إعلان

مجلة نيويوركر تحاكم الشرطة الأمريكية

02:09 م الإثنين 15 ديسمبر 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – سارة عرفة:
''تخبرنا كاميرا المتجر بالقصة المروعة. كان جون كرافورد يقف في ''والمارة'' في أوهايو يمسك ببندقية هوائية، وهي لعبة التقطها من أحد الأرفف، ومن المحتمل أنه كان يخطط لشرائها. كان يشير بها إلى الأرض فيما كان يتحدث في هاتفه، ويلتقط بضائع أخرى. ولم يعتبره الأطفال الذي كانوا يلهون قربه تهديدا لهم، ولا حتى أمهم التي كانت تقف على بعد أقدام قليلة منه. جاءت الشرطة التي استجابت لأحد المتصلين على رقم 911، قال إن رجلا أسود يمسك بسلاح يهدد الناس، فورا وفتحت النار عليه فأردته قتيلا. وفي سبتمبر رفضت هيئة محلفين توجيه اتهام للضباط الذين أطلقوا النار على السيد كراوفود وأردوه قتيلا''.

أعلاه قصة ليست من نسج الخيال بل هي واقعة حقيقة روتها مجلة نيويوركر العريقة في مستهل تقرير حمل عنوان ''محاكمة شرطة أمريكا''.

تقول المجلة إن معظم الناس لم تسمع مطلقا بهذه القصة، ومثل هذه المآسي أمر شائع بشكل مقلق: فالشرطة الأمريكية تطلق الرصاص على أكثر من شخص في اليوم وترديهم قتلى (لا أحد يعرف العدد بالتحديد حيث أن كل حوادث القتل لم يبلغ بها). غير أن حادثتين وقعتا مؤخرا أججتا احتجاجات في أنحاء البلاد، الأولى كانت لمايكل براون، المراهق الأسود، الذي أطلق عليه الرصاص وقتل في ظروف غامضة في فيرجسون بولاية ميزوري، بعد أن سطا على محل، ثم إريك جارنر، وهو شخص في منتصف عمره، كل ذنبه أنه كان يبيع سجائر في شوارع نيويورك، وخنق حتى الموت على أيدي ضابط شرطة أبيض فيما كان خمسة شرطيين آخرين يشاهدون عملية قتله، والحالة الأخيرة صورها أحد المارة.

وتضيف المجلة أنه مع ذلك هناك الكثير من الجدال ركز على العرق؛ فإن هذا غير معقول؛ فالضحايا كلهم سود، ومعظم رجال الشرطة المتورطين بيض.

ويشعر الأمريكيون السود أن نظام العدالة الجنائية يعمل ضدهم، بدلا من أن يدافع عنه؛ حيث تقول الاحصاءات أن 59 في المائة من الأمريكيين البيض يثقون في الشرطة، مقابل 37 في المائة فقط من السود، وهنا يكمن الخطر؛ فحال ما فقدت أي جماعة عرقية ثقتها في منفذي القانون؛ فإن ذلك يؤدي إلى تآكل العقد الاجتماعي، وهذا يضر أيضا بالموقف الأخلاقي لأمريكا في العالم (الذي يواجه مأزقا حقيقا جراء الكشف عن برامج التعذيب في سي اي ايه).

غير أن الانقسام العنصري، والمتجذر كما هو الحال في ماضي أمريكا، لن يخف بسهولة، على ما تقول المجلة العريقة.

مع ذلك، هناك منظور آخر يمكن من خلاله دراسة هذه القصص القاتمة: استخدام القوة المفرطة من قبل الدولة، له أيضا جذور معقدة، لكن الكثير منها ربما تكون عرضة للإصلاح، وفي الكثير من الحالات، الامريكيون ببساطة لا يدركون إلى أي مدى نظام إنفاذ القانون متقلب وعنيف مقارنة بذلك الموجود في البلدان الغنية الأخرى.

وتشير نيويوركر إلى أن نظام العدالة الجنائية يمكن تغييره بطرق قد تجعل أمريكا أكثر أمنا وعدلا بالنسبة للسود والبيض.
لا تطلق الرصاص
قليل من نظام العدالة الجنائية الأمريكي نموذجي – شرطة اعتماد البيانات في نيويورك على سبيل المثال – لكن بشكل عام فإن البلاد معزولة لكل الأسباب الخاطئة؛ فأمريكا تسجن 1 في المائة من سكانها البالغين، أكثر خمس مرات من متوسط ما هو حاصل في البلدان الغنية. ووفقا لأحد التقديرات، لدى الأمريكي الأسود فرصة من كل ثلاثة فرص للسجن.

وتقارن المجلة بين الشرطة الأمريكية وبعضها في البلدان الأخرى حيث تقول إنه في أمريكا يفرض العيش بشروط على المتهمين غير العنيفين الذين يلقى القبض عليهم واتهامهم مرات متكررة، كما أن الشرطة مسموح لها بالاستيلاء على أرصدة يشتبه في أن لها علاقة بالجريمة، على عكس البلدان الغنية الأخرى التي تركز بشكل أكبر على الشرطة المجتمعية.

وترى المجلة أن ''بعض الشرطة الأمريكية باتت شبه عسكرية، فهم مجهزون بقاذفات القنابل والعربات المدرعة. فأحد الاحصاءات قدر عدد المداهمات بعربات ''سوات'' المدججة بالسلاح زادت من 3 آلاف في 1980 إلى 50 ألف اليوم''.

فوق كل هذا، قوى إنفاذ القانون الأمريكية فتاكة على غير العادة: فالأرقام الجزئية تظهر أن الشرطة أطلقت الرصاص وقتلت ما لا يقل عن 458 شخصا العام الماضي، مقارنه بالشرطة في انجلترا وويلز التي لم تطلق الرصاص أو تقتل أحد في نفس الفترة.

أحد أسباب إطلاق الشرطة الأمريكية النار أولا هو أن كثير من الأمريكيين المدنيين مسلحين. فهذا العام أطلق الرصاص على 46 شرطيا وقتلوا، والعام الماضي هوجم 52 ألف شرطي، فعندما يتم استدعاء شرطي لوقف عملية سطو، فهو يعرف أن خطأ واحدا يمكن أن يجعله يتقاعد.

وتقول نيويوركر إن هذه الأسلحة توضح لماذا معدل القتل في أمريكا في أعلى بكثير عن غيره في البلدان الغنية، والمعدل المتفاوت إلى حد كبير والذي يطلق رجال الشرطة فيه النار على السود ليس ببساطة مسألة تحيز، فنحو 29 في المئة من الأمريكيين الذين أطلق عليهم الرصاص من قبل الشرطة سود، غير أن هناك نحو 42 في المئة من قتلة الشرطة عرقهم غير معروف.

ولفتت المجلة أن الولايات المتحدة ينتشر فيها 300 مليون قطعة سلاح، ولو أن هذا العدد غير موجود لحدث تغير كبير ''لكن للأسف هذا لن يحدث في القريب''، على ما تقول نيويوركر التي تشيرا إلى أن هناك طرقا أخرى لجعل الشرطة أقل عنفا.

الشفافية.. المحاسبة.. إنهاء عسكرة الشرطة
''الشفافية''، كانت أول السبل التي تحدثت عنها المجلة. وتضيف أن على كل شرطي أن يبلغ الحكومة الفيدرالية بعدد الأشخاص الذين قتلهم. فضلا عن تزويد الشرطة بكاميرات التي تكشف السلوك السيء لأي من الطرفين (الشرطة والمشتبهين) وتجعل التحقيقات أسهل؛ فلو أن الشرطي الذي أطلق الرصاص على مايكل براون، لكن الجميع عرف بما جرى.

الأمر الثاني هو المحاسبة: فلابد أن يكون من السهل فصل رجال الشرطة السيئين، وأشارت المجلة إلى ما اعتبرته خطأ في عمل التحقيقات الشرطية حيث أن المدعي الخاص وهيئة المحلفين تستقي معلوماتها من الشرطة التي تقدم لها ما تريدها أن تعرفه وتخفي ما تريد اخفاءه.

وتقول نيويوركر إنه لتحسين المحاسبة، فيجب أن يتم الاستماع إلى الشكاوى من قبل حكام مستقلين، قادمين من خارج نطاق إدارة الشرطة.

والأمر الثالث وهو الأصعب بحسب المجلة، فهو إنهاء ''عسكرة الشرطة''، حيث يرى الكثير من الشرطيين أن وظيفتهم هي شن حرب على المجرمين، فكثير من الأحياء الفقيرة تنظر إلى الشرطة على أنها جيش احتلال.

وتشير المجلة إلى أن الشرطة تحتاج إلى تدريب أكثر وأسلحة اقل، وللبداية يجب على وزارة الدفاع البنتاجون التوقف عن تسليم الأطقم العسكرية إلى الشرطة التي تجاورهم.

وختمت المجلة تقريرها بالقول إن أمريكا لا تزال نموذجا للبلدان الأخرى في نواح كثيرة، فاقتصادها عاد إلى الحياة مرة أخرى، وقيمها يريد كثير من الناس أن تنتشر، حتى نظامها العدالة الجنائية، العمود الفقري لأي مجتمع، ليس بهذا السوء. والتغير سوف يكون صعبا، لكنه تأخر.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان