إعلان

لعل الله ينصره

سليمان جودة

لعل الله ينصره

سليمان جودة
02:01 م الإثنين 02 سبتمبر 2024

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ليست هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها نقابة الأطباء السودانية بيانات أو معلومات حول الحرب البائسة التي تضرب البلاد منذ ما يقرب من العام ونصف العام.. فمن قبل أعلنت النقابة الكثير عن أهوال هذه الحرب، ولكن ما أعلنته يوم ٢٧ أغسطس كان مختلفاً وكان مخيفاً على السواء.

الحرب شنتها وتشنها قوات الدعم السريع على الجيش السوداني منذ يوم ١٥ أبريل من السنة الماضية، ولا تزال الحرب مستمرة تأكل في طريقها الأشياء والناس.

ولم تفلح كل الجهود المحلية، ولا الإقليمية، ولا الدولية، في وقف نار الحرب، ولا يزال هناك أمل في أي يدرك الطرفان، أو بالأدق الطرف الأول فيها، أن السودان بسببها أصبح يواجه أكبر أزمة انسانية في العصر، بشهادة مباشرة من كل المنظمات الدولية المعنية، وفي المقدمة منها منظمة الصحة العالمية .

مما جرى إعلانه في ٢٧ أغسطس أن الحرب تسببت في نزوح ١١ مليون سوداني، أي أن ١١ مليوناً من المواطنين تركوا أماكنهم وبيوتهم وخرجوا يبحثون عن مكان آمن يلوذون به!

ليس هذا وفقط، ولكن الجوع أصبح يهدد ٢٧ مليوناً من السودانيين.. وأين؟.. في بلد عشنا نسمع عنه أنه يمثل سلة غذاء القارة السمراء!

فلا شيء تقريباً ينقص البلد، من أول المياه التي تجري فيه بوفرة من جنوبه إلى شماله، الى الأرض الصالحة للزراعة بلا حدود، إلى الموارد البشرية التي تتوفر أيضاً بلا سقف، إلى الموارد الطبيعية التي توجد بكثرة وعلى رأسها الذهب!

غير أن هذا كله كوم، بينما حديث النقابة عن عدد ضحايا الحرب كوم آخر تماماً، لأن العدد أصبح ٤٠ ألفاً من القتلى!

والمفارقة في الرقم ليس أنه أربعون ألفاً، فما أكثر ضحايا الحروب حولنا في كل مكان، ولكن المفارقة أن هذا الرقم هو نفسه تقريباً الذي أوقعته اسرائيل من الأطفال والنساء والمدنيين في قطاع غزة على مدى ما يقرب من السنة!

إن المرء يفهم أن يسقط هذا العدد في غزة، لأنها أرض فلسطينية محتلة، ولأن أهلها يقاومون المحتل منذ أعلن عليهم الحرب في ٧ أكتوبر من السنة الماضية، ولأن هذا في الآخر هو ثمن تحرير الأرض والوطن.

أما أن يسقط هذا العدد الهائل في حرب بين أبناء بلد بعضهم البعض، فهذا هو المؤلم حقاً، وهذا هو الذي لا ينتهي الأسف عليه.. فالنيران في الحرب في السودان نيران صديقة كما يقال، والقاتل سوداني بمثل ما إن المقتول سوداني، والضحية في آخر المطاف هي البلاد نفسها، وهي حياة الناس في أنحاء البلد الممتد حول النهر الخالد.

لنا أن نتخيل أن إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة والغرب كله، قد قتلت أربعين ألفاً من الفلسطينيين، بينما سقط في الحرب بين قوات الدعم السريع السودانية والجيش السوداني أربعون ألفاً أيضاً!

مَنْ للسودان في هذه المحنة؟.. طبعاً ليس للسودان في محنته غير المسبوقة إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن الله لا ينصر قوماً إلا إذا نصروا هُم أنفسهم أولاً.. والأمل أن يدرك الطرفان المتقاتلان هذا المعنى، وأن ينتصرا لبلدهما لعل الله ينصره.

إعلان

إعلان

إعلان