مائة عام علي إعدام "روبرت بول".. مخاطر الحرب الهستيرية
كانت الساعات الأولي من صباح الخامس من أبريل لعام 1918، خلال الحرب العالمية الأولي وعلى مشارف مدينة كولينزفيل، في ولاية إلينوي الأمريكية عندما قامت مجموعة من 11 رجلًا بإعدام الألماني "روبرت بول" بتهمة التجسس.
جاء براجر إلى أمريكا في عام 1905 بحثًا عن فرصة للرزق، مسافراً عبر الغرب الأوسط، وعمل كخباز، وخلال الحرب العالمية الأولى حصل على فرصة في منجم فحم في المنطقة لكن قتلته قالوا أنه كان يخطط لتفجير المنجم.
واعتقدت المجموعة التي قتلته أنه كان اشتراكيًا خطيرًا عارض دخول أمريكا في الحرب العالمية الأولى، وبرروا قتله بدوافع شتي، منها أنه تاجر في النساء الشابات، لكن هيئة المحلفين حكمت بأن القتلة كانوا "وطنيين" رغم عدم وجود أي دليل علي إدانة روبرت، لتظل حكايته نموذج للتحذير من مخاطر الحرب الهستيرية علي مدي قرنٍ كامل، بحسب موقع "HNN" المتخصص في نشر القصص التاريخية.
وكانت مدينة "كولينزفيل "، مركزًا مزدهرًا لتعدين الفحم، لكن الحادث يبقي تذكارًا، ليوضح أسوأ ما في البلدات الصغيرة، من جهل ووطنية طائشة، وأداة للإعلام، ويمكن للقصة الحقيقية وراء إعدام روبرت أن تعلم درسًا مثيرًا ومفاجئًا عن العمال.
كان جوزيف ريجل أحد عمال مناجم الفحم الأمريكيين، وزعيم عصابة عنصرية، وكان لدى عمال المناجم في الولاية البالغ عددهم 90 ألف شخص سمعة في الراديكالية اليسارية، وصوّت كثيرون لمرشحي الحزب الاشتراكي وانتخبوا عمال المناجم في المكاتب المحلية، كان السكرتير الوطني للحزب هو أدولام جيرمر، وهو عامل مناجم الفحم السابق، لكن حركة العمال شهدت انقصاماً حوال الاستمرار في الحرب العالمية بين خوض أمريكا حرباً لجعل العالم آمنا للديمقراطية، وبين آخرين يرونها خدعة لجني المال من المستغلين علي رأس السلطة في الولايات المتحدة.
وأدي استمرار الولايات المتحدة في الحرب العالمية لارتفاع مستوي المعيشة، فنظم بعض عمال المناجم إضرابات، فتم القبض علي بعضهم، وانتشرت الشائعات حول اندساس الجواسيس الألمان وتحريضهم علي الإضراب، لكن الوقوف بجانب مطالب العمال المشروعة في ذلك الوقت كانت تُسوق علي أنها موقف غير موال للبلاد والوطن.
وانسحب أكثر من 25 ألف عامل من مناطق التعدين، لرفض ممارسات شركات الفحم التي كانت تجني الأرباح الطائلة، بينما كان يري العاملون أن لهم حقاً في تلك الأرباح.
ورفض العاملون سياسات شركات الفحم التي تجني الأرباح الطائلة وترمي الفتات للعمال، فانسحب 25 ألف عمال من مناطق التعدين، وانضموا للاضرابات، فشعرت إدارة ويسلون _رئيس الولايات الأمريكية أثناء الحرب العالمية الأولي_ بالقلق، فاستخدم رؤساء النقابات العمالية في تشويه الاضرابات وتصويرها علي أنها موالية للحكومة الألمانية، فكانت القيادات التي تطالب بحقوق العمال تتعرض لضغوط هائلة لاثبات ولائهم لوطنهم.
وعملت السلطات الأمريكية علي الهاب مشاعر المواطنين، لمواجهة المعارضين للحرب، وأقرت قانون الفتنة، ما زاد الانقسام بين المواطنين، وحدثت إعدامات غير قانونية من قبل المواطنين لمواطنين آخرين بزعم الاشتباه بعدم ولائهم لأمريكا، مثل ما حدث مع "روبرت".
وأوضح الموقع أن العصابات العنصرية في الولايات المتحدة جلبت الحرب للمدن الصغيرة، مثل الذين قاتلوا في الخنادق من أجل الحكام، لكن مواقف بعض العمال كانت مثيرة للإعجاب.
فيديو قد يعجبك: