لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لماذا نتمسك بـ "الصندوق"؟

د. إيمان رجب

لماذا نتمسك بـ "الصندوق"؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

07:00 م الإثنين 29 مايو 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

شأني شأن أقراني ممن ينتمون لجيل الألفية، نشأنا وتعلمنا على عدد من أنماط التفكير والمفاهيم والممارسات التي وجدتها شخصيًا ذات صلة كبيرة بمجالات العمل في القطاعات الحكومية والخاصة والدولية على حد سواء.

ومن أنماط التفكير تلك؛ "التفكير خارج الصندوق"، والذي تعلمنا أنه ضروري لحل الكثير من المشاكل التي نمر بها بطريقة مبدعة وخلاقة، أي أن هذا النمط من التفكير هو المفتاح لطرح حلول جديدة غير مألوفة لمشاكل جديدة أو مألوفة.

وترجع بدايات استخدام هذه العبارة للتعبير عن نمط تفكير مبدع وخلاق وفق بعض الأدبيات إلى عالم النفس جولفورد الذي طرحه في سبعينات القرن العشرين باعتباره الطريقة لحل مسألة عبارة عن توصيل عدد 9 نقاط مرسومة على ورقة من خلال رسم أربعة خطوط مستقيمة دون رفع القلم عن الورقة. ومنذ ذلك الحين انتشر هذا النمط من التفكير وأدرج ضمن مناهج الادارة وصممت بخصوصه العديد من الدورات التدريبية في عدد من المؤسسات التدريبية المرموقة على مستوى العالم.

وكان لبلادنا نصيب من شهرة هذه العبارة، فمنذ سنوات ليست بكثيرة انتشر اعتقاد بين عدد من أرباب العمل مفاده أن أي شخص يستطيع أن يقترح اي شيء خارج الصندوق فهو شخص متميز وأن ما يقترحه يستحق التفكير فيه بل وتنفيذه أيضا.

وبسبب هذا الاعتقاد خاضت العديد من الجهات تجارب في تنفيذ أفكار من ذلك النوع لم يكن كلها ناجحا ولم يكن كلها فاشلا، ولكن معظمها لم يُحدث تغييراً يُذكر في الوضع الذي كان سائداً في تلك الجهات، ولكنه حرك بشكل ما مياهاً راكدة ودفع كثيرين لاستخدام عبارة "خارج الصندوق" للترويج لقدراتهم الإبداعية!.

وفي المرحلة الحالية ومع تولي العديد من الشخصيات مسؤوليات عدة لتطوير وتحديث بعض المؤسسات، ينتشر اعتقاد مغاير وهو "التفكير داخل الصندوق"، وذلك بدعوى أن الصندوق نفسه كافٍ ولم يقم أحد من قبل باستخدام ما يحويه الصندوق من قبل بشكل صحيح، وأن الصندوق يحوي حلولاً لعديد من المشاكل الموجودة اليوم ولم تتم تجربتها بشكل صحيح أو كامل.

والحقيقة أن نمطي التفكير" داخل الصندوق" و"خارج الصندوق" يتطلب بداية تعريف ما هو الصندوق الذي نتحدث عنه؟ وهل هو صندوق كبير أم صغير؟ وهل هذا الصندوق يحوي صناديق أخرى أم أنه يحوي في داخله دوائر ومثلثات؟

وهذه الأسئلة لا تروق لكثيرين ممن تبهرهم العبارات الرنانة التي يتفوّه بها البعض الذين ليسوا قلة، لاسيما وأنها توضح بعداً آخر للقدرات العقلية لأولئك البعض وقدرتهم على التفكير الموضوعي في أي مشكلة وامكانياتهم الشخصية ومدى قابليتها للتطوير.

وبعبارة أخرى، تقود هذه الأسئلة لضرورة توافر مستوى محدد من التأهيل لأي شخص قبل توليه مسئولية إدارة أي جهة كبرت أو صغرت، وأن يعلم أنه لا يوجد صندوق أصلا حتى نتحرك خارجه أو داخله، وأن كل شيء ممكن والمهم هو تحديد نقاط الضعف والقوة والرؤية المستقبلية وفق الأطر المعمول بها واللوائح والقوانين.

وفي ظل غياب إلزامية الحصول على هذا النوع من التأهيل المسبق رغم وجود جهات عدة تقوم به في الدولة مثل أكاديمية ناصر العسكرية العليا والأكاديمية الوطنية للتدريب نفاجأ بكثرة استخدام عبارات "خارج الصندوق " و"داخل الصندوق" والتي في الممارسة الفعلية لا تقود لتطوير أي شيء ولا تعني أي شيء.

إعلان

إعلان

إعلان