لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

القصص الغامرة.. طرق جديدة للوصول إلى الجمهور

مارينا ميلاد

القصص الغامرة.. طرق جديدة للوصول إلى الجمهور

مارينا ميلاد
11:27 ص الأربعاء 18 سبتمبر 2024

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

حجز مكان على منصات التواصل الاجتماعي أو على قائمة اهتمامات الجمهور كصناع محتوى إخباري صار أصعب من أي وقت مضى! ..

فنحن وقصصنا نتوه – إلى حد كبير - وسط سيل متدفق من محتوى المؤثرين (Influncers) أو "البلوجرز"، الذي يدعمه اتجاهات وسياسات شركة "ميتا" عبر مناصتها الأشهر (Facebook وInstagram)، والمتمثلة في زيادة وصول هؤلاء المشاهير وانتشارهم، في مقابل نزع الاهتمام والمكانة من الأخبار ومحتوى المؤسسات الصحفية، فتحاصر خوارزميتها المحتوى السياسي، ولكم في حرب غزة مثالا.

ووسط معركة غير متكافئة تدور كل يوم، صار لزامًا علينا أن نفعل مثلما يفعل أصحاب المطاعم والأماكن المختلفة الذين باتوا يروجون لمنتجاتهم بطرق مغايرة تناسب ما يفرضه الواقع الحالي.. فيلجأوا لأحد المؤثرين لينشر فيديو يخاطب مشاعر المستهلكين ويدفعهم للذهاب أو الشراء، بدلا من الإعلانات التقليدية...

أما نحن، فعلينا أن نفتح نوافذ جديدة لنصل لجمهورنا، أن نكتسب ثقته مرة أخرى، وأن نطور مواقعنا ليأخذ ثوانِ من وقته المستحوذ عليه "التقليب" عبر صفحات "السوشيال ميديا" ويذهب إليها مباشرة.

في تلك السطور، نتشارك طريقتنا ومحاولتنا في ذلك، دون الغوص في الكثير من التفاصيل المهنية.

-------------

في عام 2017، بدأنـا – كفريق عمل في موقع مصراوي – تقديم قصص مُعمقة في قوالب وتصميمات مختلفة وجذابة، تتقاطع وتتكامل فيها الوسائط البصرية والسمعية مع النصوص "الكروس ميديا".. كانت تلك التجربة الأولى بين المواقع الإخبارية المصرية، ثم نضجت وتفادت أخطاء البدايات، ولازالت تخضع للتقييم والتطوير حتى اللحظة.

وعلى امتداد هذه الفترة الزمنية، أنتجنا عشرات القصص، التي انتزعت اهتمام الجمهور ووقته، وهو ما يبدو جليًا لنا من الأرقام ومتوسط "توقيت البقاء" على كل قصة مُنتجة بتلك المواصفات.

هنا، تعدى الأمر إعلامهم بما يجري ببضع سطور أو بعض مشاهد مصورة، وتجاوز إلى حد "التأثير"، وهو ما نطوق إليه لتلبية متطلباتهم، المتمثلة في "المعرفة والفهم والشعور"، حسب ما ذكرها تقرير معهد رويترز للأخبار الرقمية.

وتزامن تحركنا مع تغير اتجاهات الصحافة الرقمية في السنوات الأخيرة، والتي سيطر على عناوينها منتجات "الفيديو القصير والبث المباشر والبودكاست"، التي تروق لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي، وقد لازمها وعزز حضورها تَغير سلوك الجمهور في تصفح ومعرفة الأخبار.

فثمة 72% من القراء يتابعون الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في مقابل 16% فقط من الممكن أن يدخلوا بشكل مباشر إلى الموقع، بحسب ما أظهره تقرير معهد رويترز (2020) بعد إجراء مسح شارك فيه 80 ألف متابع للأخبار في 40 منطقة حول العالم.

لذا تبنينا تلك الطرق الجديدة في عرض القصص والموضوعات، وبالطبع، نشرها وتوزيعها على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، بما يتلائم مع شكل المحتوى المفضل لكل منصة وسماتها.

-------------

مطلع هذا العام، حان الموعد مع تجديد آخر في طريقة عرض قصصنا. إنها محاولة وتجربة أخرى في عملية لا تنتهي لجذب اهتمام الناس وتفاعلهم، وربما لاختبار أنفسنا وإمكانيتنا.

البداية كانت مع قصة "أيام الموت.. عِش تجربة نزوح أسرة في غزة"، وهي قصة تفاعلية تضع المستخدم مكان أسرة نازحة في غزة، وأمامه عدة مسارات مختلفة.. عليه أن يقرر أيا منها سيسلك لينقذ نفسه وأسرته.

في تلك الرحلة المُرعبة، ستكتشف المعاناة في الحصول على الطعام أو الشراب أو حتى دخول "الحمام".. وما يعيشه سكان القطاع في ظل حرب إسرائيلية مستمرة لقرابة عام.

استعنا في هذه القصة بإمكانيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج صور للأسرة تقارب الحقيقة.. وكانت تلك الطريقة المناسبة لهذا النوع والموفرة لمعادل بصري لم يكن متاحًا لنا وقتها..

وهنا يمكن الإشارة لمزايا الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يمكننا استغلالها لخدمة ما نقدمه.. لكنها مسألة ستحتاج إلى مساحة أخرى للحديث عنها.

لاحقا، مضينا نحو مزيد من طرق السرد المختلفة عبر "القصص الغامرة"، كالواقع الإفتراضي والواقع المعزز، والتي من شأنها أن تجعل المستخدم ينخرط بها، وينغمس بحواسه كلها في عالم القصة، وهو ما يحتاج لمحتوى صالح لذلك، يرافقه توظيف للتكنولوجيا لخلق تجربة مثيرة له.

فانتجنا قصة في حياة راهبة.. ما يجري خلف جدران الدير، والتي يمكنه فيها التجول بتقنية 360 درجة داخل دير وحجرة الراهبة ومكان مائدة تناول الطعام والمطبخ وغيرها، ويمكن أن يراها بنظارة VR "واقع افتراضي" ليرى المكان حوله أو لا.

ومنها إلى نوع آخر من القصص الغامرة، حيث "الواقع المعزز". وهو باختصار، "أن نضع عناصر أو شخصيات أمام المستخدم، في نفس المكان الموجود به".. فقصتنا التقِ مع أطفال غزة النازحين إلى مصر، تسمح له بأن يرى الأطفال أمامه مباشرة بمجرد أن يدخل على الرابط ويسمح بفتح الكاميرا.

سيظهرون أمامه وسيستمع إلى ذكرياتهم مع غزة وأحلامهم ومخاوفهم.

وإذا كان عمره بين 18 – 35 عاما، أي ضمن الشريحة الأكبر من جمهورنا، والتي تستخدم الهاتف الذكي في التصفح أكثر من أجهزة الكومبيوتر، فسيتفاعل بسهولة مع تلك التقنيات أكثر من غيره.

-------------

والحقيقة أن التقارير والأرقام تُشجعنا أيضًا على اتخاذ هذا المسار الجديد، فحجم سوق الواقع المعزز والواقع الافتراضي بلغ نحو 40 مليار دولار أمريكي في عام 2024.. ومن المتوقع أن ينمو أكثر ليصل إلى 62.0 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029.

كما أن الصحافة صارت بحاجة مُلحة هذه الأيام إلى ابتكار محتوى جديد كجسر للحاق بالتطور التكنولوجي، وسلاح لمواجهة نهج "الفيسبوك" وأعوانـه المؤذي لعوائدها الإعلانية من ناحية، ومنافسة الذكاء الاصطناعي للمحتوى التقليدي الخالي من أي إبداع من ناحية أخرى.

وبالتالي، فلم تعد مسؤوليتنا تقتصر على تقديم محتوى طازج يحمل ثلاثية "الجودة والعمق والقيمة".. إنما التكيف مع الواقع وصناعة منتجات جديدة، وهو ما صار ضرورة لا رفاهية.

فتسعى أغلب غرف الأخبار -ونحن منها - إلى الصمود وتحقيق الاستدامة أمام تحديات كثيرة يمتلئ بها المشهد الإعلامي، وكل منها بطريقة؛ فمنها من تدمج الذكاء الاصطناعي في عملها ليساعد محرريها ويُسرع من وتيرة العمل والإنتاج كفاينانشال تايمز، ومنها من ذهبت لـ"تيك توك" لتصل بمحتواها إلى شرائح أخرى من الجمهور كواشنطن بوست، ومنها من اعتمدت على القصص عالية الجودة التي تطلب اشتراكات لتصفحها والألعاب كنيويورك تايمز..

فيقول جوناثان نايت (رئيس قسم الألعاب بالصحيفة): "لقد اكتشفنا أن المستخدمين الذين يتفاعلون مع الألعاب بشكل أسبوعي، يُظهرون أعلى معدلات الاحتفاظ بالاشتراكات.. فالأرباح التي نحققها تخدم مهمتنا في المحافظة على استقلالية الصحفيين، وتمكينهم من مواصلة عملهم المهني بكفاءة".

بينما تصطدم مهمة التجديد في مصر – على الأغلب - بضعف إمكانيات المؤسسات الصحفية أو عدم إيمان قادتها من الأساس باستثمار جزء من وقتهم وجهدهم في هذا الاتجاه، الذي لا يجلب لهم عائدًا سريعًا.

-------------

لكنه فصل جديد من فصول تطور الصحافة، لا مفر فيه من استكشاف الآفاق المثيرة التي تفتحها لنا التكنولوجيا، فمن لا يصعد إلى قطارها سيموت في مكانه.. بوسعنا أن نحجز مقعدًا، أن نُجرب ونختبر ونُراهن.. لكن يجب أن نفعلها بحذر ومسؤولية، مع تقييم النتائج وتطوير التجربة..

وقبل كل شيء، علينا صناعة صحافة "جيدة" بمعايير عالية، فهي الأولوية والواجب، وهو ما يعني بالأساس"الدقة، والشفافية، والموضوعية"، ثم يأتي التفكير في إضافة عناصر إبهار أو تصميم جذاب أو توظيف التكنولوجيا أو استغلال الأدوات بما يتناسب مع المحتوى، حتى لا نقع في الفخ ونكون مثل عازف الجيتار الردئ المذكور في أحاديث جيسون أولر (الباحث والكاتب المهتم بالسرد القصصي الرقمي)، والذي يقول: "إن رواية القصص الضعيفة باستخدام التكنولوجيا تشبه إعطاء عازف جيتار رديء مكبر صوت أكبر".

إعلان

إعلان

إعلان