لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الحكومة لا تُخطِئ !!

إبراهيم علي

الحكومة لا تُخطِئ !!

إبراهيم علي
07:26 م الجمعة 06 يناير 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

شاهدت قبل ساعات مقطعاً لفيديو قصير كوميدي ساخر، فيه تجسيد - ولا أروع - للمثل القائل "شَرّ الَبَلّيَة ما يُضحِك" !!

المقطع ينتزع من القلب ضحكات مُبكِيات ، بطل المقطع الكوميديان المُتَألق بيومي فؤاد ... يعرض المقطع لمشهد تَسَّوق لزوج وزوجة داخل إحدي محلات السوبر ماركت الكبيرة.. الزوجة تُمسِك بعربة التسوق وبجوارها الزوج، الذي يقع نظره على إحدى المُنتَجات الغذائية المُعَلبَة ...يُصيبُه الفزع وتتملكة الدهشة عندما يرى السعر ، ليوجه سؤاله باستنكار للزوجه ... "الم نشتري هذا المنتج قبل ايام بسعر أقل بكثير؟!" ... لترد عليه "معلش يا حبيبي، فعلا، بس أنت عارف الأسعار بتزيد كل يوم!!

فجأة يشعر الزوج بألم شديد في ذراعه، سُرعان ما يمتد إلى الصدر، ثم يسقط على الأرض مغشياً عليه، لتنهار الزوجة وتطلب المساعدة ... لحظات قليلة ويظهر النجم بيومي فؤاد مرتدياً البالطو الأبيض ويقدم نفسه للزوجة على أنه طبيب من وحدة الاسعاف داخل السوبر ماركت، ويطلب من مُسَاعده مُناظَرة الزوج والكشف عليه ... وبينما تُبدي الزوجة استغرابها من وجود إسعاف بالسوبر ماركت ، يطرح "فؤاد" سؤالا على الزوجة عما حدث ،وعما إذا كان الزوج تعرض لصدمة بسبب زيادة الأسعار؟! .. لتُجيب بنعم .. فليتفت إلى مُساعده ويُبلغه أن التشخيص "جلطة" مُفاجئة بالقلب بسبب الأسعار ،ويأمُره بإعطائه جرعة من عقار مُعين لإذابة الجلطة ، ثم يعود للزوجة ليُطمئنها، ويُبلغها أن زوجها هو الحالة السادسة خلال ساعات، وأن هذا طبيعي ،وانه سيتحسن بعد العلاج ...ثوان مَعَدُودَة ويَهَمِس المُسَاعد في أُذن الطبيب بأن الزوج قد توفى ولفظ أنفاسه الأخيرة ...يرد الطبيب "ولا يهمك أنا هتصرف!!" ..ثم يَعُود للزوجة ليُخبِرها "ببرود" وهدوء شديد خبر الوفاه.. قائلا لها : "عندي ليكي خبرين واحد حِلو والتانى وحِش" ... بالنسبة للخبر السيئ هو أن زوج حضرتك مات" .. وهنا الزوجة لم تحتمل الصدمة وتنهار ، وقبل ان تُجهِش فى البُكاء يُقاطعها الطبيب قائلا : "انتظري أنت لم تعرفي الخبر الحلو" مُستطرداً: إدارة السوبر ماركت "عاملة " عرض على مُنتَج ، تشتري 8 قطع وتَحَصُلي على قطعتين هدية ... هنا تنسى الزوجة مُصيِبَة مَوَت زوجها ،وتتركه وتترك بيومي فؤاد وتجري مُسرعة لتلحق بالعرض ... وينتهي المشهد عند ذلك !!

بعيداً عن الحبكة الدرامية والقالب الكوميدي الذي حوى جرعة مُرَكَّزة من التراجيديا، فإن هذا المشهد يُعتبر بمثابة مِرآة تَعكِس ما يَحدُث في الشارع المصري هذه الأيام ... نار الأسعار طالت الجميع ... لم تفلح معها كل جهود ومحاولات الأطفاء من جانب الحكومة ... زيادات جنونية شبة يومية في كل السلع والخدمات، الضرورية قبل الترفيهية ... المستوردة منها والمحلية .. الغذائية والصحية والتعليمية و ...... الخ !!

لم يَعُد يَفلح معها أية محاولات لترتيب الأولويات ...الفجوة تتسع بين الدخول المتدنية والمصروفات المُتزايدة، موجة تَضَخُم وغلاء غير مسبوقة، كل المؤشرات تؤكد أنها لم تصل للذروة بعد !!

وسط هذا المشهد التراجيدي والأزمة الخانقة التي لم تستثني أحداً، وإن تباين تأثيرها من فئة اجتماعية لأخرى، رغم كل ذلك فأنك تَشَعُر بأن المصريين يرفضون الاستسلام ويتمسكون بالأمل، يتسلحون بالصبر، لسان حالهم ينطق: "تفاءلوا بالخير تَجِدوه، وبشروا ولا تنفروا" يبحثون عن الفرحة والسعادة، يصنعونها بأيديهم، يأتون بها من رحم الأزمات.

لا أدَلَّ على ذلك من مشهد احتفالاتهم ( برأس السنة)، فرغم بِرودة الطقس خرج الملايين رجال ونساء، شباب وأطفال، زَيَنُوا الشوارع والمولات والمنتزهات، نسوا – بل تناسوا- أواجاعهم وهمومهم في عام 2022 واستقبلوا بفرحه العام الجديد لم يلتفتوا لمن وصفوا عام 2023 بأنه الأسوء ...أرادو أن يفرحوا ولو قليلا.

وبينما يتمسك المصريون بموقفهم هذا ..."ويتعلقون فى قشاية" ويبحثون عن بريق أمل ...تجد مجلس النواب الذى لاطالما ساند الحكومة سواء بالصمت أو التأييد الصريح والمُعلن لكل قراراتها ، لدرجة أن أحد أعضائه أخذ يَمدح فى وزير المالية وحكمته فى وقت سابق، حتى وصفه بـ"سيدنا يوسف هذا العصر " ...تجده وقد تحول إلى النقيض من ذلك ، واستدعى وزير التموين قبل ايام ، ووجه له عاصفة من الإنتقادات بسبب "رغيف العيش" وتصريحاته التى تضمنت تَعَالِى وتَكَّبُر على المواطنيين، واصفاً حكومة الدكتور مصطفى مدبولى بالفاشلة ،ومُعَتَبِرها المسؤول الأول عن سوء الأحوال المعيشية للمواطنين، بعد أن كان يراها فى السابق حكومة لا تُخطِىء!!

بينما يجلس وزراء الحكومة خلف قفص الاتهام، وبينما يدافعون عن أنفسهم فى مواجهة أعضاء مجلس النواب، فإننا نذكر الطرفين – حكومة ومجلس نواب -، بأن المواطن تَحَمل فوق طاقته، وكان ولايزال مُتَمَسكاً بالأمل، ورافضاً للاستسلام لليأس، ويتعامل مع التحديات.. والسؤال الذى يطرح نفسه: ماذا أنتم فاعلون؟!

إعلان

إعلان

إعلان