لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إلا بإشارة خضراء

الكاتب الصحفي سليمان جودة

إلا بإشارة خضراء

سليمان جودة
07:00 م الأحد 16 أبريل 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يمكن القول إن المنطقة في مرحلة ما بعد الاتفاق السعودي الإيراني ليست كما كانت قبله، وأن ما يجري فيها منذ توقيع الاتفاق دليل قوي على ذلك .

وكان الإعلان عن الاتفاق قد جرى في العاشر من مارس برعاية صينية، وفيه اتفق الطرفان على أن تعود العلاقات الدبلوماسية بينهما في مدى زمني غايته شهران .

وحتى الآن تبدو نوايا طهران مختلفة عما كانت في السابق، وتبدو حكومة المرشد في العاصمة الإيرانية راغبة في طي صفحة الخلاف مع المملكة العربية السعودية .. فمن قبل كان اتفاق أمني قد جرى توقيعه بين الطرفين في ٢٠٠١، وكانت إيران هي التي نقضته وعادت عنه في أول منعطف .

ولكن الدنيا اليوم تختلف ، لأن خطوات كثيرة تسارعت بعد الاتفاق ، فذهب وزيرا خارجية البلدين الى لقاء بينهما في العاصمة الصينية بكين ، وطار وفد سعوي الى طهران للبحث في مسألة إعادة فتح السفارة ، وجاء وفد ايراني الى السعودية للبحث في القضية ذاتها بالنسبة للسفارة الإيرانية .

وكان هناك ما هو أهم في اليمن ، عندما استقبلت صنعاء وفدين من السعودية وسلطنة عمان ، ليلتقيا مع قياديين في الجماعة الحوثية ، بحثاً عن تسوية سياسية للأزمة اليمنية بين الحكومة هناك ، وبين الجماعة التي تقاتل الحكومة من سنين .

هذا في حد ذاته تطور مهم جداً ، لأن اليمن تهم السعودية للغاية ، ولأن الجماعة الحوثية التي لا تخفي ارتباطها بحكومة المرشد ، لا يمكن أن تستقبل الوفدين السعودي والعماني ، ولا يمكن أن تجلس معهما فضلاً عن أن تبحث في تسوية سياسية ، إلا بإشارة خضراء تأتيها من إيران .

نحن إذنْ أمام تطور لافت على المستوى السعودي الإيراني مرة ، وعلى مستوى الأزمة اليمنية ذاتها مرةً ثانية ، وهو ما لم يكن متصوراً الى يوم توقيع الاتفاق في مارس ، ولا كان أحد يتخيل أن إيران يمكن أن تتجاوب بهذه الطريقة مع قضايا المنطقة .

ولم يتوقف التطور عند هذا الحد ، ولكنه تجاوزه الى الملف السوري العربي ، وبدا أن كل الطرق تؤدي الى عودة سوريا لمقعدها الذي شغر في جامعة الدول العربية ، منذ ما لا يزال يقال عنه أنه ربيع عربي ، ومنذ أن اشتعلت شرارته في درعا في الجنوب السوري .

فالرئيس السوري بشار الأسد زار الإمارات ، ووزير خارجيته جاء إلى القاهرة ، ثم ذهب إلى السعودية ، وتونس قررت إعادة فتح سفارتها في دمشق ، وجرى اتصال تليفوني بين الأسد ، والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، وقالت الرياض إنها ستوجه دعوة إلى الحكومة السورية لحضور القمة العربية التي تستضيفها حكومة خادم الحرمين في ١٩ مايو .

ومن قبل كان الطريق كلما انفتح أمام عودة سوريا عاد لينغلق من جديد ، إلا هذه المرة التي تبدو فيها الإرادة العربية حاضرة وجاهزة .

وهكذا .. تبدو الأمور وكأننا أمام إشارة خضراء تتحرك بها أمور كثيرة في أنحاء المنطقة ، وهي أمور كانت ساكنة من قبل، وكانت أقرب إلى الجمود منها إلى ما هو سواه ، ولم تكن تغادر مواقعها ولو بقدر بوصة واحدة ، فإذا بها اليوم تأخذ مساراً آخر ، وإذا بالحياه تدب فيها من جديد .

إعلان

إعلان

إعلان