لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

 هذه النائحة المستأجرة

الكاتب الصحفي سليمان جودة

هذه النائحة المستأجرة

سليمان جودة
07:19 م الأحد 29 يناير 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نفت أوليفيا روامبا، وزيرة خارجية بوركينا فاسو، وجود أي علاقة من أي نوع بين بلادها، وبين مجموعة فاجنر الروسية الشهيرة . . وكانت الوزيرة تستقبل مبعوثاً خاصاً لجمهورية التشيك، فاستغلت اللقاء الذي جرى في الرابع والعشرين من يناير، لتنفي وجود أي علاقة مع فاجنر بشكل قاطع.

وهذا النفي لا يأتي من فراغ، ولكنه يستند إلى خلفيتين، لا بد أن نكون على دراية بهما لنتعرف على بعض من أبعاد ما يدور حولنا.

الخلفية الأولى هي ما يقال ويتردد منذ فترة عن نشاط قتالي لعناصر من تلك المجموعة الروسية في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية .. وهي منطقة تمتد من تشاد في شرق القارة السمراء، ثم تمر بالنيجر، ومعها مالي، وصولاً في النهاية إلى موريتانيا وبوركينا فاسو في غرب القارة.

وهذا النشاط ليس جديداً، ولكنه قائم ومستمر من سنوات، وقد وصل إلى ليبيا نفسها فيما نتابع من تطورات وأحدث في المنطقة.

ولا يزال المهتمون بالشأن الليبي، والحريصون على استقرار بلد العقيد القذافي، يقولون إن استقرار هذا البلد لا يمكن أن يتم إلا بخروج كل الميليشيات والعناصر الأجنبية، وفي المقدمة منها عناصر فاجنر التي تقاتل بالأجر وبالثمن.

ولا تزال العاصمة موسكو تقول وتؤكد في كل مناسبة أن مجموعة فاجنر هي مجموعة خاصة لا علاقة لها بالحكومة الروسية.

أما أنها مجموعة خاصة فهذه حقيقة، وأما أنها لا علاقة لها بالحكومة الروسية فهذا غير صحيح، لأن هذه الحكومة نفسها استعانت بفاجنر في القتال في سوريا، ثم عادت تستعين بها في الحرب الروسية على أوكرانيا .. وليس سراً أن جزءاً من النصر النسبي الروسي الذي تحقق في هذه الحرب مؤخراً، إنما يرجع إلى وجوده عناصر في ميدان القتال تتبع هذه المجموعة بالذات.

وكان لافتاً أن ما استطاعت عناصر فاجنر تحقيقه من اختراقات في ميدان عمليات الحرب الروسية على أوكرانيا، لم يستطع الجيش الروسي نفسه تحقيق شيء منها، وهذا مفهوم بالطبع ، لأن مجموعة من نوعية فاجنر إنما يقاتل عناصرها في الميدان متحللين من كل ما يمكن أن يقيد حركة جيش نظامي مثل الجيش الروسي.

أما الخلفية الثانية فهي أن ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كانت قد أعلنت مجموعة فاجنر : "جماعة إجرامية عابرة للحدود" .. وقد سارع رئيس المجموعة بمجرد الإعلان عن ذلك إلى التساؤل عما فعلته مجموعته لتعلنها الولايات المتحدة الأمريكية جماعة إجرامية.

يتساءل وكأنه لا يعرف.. وهو طبعاً يعرف أن مجموعته ترتكب ما لم ترتكبه مجموعة سابقة عليها في عالمنا المعاصر، ويعرف أن وجودها في ليبيا على سبيل المثال في مقدمة الأسباب التي تعطل استقرار الأراضي الليبية، وتجعلها نهباً لعدم الاستقرار.

والأمل أن يؤدي هذا التصنيف الأمريكي للمجموعة إلى إقلاعها عن القتال بالأجر.. فالقتال من هذا النوع من جانبها من شأنه ألا يلتزم بما تلتزم به الجيوش النظامية في العادة من قواعد يعرفها القانون الدولي ويعاقب على عدم الالتزام بها .. ومثل هذا التحلل من القواعد المستقرة على جبهات القتال، إنما يؤدي إلى ارتكاب فظائع وبشائع على الجبهات، ويجعل عناصر هذه المجموعة لا ترى فرقاً بين أن يكون القتال في سوريا، أو يكون في أوكرانيا، أو يكون حتى في المريخ.

القاتل بالأجر كالنائحة المستأجرة التي تنوح على الموتى، والتي لا يهمها في كثير ولا قليل أن يكون هؤلاء الموتى من بين بني آدم الذين كرمتهم السماء، ولا يهمها اسم الفقيد، ولا لونه، ولا صورته، ولا شيء من كل هذا، ولكن يهمها ما سوف تتقاضاه من مال !

إعلان

إعلان

إعلان