاله الوزير الايراني أيضاً، أن رئيس الوزراء العراقي صحح الموضوع، وأنه تجنّب ذكر كلمة العربي في مسمى الخليج، عندما عاد ليتحدث في شأن البطولة من جديد.

والغريب أن طهران لم تحتج على ما فعله الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر، الذي لما رحب بالمشاركين في البطولة من دول الخليج الست، لم يتكلم عن عربية الخليج وفقط، ولكنه وضع عبارة الخليج العربي بين هلالين !!.. وقد فعل ذلك وكأنه يغيظ حكومة المرشد علي خامئني في إيران، أو كأنه يقول إن الخليج عربي مهما قالت الحكومة في طهران.

وليس هذا غريباً من الصدر على كل حال، ففي مرات سابقة كثيرة كان يقدم عراقيته على ما سواها ، ولم يكن يقدم شيعيته على انتمائه إلى التراب العراقي ، وكان يقول ذلك علانيةً ولم يكن يخفيه، وكان هذا التوجه من جانبه مما يظل يذكره له العراقيون.

ولم يكن ذلك على سبيل الرغبة في افتعال مشكلة مع الإيرانيين، ولكنه كان يقوله عن رغبة في تسمية الأشياء بمسمياتها، وعن إيمان بأن وصف الخليج بأنه عربي هو نوع من الحديث عن واقع قائم، لأن الضفة الغربية من الخليج كلها عربية، ولأن ايران حتى ولو كانت تقع على ضفته الشرقية، فالاقليم الايراني الذي يمتد بمحاذاة هذه الضفة يسكنه عرب.

وإذا كان في هذه القضية على بعضها شيء لافت، فهذا الشيء هو أن مشكلة حكم المرشد مع العرب عموماً، ومع الخليج خصوصاً، منذ أن جاء في ايران ١٩٧٩ ، ليست مشكلة تتعلق بشيعة وسنة، كما تصورها لنا حكومة المرشد الحالية، ولكنها مشكلة فرس مع عرب في الأساس.

هذا هو الأصل في الموضوع كله، وهذا هو ما يقوله العقل الباطن لدى حكومات المرشد المتعاقبة من أيام الخميني إلى اليوم، وليست حكاية الشيعة والسنة سوى غطاء للقضية الأصل.

نعرف أنه يحدث أحياناً أن ينطق الشخص بكلمة أو عبارة، فتكشف العبارة عما يجاهد ليداريه في داخله، ولا يختلف استدعاء السفير العراقي في العاصمة الايرانية عن ذلك، وربما يكون وجه الاختلاف الوحيد أننا في الحالة الأولى نجد أنفسنا إزاء فرد، ولكننا في الثانية نتحدث عن دولة وعن عقلها الباطن.

وليست حكومات المرشد المتعاقبة مدعوة إلى شيء، إلا إلى ادراك أن التعلق بخيالات الامبراطورية الفارسية القديمة في هذا العصر، هو أمر يصطدم بطبيعة العصر وخصائصه، وهو أمر يستنزف الايرانيين قبل أن يستنزف الشعوب العربية التي تمارس معها ايران ما تتصوره إحياءً لامبراطورية انقضت ومضت أيامها.

إعلان

إعلان

إعلان