يديعوت أحرونوت: حماس هي مَن تدير القتال الحالي وليس إسرائيل
غزة – (أ ش أ):
تناولت صحيفة ''يديعوت أحرونوت''، في تحليل لها اليوم الاثنين، العمليات القتالية الدائرة في قطاع غزة ..لافتة الى أن حماس هي من تدير القتال الحالي وليس إسرائيل.
وأوردت الصحيفة، على موقعها الإلكتروني، أن الناس في إسرائيل يتناقلون بين قنوات التلفاز، والاستماع إلى ثرثرات الجنرالات والوزراء المتقاعدين حول الاستراتيجية الإسرائيلية، والوصول إلى استنتاج مفاده أن إسرائيل تشن عملية عسكرية في غزة.. هذه العملية حتى لها اسم، الجرف الصامد.
واستطردت الصحيفة، أن الحقيقة هي أن هذا العرض التلفزيوني ما هو إلا اكذوبة حيث أن إسرائيل ليست هي من تدير الصراع، ولكنها حماس. فمنذ اليوم الأول لهذا الحدث، نحن في جانب رد الفعل ، الجانب المستدرج.. مضيفة أنه في بعض الأحيان يكون هذا أمر جيد.. حيث كان ينظر إلى سياسة ضبط النفس الإسرائيلية في الأيام العشرة الأولى بشكل ايجابي من قبل الحكومات المهمة في العالم وأعطت الحكومة مجالا للمناورة الدبلوماسية.
وأضافت أنه في بعض الأحيان ليس من الجيد أن تكون في موقف رد الفعل حيث ينحي التحول إلى حرب الأرض جانبا، الميزة الكبيرة التي لدى إسرائيل بفضل نظام القبة الحديدية.. والأن أصبحت الأسلحة المضادة للدبابات والعبوات الناسفة والمباني المفخخة وجميع منظومات الأسلحة التي تتخصص بها حماس، تستخدم ضد جنود الجيش الإسرائيلي.
ويبدو أن الخطوة الوحيدة التي بدأتها الحكومة الإسرائيلية لم يجلب لها الثناء. فبعد وفاة أربعة أطفال صغار على شاطئ غزة نتيجة القصف الإسرائيلي، شرعت الحكومة الإسرائيلية في وقف إطلاق النار للعمليات الإنسانية لمدة ست ساعات باللجوء إلى مبعوث الأمم المتحدة روبرت سيري، وهو نفس الشخص الذي أراد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان طرده من إسرائيل قبل عدة أسابيع مضت.
ورفضت حماس وقف إطلاق النار وواصلت إطلاق الصواريخ التي لم تسبب أي ضرر. ووافقت الحكومة الإسرائيلية، على وقف إطلاق نار لفترة قصيرة، وبالتالي تحولت حماس إلى الطرف المذنب في هذ الجحيم المستعر في نظر معظم دول العالم، وربما في نظر كثير من سكان غزة أيضا.
وتابعت الصحيفة ''أنه لا ينبغي للإسرائيليين ان يرتبكوا من التعاطف الذي عبرت عنه الحكومات في العالم، فهذا التعاطف هو مؤقت ومحدود، مشيرة الى أن الولايات المتحدة اوضحت دعمها للعملية الاسرائيلية طالما أنها تقتصر على المنطقة القريبة من الحدود، وتستهدف قاذفات الصواريخ والأنفاق وأنها ستعارض عملية دخول كبيرة إلى قلب قطاع غزة.
واشارت الصحيفة إلى أن القوات التي دخلت قطاع غزة مشغولة أساسا بالكشف عن الأنفاق المؤدية إلى المستعمرات الاسرائيلية . فهذا النشاط مهم للغاية ومنقذ للحياة.. ولكن في غضون يومين أو ثلاثة أيام، سينخفض عدد الأنفاق التي لم يتم الكشف عنها وستكون تلك القوات مرابضة في مكان واحد.
وقالت الصحيفة إن الحكومة تواجه معضلة قاسية: فهل يجب تحريك القوات إلى الأمام، في عمق غزة، ومواجهة خطر فقدان العديد من الجنود وقتل جماعي لمدنيين فلسطينيين، أو الانسحاب إلى حيث جاءت وتعطي حماس الانتصار؟.
وأضافت الصحيفة أن نفس هذه المعضلة ظهرت خلال عملية الرصاص المصبوب، في الفترة بين ديسمبر 2008 ويناير 2009 . بعد 12 أو 13 يوما، وصلت إلى استنتاج مفاده أن الجيش الإسرائيلي بدخوله غزة قد يستنفد نفسه.. استغرق الأمر 10 أياما أخرى من الجدل داخل مجلس الوزراء الاسرائيلي والتلكؤ على الأرض قبل أن تتخذ إسرائيل قرارا بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وهو القرار الذي هدأ من إطلاق الصواريخ من قطاع غزة لمدة ثلاث سنوات ونصف.
وذكرت الصحيفة أن الأمر تغير كثيرا منذ ذلك الحين، أصبحت حماس أضعف وأصبح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أقوى. واضطرت حماس للترحيب بتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية التي لن تكون ممثلة فيها.. الاتفاق كان وهمي، لكنه فتح الباب - على الأقل في الخطاب الدولي - لعودة عباس إلى غزة.
وأوضحت الصحيفة أنه منذ بداية العملية، تبحث إسرائيل عن وسيط للتوسط من أجل وقف لإطلاق النار..وكان المصريون وسيط مناسب لإسرائيل ، مضيفة أن حماس تقبل السيسي مثلما يقبل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وأضافت الصحيفة أن الأمريكيين عرضوا المساعدة .. مقترحين ضم القطريين، وربما حتى الأتراك، إلى جهود الوساطة.. ولكن مصر وإسرائيل رفضتا، لأنهما لا تقبلان تركيا وقطر في ظل الامر الحالي.. وأظهرت أبوظبي اهتماما أيضا، ولكن قطر رفضتها.
ثم اثير اسم عباس مرة أخرى .. فهو الشخص الوحيد الذي يروق لجميع اللاعبين خارج إسرائيل الاستماع إليه، بما في ذلك القيادة الخارجية لحماس. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية بدأت أيضا تدرك أنه ليس هو المشكلة، لكنه الحل. حتى أن نتنياهو وصفه بالشريك عندما ذكره في أحدى تصريحاته في مطلع الاسبوع الجاري.
وأشارت الصحيفة إلى أن المفارقة هي أن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي حاربتها حكومة نتنياهو بكل ما أوتيت من قوة، أصبحت هي الأساس لدخول عباس في حل مشكلة غزة ومبرر لدعم إسرائيل للتعاون معه. .فما كان ينظر إليه على أنه غير ملائم أمس أصبح اليوم مشروعا.
ويمكن للتفاهم مع عباس أن يحسن من حياة سكان غزة في نهاية العملية، وأن هذه المزايا لن تقدم على انها استسلام لحماس. فهي سوف تعطي الأمل للسكان. وسوف تجد حماس صعوبة في معارضتها - وإذا قامت بذلك، فإنها سوف تدفع ثمنا باهظا.
واختتمت الصحيفة بأن الحكومة الإسرائيلية لديها العديد من المعلقين الاستراتيجيين، لكن ليس لديها استراتيجية للخروج.. وقد أثيرت هذه القضية في مناقشات مجلس الوزراء الإسرائيلي التي لا نهاية لها، ولكنها لم تصل بعد إلى نضج ولم يتم تحديد الاتجاه. وكما سبق وأن قلنا، فإن إسرائيل لا تدير هذه القضية، بل حماس.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: