الإيكونوميست: بوتين وحد يعرف مصير أوكرانيا
كتبت – هبة محفوظ:
قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية اليوم أن لا أحد يستطيع أن يعرف مصير أوكرانيا إلا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورأت أن السبيل الوحيد لتقدم أوكرانيا، كنظيرتها من دولة أوروبية أخري، مرتبط بقرار روسيا بعدم ضم القرم الأوكرانية تحت السيادة الروسية.
ورجحت المجلة أن الأوضاع ستتأزم إذا أصر بوتين علي التدخل في الشأن الأوكراني بشكل أكثر فجاجة من الأن، وهو الأمر الذي قد يكون بداية سلسلة حروب طويلة بعد تحرك القوات الروسية العسكرية لدخول القرم، حسب تعبير الصحيفة.
وذكرت المجلة أيضا أن روسيا بررت تدخلها العسكري في القرم لحماية الأقلية الروسية التي تعيش بها، و أضافت أنه في حال كان ذلك السبب الحقيقي فعلا للتدخل الروسي، فبذلك يتوقع تدخلها في شمال وجنوب أوكرانيا أيضا ، حيث يعيش أعداد لا بأس بها من المواطنين ذوي الأصول الروسية، وأن الأمر لن يقتصر علي الكرم فقط.
وفي وصفها لبوتين، قالت المجلة إن بوتين يري أنه مسؤول عن ''حماية جميع الروس في العالم''، وليس في روسيا فقط، وهو ما أثار قلق المجلة من احتمالية تدخل بوتين في العديد من الدول التي تأوي الكثير من المواطنين ذوي الأصول الروسية في بلدان أخرى .
وفسرت المجلة أن تهديدات روسيا لن يكون لها أثرا سلبيا علي أوكرانيا فقط، بل سيمتد إلى روسيا نفسها أيضا، فمن الممكن أن تتخلص أوكرانيا من تدخل روسيا في شأنها الخاص وسطوتها وتلحق بباقي الدول الأوروبية وتتقدم بعد أزمتها، لكن روسيا لن تستطيع أن تفعل المثل لإصرار بوتين الدائم علي الدخول في معارك مختلفة مع الكثير من الدول، مهددا بالحرب حين تتداخل مصالحهم.
وتسألت المجلة لما لا تستطيع روسيا أن تتخلي عن رغبتها في إعادة إحياء منهج الاتحاد السوفيتي وسياساته السلطوية بعد أن تم حله، واستطاعت الدول المكونة له أن تتقدم وتزدهر بعد حله؟ فلما لا تستطيع روسيا فعل المثل وتصر علي الإبقاء علي أساطير الماضي، بل وتصر علي جذب البلدان التي استطاعت ان تتخطي شبح السوفيتي مرة أخري إلى نفس الشيء ايضا؟
وفي تحضيرها للحملة العسكرية التي بدأتها روسيا في القرم بأوكرانيا، استعدت روسيا لتلك المعركة مستندة علي أجهزة إعلامية تخدم مصالحها وتبرر قراراتها للعامة.
وتابعت المجلة إن النظام الروسي قد استبدل معظم مذيعين التليفزيون الرسمي للدولة المعروفين بحيادية تمكنهم في بعض الأوقات من انتقاد قرارات بوتين، بمجموعة إعلاميين أخريين معروفين بولائهم الأعمى لرموز النظام الروسي ومحاباته.
وأضافت الإيكونوميست أن النظام الروسي قام بإغلاق بعض القنوات الخاصة التي كانت تغطي الاحداث في أوكرانيا بحيادية وصدق، مثل قناة ''تي في رين''.
وشرعت موسكو قوانين مكبلة جديدة لتقييد حرية تداول المعلومات علي شبكات الانترنت، قبل بدء خطة تدخلها في أوكرانيا، كما أفادت الصحيفة.
ففي الثاني عشر من مارس، تم استبدال مدير موقع ''لنتا رو'' الإخباري، بأخر معروف بولائه ومساندته لبوتين ونظامه. ويعد هذا الموقع أحد أشهر المواقع الإخبارية في روسيا، وفقا لتقدير الصحيفة.
وهدد صحفيو الموقع الإخباري بالاستقالة في حال لم يرجع مدير الموقع الأساسي إلى منصبه، واعتراضا علي السياسة التحريرية الجديدة التي فرضها المدير الموالي للنظام الروسي، لكن النظام الروسي لم يهتم بتهديداتهم.
وذكرت المجلة أن لروسيا تاريخا من هذا التعامل مع وسائل الإعلام واستخدامها لتحقيق أهدافها السياسية وقت الأزمات والحروب، ويرجع هذا التاريخ إلى وقت الاتحاد السوفيتي، حينما استخدمت روسيا الوسائل الإعلامية المختلفة ''لتجعل من العدو شيطانا'' يجب علي كل وطني مقاتلته، ومساندة قرارات الدولة، وهو نفس الأداء الإعلامي الذي تعتمد عليه روسيا حاليا في حربها مع أوكرانيا، حسب تقدير الصحيفة.
وحسب ما يقول مقربون من النظام الروسي، فان بوتين كان يخطط لاحتلال القرم الأوكرانية منذ 2008، بعد اندلاع الحرب بين روسيا وجورجيا، الذي نتج عنه احتلال أبخازيا وشمال اوستيا، ولكن وضع أوكرانيا يختلف رغم ذلك.
فحرب روسيا وجورجيا لم تؤثر سلبيا بشكل صريح علي استقرار روسيا الاقتصادي، بل نجحت سياسة روسيا السلطوية في ذلك الوقت بالحصول علي مكاسب اقتصادية من حربها ضد جورجيا، ولكن اذا بدأت روسيا حربها الأن في أوكرانيا، فذلك سيهدم اقتصادها.
وذكرت المجلة أن مواجهة الغرب وفرض قرارات بوتين عليهم هي إحدى أهداف بوتين في أوروبا لفرض سيطرته، ولكن اذا فرضت الدول الأوروبية أي عقوبات سياسية واقتصادية علي روسيا جراء تدخلها العسكري في أوكرانيا، سيضعف ذلك خطط بوتين بالكامل، ويترك فقراء الشعب يعانون، أما أغنيائه، فهم امنون علي أموالهم في بنوك خارج روسيا بالفعل.
ولصد تهديدات الغرب بالعقوبات، هدد بوتين بغلق جميع البنوك الأجنبية في روسيا، وإرغام كبار المسؤولين الروس علي سحب أموالهم منها وتجريم التعامل مع تلك البنوك، ولكن ذهبت تهديدات بوتين سدي، ومن المتوقع، في تقدير الصحيفة، أن من سيعاني من تلك القوانين و التهديدات هم فقراء الشعب ايضا، بينما ستظل الساحة السياسية في تحكم من هو أقوي اقتصاديا.
وأسندت المجلة رؤيتها أن الفقراء في روسيا هم من سيعانون من قرارات بوتين العسكرية إلى سياسات التقشف التي قد تتبعها روسيا مع الشعب لتعويض خسارتها المالية من غلق البنوك الأجنبية علي أراضيها، كجزء من لعبة الشطرنج السياسي بينها و بين دول أوروبا. وأضافت الجريدة أن إغلاء الأسعار، وفرض ضرائب أكبر علي الشعب، سيكون له مردود سلبي علي مستوي معيشة المواطن المتوسط في روسيا، والعملة الروسية.
وقالت المجلة إن ولع بوتين العسكري بالحرب لن يخدمه طويلا، فطالما اعتمد علي تأييد الشعب الروسي لحروبه من منطلق وطني، لكن دائما ما تخفت تلك الأحاسيس بعد فترة، ويبقي ضجر الناس من أثار الحرب، كما أضافت الجريدة.
وقالت المجلة إن جزء من خطة بوتين لخلق مساندين لقراراته علي كافة الأصعدة في روسيا هي إنشاء جبهة من المثقفين لمساندة قراراته الأخيرة عبر بيان وقعه مجموعه من المثقفين والقادة في العاصمة الروسية، ولكن يظل بعض الصحفيين والمثقفين في روسيا ضد قراراته التي يرون أنها تضع خطه عسكرية فوق مصالح المواطن العادي، متجاهلة معاناة الشعب الاقتصادية، حسبما أوردت المجلة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: