إعلان

أما الحكومة فهي مسئولة

سليمان جودة

أما الحكومة فهي مسئولة

سليمان جودة
07:00 م الأحد 21 يوليه 2024

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قال الدكتور هاني سويلم ، وزير الري ، إن مواردنا من المياه تصل إلى ٦٠ مليار متر مكعب ، وأن احتياجاتنا في المقابل تصل الى ١١٤ ملياراً ، وأننا في حاجة بالتالي إلى كمية مضافة تصل إلى ٥٤ مليار متر مكعب .

وكان الوزير قد قال هذا الكلام أثناء مشاركته في ورشة مصرية إيطالية مشتركة عنوانها : تمكين الحلول المستدامة .. التوسع في نتائج المعرفة المتعلقة بالمياه .

ومما قاله وزير الري إن الدولة تعمل على اعادة استخدام المياه من خلال محطات المعالجة الكبيرة ، وأنها أنشأت ثلاث محطات لهذا الهدف هي محطة الدلتا الجديدة ، محطة بحر البقر ، ومحطة المحسمة ، وأن طاقة المحطات الثلاث تصل الى أربعة مليارات و٨٠٠ مليون متر مكعب .

وليس سراً أن المعدل الطبيعي لحاجة الفرد في السنة من المياه يصل الى ألف متر مكعب ، وأن الدول التي يقل نصيب الفرد فيها عن هذا الرقم هي دول تعاني من الفقر المائي .

وإذا كانت الحكومة قد بدأت العمل منذ فترة في عدد من الإتجاهات لترشيد استخدام المياه ، فمن الواضح أن جهد الحكومة في هذا السبيل ليس كافياً ، حتى ولو كانت قد راحت تشجع الري الحديث بدلاً من الري التقليدي الذي يتم بالغمر ، وحتى ولو كانت قد أنشأت المحطات الثلاث الكبرى .. فنحن لا نزال في أشد الحاجة الى زراعة ثقافة استخدام المياه داخل كل مواطن .

وإذا كانت دول كثيرة حول العالم تواجه نقصاً في نصيب كل فرد من مواطنيها من المياه ، فكل دولة تتعامل مع المشكلة بالطريقة التي تراها ، ومن بين هذه الدول تأتي اليونان التي أطلقت حملة توعية مؤخراً بين اليونانيين ، وكان مما دعت إليه الحملة كل يوناني أن يغلق حنفية المياه وهو يحلق ذقنه صباحاً !

هذا سلوك بسيط وقد نتصور أنه لا يؤثر في توفير كميات من المياه ، ولكنه يوفر الكثير في الحقيقة لأن لنا أن نتخيل كم من المواطنين يحلقون ذقونهم في الصباح ؟ وكم من الوقت تستغرق عملية الحلاقة التي تظل الحنفية مفتوحة خلالها ، وكم من الماء تستهلك بالتالي ؟

إن رغبة الحكومة اليونانية في تغيير سلوك رجالها وهُم يحلقون ذقونهم ، يدعونا إلى أن نتذكر مبدأ مهماً كان الأمير محمد بن سلمان ، ولي العهد السعودي ، قد راح يتبناه وهو يطلق رؤية ٢٠٣٠ السعودية التي أطلقها قبل سنوات .. كان المبدأ هو " كفاءة الإنفاق " وكان القصد به كفاءة إنفاق المال ، ولكن العمل به في مجال المياه يؤدي إلى الحصيلة نفسها .

ولا يعني المبدأ شيئاً سوى أنك تستطيع مع شيء من الترشيد الجاد ، أن تحقق بألف جنيه مثلاً ما قد تحققه بألفين ، وكذلك الحال في موضوع استهلاك المياه الذي ينطبق عليه المبدأ نفسه كما ينطبق على إنفاق الأموال.

إننا نطالع في القرآن الكريم آية كريمة تقول " وجعلنا من الماء كل شيء حي " بما يعني أن الماء أصل كل حياه ، وهذا يدعونا الى أن نتعامل مع كل قطرة مياه بما يشير إلى أننا ندرك قيمتها على مستوى كل واحد فينا .. هذا عن الأفراد وآحاد الناس .. أما عن الحكومة فهي مدعوة إلى اعتماد حملة توعية بالمنطق نفسه التي أطلقت به حكومة اليونان حملتها . . إن الحكومة مدعوة إلى ذلك لأنها الحكومة ولأنها بالتالي مسئولة .

إعلان