إعلان

حكاية أحزاب أهملت السياسة.. ونجحت في عزومات رمضان !!

عمر النجار

حكاية أحزاب أهملت السياسة.. ونجحت في عزومات رمضان !!

عمر النجار
07:00 م السبت 22 مارس 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا يُوجد أي عنوان بارز يُفرز المتنافسين الحقيقيين في عدد الأحزاب سُوى مدى نجاحهم في إجراء عزومات إفطار وسحور رمضان في الفنادق الفارهة وفي أعداد المُشاركين من الوزراء والقيادات السياسية والإعلامية ومستوى ما يُقدم من أصناف الطعام في مِثل هذه العزومات.. وجودة الصور الفوتوغرافية التي تُنشر على كافة وسائل التواصل الاجتماعي.

مِعيار النجاح لهذه الأحزاب لا يُحدد بمدى الوصول إلى الشارع الحقيقي في القرى والنجوع والمناطق الأكثر فقرًا بل بِمقدار مُشاركة القيادات التنفيذية في عزوماتهم الرمضانية، التي أصبحت مُوضة وظاهرة للأحزاب الصغيرة والكبيرة.

لا بدَّ من أن نقر جميعًا أنَّ هذه الأحزاب قد تطوّرت إلى حدٍ كبير في عزومات رمضان إلى أن أصبحت ناجحة في توجيه الدعوات عبر «أبلكيشن» للمُشاركين، وفي الوقت نفسه تخصيص مُصورين كاميرا وفيديو لتصوير كل من يُشارك في فطورهم أو سحورهم الرمضاني، وكذلك تخصيص فقرة عن إنجازات الحزب أمام الأحزاب الأخرى المشاركة.

ويَتكرر الأمر ذاته بطريقة شِبه يومية للعديد من الأحزاب- التي لا نعرف الكثير من أسمائها- في فطورهم الرمضاني من ناحية: «تصوير المُشاركين، الترحيب بالضيوف من القيادات الحزبية الأخرى، تخصيص فقرة عن إنجازات الحزب، كلمة رئيس الحزب عن الإنجازات والمُعجزات التي حققها الحزب».

من يَقرأ هذه السطور يَتخيل له أنَّ ما نكتبه من وحي الخيال والتجني على مثل هذه الأحزاب إلا أنَّ ما نرصده هُو ما يَحدث على أرض الواقع من أحزاب ترفع شِعارات لا أفعال.

في الواقع، السياسة بالنسبة لهذه الأحزاب هيَّ شيء آخر تمامًا مُتمثلة في احتفالات ومؤتمرات واجتماعات وعزومات في الفنادق الفارهة، لكونهم يعتقدون أنَّ ما يقومون به هو سِر وجودهم في الحياة السياسية، وأيضًا القيمة التي يَستمدون منها المعنويات والرمزيات.

تملك هذه الأحزاب مروحة واسعة من خيارات التنقل بين أحد المقرات والفنادق الفارهة سواء كان في اجتماعاتهم أو حتى في مُؤتمراتهم وعزوماتهم، التي تَسمح لهم بالتفاخر والتباهي على كافة منصات التواصل الاجتماعي.

ففي اجتماعاتهم وعزوماتهم الرمضانية لا حِسابات لنبض المواطن الذي يُعتبر أساس عملهم الحقيقي من ناحية نقل ما يُواجهه المواطن من مشكلات وتحدّيات وإنما لأنَّ الحسابات لديهم تتمثل في اقتناء ماركات البدل المُرتفع ثمنها والسيارات الفارهة والتقاط الصور مع الوزراء والمسئولين التنفيذيين المُشاركين..

وفي الوقت نفسه تخصيص ألبومات لمثل هذه الصور.

المواطنون جميعًا- بمن فيهم جماهير هذه الأحزاب- يُريدون كوادر مُؤهلة وأحزاب حقيقية تتحدث باسمهم وتنقل مُشكلاتهم للسلطة التنفيذية لا قيادات حزبية أرشيفها من الصور أكثر من سِجلات إنجازاتها .

وظيفة الأحزاب الرئيسية ليست في التقاط الصور بل في فتح نوافذ القلق والعمل على حلّها من خلال التواصل مع السلطة التنفيذية، وفي الوقت نفسه وضع النقاط على الحروف.

ثمة شعور بأنَّ الأحزاب فقدت بُوصلتها الرئيسية.. لأنه حينما تتوقف السياسة الحقيقية فمن المتوقع أن تكون الفترة الجارية والقادمة مُثقلة أمام السلطة التنفيذية في القيام بدور الأحزاب، لترميم الفجوة مَا بين الشارع والحكومة.

أسئلة كثيرة تدور حول أنَّ هذه الأحزاب تُخاطب بعضها البعض خلال هذه الاجتماعات والعزومات لكن بتغيير بسيط في الفنادق وأصناف الطعام وحجم المُشاركين من الشخصيات العامة والسلطة التنفيذية وجودة التقاط الصور.

من الصعب التنبؤ بِمسار مثل هذه الأحزاب- التي نشأت من بيئة الفنادق الفارهة- لِكون المسألة ستبقى مُعلقة لمن يَتصدى لمُهمة ووظيفة الأحزاب الرئيسية وعلى أي نهج وبأي استراتيجية كانت.

ما أود قوله في الختام، إنه من الأحرى على هذه الأحزاب، إعمال العقل لممارسة الحياة السياسية الحقيقية مع ضرورة الانخراط في قلب الواقع لا في عالم العزومات الرمضانية والاجتماعات المُصورة، لِكون ما نرصده هو فيما نراه بأعيننا وليس فيما نسمعه.. ولأننا تعلّمنا في كليات الإعلام أنَّ الخبر فيما نرى وليسَ فيما نسمع.

حفظَ الله مِصرَ وَشعبها ومُؤسساتها.

إعلان

إعلان