إعلان

بلومبرج: ''الربيع العربي'' يحتاج خطة مارشال مصغّرة

10:39 م الإثنين 14 يناير 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد الصفتي:

طرحت شبكة بلومبرج الإخبارية الاقتصادية رؤية جديدة للربيع العربي من جانب اقتصادي حيث رأت الشبكة أنّه بعد عامين من ثورة تونس على ''بن علي'' التي كانت باكورة ثورات الربيع العربي حلّ الإحباط بوضح محلّ حالة النشوة التي كانت تنتاب الشارع العربي وبدا أنّ بناء دولاً عربية ديمقراطية ذات نظام اقتصادي مفتوح أصعب كثيراً مما كان –ربما بسذاجة- متوقّعاً. فتقول بلومبرج أنّ مصر وليبيا وتونس محاصرون الآن في دائرة مفرغة من عدم الاستقرار الذي يعوق التعافي الاقتصادي ومن عدم النمو وازدياد البطالة اللذان يؤديان بدورهما لتأجيج حالة عدم الاستقرار! ونتيجة للفشل في كسر هذه الدائرة تقول الشبكة أنّ الإسرميين الراديكاليين قد يسيطرون على الساحة ويعيدون نظم دولة العلاقات الحميمة الفاسدة التي ضحى الكثيرون بأرواحهم لتغييرها. وترى الشبكة أنّ الوقت ليس متأخراً لإصلاخ مسار الديمقراطية وتلجأ لعقد مقارنة مع ماحدث بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بعامين عندما قال ''جورج مارشال'' أنّ ''إعادة تأهيل الهيكل الاقتصادي لأوروبا سيتطلّب بالتأكيد وقتاً أطول وجهداً أكبر مما كان متوقّعاً'' واقترح حينها خطّته الشهيرة لدعم اقتصادات أوروبا والتي قال إنّ البديل لها سيكون ''الجوع والفقر واليأس والفوضى''.

وتمضي البلومبرج في المقارنة إذ تشبّه مايجري اليوم في سوريا ومالي والمواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران وكذلك بين إسرائيل والفلسطينيين تؤكد الحاجة لفرض الاستقرار في شمال أفريقيا كما كان التهديد السوفيتي عاملاً فرض إقرار الاستقرار في أوروبا. وتقول الشبكة أنّ الناس في مصر وتونس وليبيا كبداية يحتاجون إلى أن يصدّقوا أنّ التنمية التي وعدها بهم التيارات المعتدلة سواء المدنية أو الإسلامية سوف تصبح واقعاً عندما يطبقون سياساتهم وهو مايحتاج لعون العالم الخارجي وتأكيد التزاماته تجاه تلك الدولة. 

ولكن ترى البلومبرج أنّ المبالغ المخجلة المفترض توجيهها لدعم دول الربيع العربي والتي خرج بها اجتماع الدول الثمان الكبرى ودول الخليج في دوفيل بفرنسا مايو 2011 وتبلغ 70 مليار دولار (بواقع 38 مليار من المؤسسات الدولية و 32 مليار من الدول المانحة) تتضاءل كثيراً إلى جانب 740 مليار دولار بقيمة اليوم رصدتها خطة مارشال لدعم دول أوروبا. وبالطبع لاتحتاج دول الربيع العربي-ولايمكن توفير- تلك المبالغ فليبيا متخمة باحتياطيات الغاز والبترول ومصر منقسمة داخلياً إزاء المساعدات الخارجية وكذلك لا تسمح حالة الاقتصاد العالمي المتداعية بأن تلقي دولاً مبالغ كهذه لحل مشاكل خارجية ولكن ترى الشبكة أنّ الخطيئة الرئيسية لقمة دوفيل كانت رفع سقف التوقعات غير الواقعية -والتي بلغت عنان السماء أصلاً في دول الربيع- ثم عدم تقديم شيء إلّا الإحباط. ففي نوفمبر قامت دول قمة دوفيل بتقديم فقط 165 مليون دولار رفعتها فيما بعد إلى 250 مليوناً تتقاسم فيها 5 دول بما فيها المملكتين المغربية والأردنية بإجمالي تحقيق الإحباط لمايبلغ نحو 140 مليون نسمة في الدول الخمس!

وتضيف البلومبرج أنّ دول قمة دوفيل يجب أن تقدّم رؤية أشمل وأشبه بخطة مارشال تتضمّن مبالغ مالية غير خيالية وتأمينات استثمارية وضمانات تجارية وغيرها من الأدوات التي تشجع الاستثمارات ومشاريع البنية التحتية.

فيذكر التقرير أنّ التجارة البينية في دول شمال أفريقيا لاتبلغ سوى 4% من إجمالي تجارة تلك الدول بما لايتعدى 2% إلى 3% من النواتج المجلية الإجمالية لها ويجب أن يحدث تشجيع لنوع من التكامل بخطوات سريعة في المجالات ممكنة التحقيق. ويضيف التقرير عقبة أخرى هي تأمين الحدود حيث يتدفق السلاح والمهربون بين تلك الدول بحرية كبيرة وليبيا مثلاً تفتقد الأدوات والخبرة التي تمكنها من حراسة حدودها كما يجب وبالتالي انتقل الكثير من سلاح ليبيا إلى مالي وسوريا وغزة كما تقول البلومبرج. وتذكر الشبكة أن أمريكا والاتحاد الأوروبي يمكنهما توفير البرامج التدريبية وبيع التكنولوجيا المطلوبة لوقف هذا التدفّق مع خلق إطار إقليمي للتنسيق الحدودي بين دول المنطقة. وينتقل التقرير إلى منطقة أخرى هي ضرورة إسراع الاتحاد الأوروبي في خطة البحر المتوسط الشمسية والتي تهدف لتوفير 20000 ميجاوات من الكهرباء الشمسية من شمال أفريقيا بحلول عام 2020 وهي الخطة التي ستخلق مايعادل بساعات العمل 235 ألف سنة من فرص العمل في المنطقة.

وفيما يتعلق بالرؤية الإقليمية تضيف الشبكة أنّ توجيه الدعم للمنظمات غير الربحية والمجتمع المدني في تلك الدول يجب أن يتم في سياق إقليمي، ويقول التقرير إنّ دول شمال أفريقيا لا يمكنها أن تحصل على خطة مارشال كاملة ولا أن تتخطى مسائل الهوية الدينية وتنضم للاتحاد الأوروبي ولكن مايحدث في مالي وسوريا يكفي ليظهر أنّ أوروبا والولايات المتحدة مشتتي الذهن يفشلون في الاضطلاع بدور مناسب للتحدي التاريخي الراهم والثمن سيكون باهظاً.

وتختتم البلومبرج بأنّ المطلوب في شمال أفريقيا هو نسبة صغيرة من الالتزامات التي تم تنفيذ مثلها في خطة مارشال 1947 ومع دول الكتلة الشيوعية سابقاً عام 1989 ويؤكد التقرير على أنّ شمال أفريقيا ليس أوروبا وأنّ المخاطر والعقبات كبيرة ولكنّها كانت كذلك أيضاً مع روسيا عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وبناء ديمقراطيات راسخة في شمال أفريقيا ترتبط بالاقتصاد العالمي الحديث بالتأكيد أمر يستحقّ أيضاً جهداً أكبر مما تم بذله حتى الآن.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان