لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كاتب بريطاني: سياسة أوباما الخارجية أخلت الساحة العالمية أمام بوتين

07:16 ص الثلاثاء 13 أكتوبر 2015

نيويورك- (أ ش أ):

قال الكاتب البريطاني روجر كوهين، إنه يمكن تعريف سياسة باراك أوباما الخارجية من طريق أنها تشبه مبدأ ضبط النفس.

ورأى كوهين - في مقال نشرته صحيفة " نيويورك تايمز " - أنه من الواضح تماما، لا سيما للكرملين، أن الرئيس أوباما متشكك في فاعلية القوة العسكرية، ومتخوف من التدخلات الأجنبية التي قد تصبح بمثابة التزامات طويلة المدى، ومقتنع بأن زمن فرض الحلول الأمريكية قد انتهى، وميّال إلى رؤية أمريكا كشريك لا غنى عنه أكثر منها قوة لا غنى عنها.

وأضاف أن الرئيس فلاديمير بوتين أفاد من هذا التحول العميق في السياسة الخارجية للبيت الأبيض ، فتحرك في عهد أوباما أينما استطاع فكان بالأمس في أوكرانيا واليوم في سوريا.

وقال كوهين إن "أوباما قد يعزو هذه التصرفات الروسية إلى الضعف ؛ وأنها تستهدف تشتيت الأنظار عن تراجع الاقتصاد الروسي، لكن تبقى الحقيقة أن بوتين قد وطد للقوة الروسية لتستعرض نفسها مكان الخواء الذي أوجده تقزّم القوة الأمريكية، ويبدو بوتين عازما على تقرير المصير في سوريا باستخدام وسائل اختار أوباما ألا يستخدمها أبدا، ويبدو واضحا تماما أمام بوتين موطن الضعف: إنه في البيت الأبيض."

وتابع إن التدخل الروسي في سوريا قد يؤول إلى فشل تتورط معه روسيا في الانزلاق لمستنقع صدف عنه أوباما، لكن الظاهر في اللحظة الراهنة أن المبادرة باتت تخرج من الكرملين بينما البيت الأبيض يتلقاها ويتعامل معها دون أن يصنعها، إن هذا لم يحدث منذ نهاية الحرب الباردة قبل ربع قرن من الزمن: أن تقرر موسكو بينما تذعن واشنطن.

ورأى كوهين أن انتهاج أوباما لمبدأ ضبط النفس إنما يعكس ظرفا تاريخيا وطبيعة شخصية ؛ لقد تم انتخابه لقيادة أمة أنهكتها حربان هما الأطول والأعلى تكلفة في تاريخها .. لقد أنفقت أمريكا في العراق وأفغانستان تريليونات الدولارات دون أن تحقق النصر، وعليه فقد وجّه أوباما أولويته إلى الداخل : أولا التعافي من أزمة 2008، ثم بعد ذلك العمل على تحقيق قدر أكبر من العدالة المجتمعية .. ولم يكن اهتمام أوباما متجها إلى آسيا وإنما كان منصبا على الداخل الأمريكي ، وإضافة إلى ما تقدم ، فإن القوة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين ليست كما كانت عليه في القرن العشرين .. فقد تضاعف الاقتصاد الصيني خمس مرات في حجمه منذ عام 1990 .. وكان على الرئيس أوباما - الواقف على تلك الحقائق والتغيرات - أن يعيد تحديد آفاق السياسة الخارجية الأمريكية في عالم متصل قواه أكثر تقاربا من ذي قبل - هذا فيما يتعلق بالظرف التاريخي - أما بخصوص الطبيعة الشخصية ، فإن أوباما يميل بطبعه إلى الحكمة والدبلوماسية أكثر من ميله إلى استخدام القوة .. وعليه فإن القوة الأمريكية، في نظره ، قد تكون لا تزال مُشرفة ، لكنها لم تعد مُقرِرة كما كانت.

ورصد كوهين تصريحا أدلى به أوباما عام 2013 قال فيه "إنني أهتم كثيرا ليس فقط بأوجه قدراتنا ولكن أيضا بأوجه قصورنا" لا سيما بعد كمّ الإحباط الرهيب الذي أصيبت به أمريكا بعد تجربتي العراق وأفغانستان .. وتساءل عمّن يمكنه أن يلوم أوباما على توجهاته؟ ، وقال إنه عندما تركز الأمة ذات القوة الأكبر على وجه الأرض والضامن الأقوى للأمن العالمي - على أوجه قصورها - فإنها تعطي الفرصة لغيرها بأن تفتح عيونها على فرصة سانحة لاستعراض قوتها .. مؤكدا أن ظهور أوباما مكبلا بالتردد في ساحات كل من أفغانستان وليبيا وسوريا ، قد أخبر كلا من بوتين والرئيس الصيني شي جين بينج أن هذا هو وقت لعْلق جرح الاضطراب الأمريكي.

واستدرك كوهين إن "أوباما مع كل ذلك لا يبدو مفتقرا إلى الشجاعة، ولا هو غير مؤهل لركوب الأخطار؛ فلقد تطلب الأمر شجاعة لإبرام اتفاق إيران النووي - وهو إنجاز حققه أوباما متخطيا عقبات كأداء زرعتها أمامه إسرائيل والكونجرس المسيطر عليه الجمهوريون - كما تطلب تحقيق إنفراجة دبلوماسية مع كوبا نوعا من الشجاعة، وكانت العملية الناجحة لقتل أسامة بن لادن محفوفة بالمخاطر، مشيرا الى أن سياسة أوباما الخارجية قد أثمرت في الداخل بعد أن حدّت أمريكا من حروبها الخارجية واتجهت إلى إنعاش اقتصادها والتفتت إلى مشكلاتها المجتمعية."

واختتم كوهين مقاله بأن ثمن انتهاج سياسة ضبط النفس كان باهظا ، ولا نستطيع الآن تقديره، لكن العالم بات أكثر خطورة عما تستطيع الذاكرة الحديثة استعراضه.. وإن تشكك أوباما بشأن القوة الأمريكية، واستعداده للنأي عن أوروبا وتردده الكارثي إزاء سوريا قد ترك الشرق الأوسط في حالة من التمزق والصراع المرشح للاستمرار على مدى أجيال، كما باتت أوروبا غير مستقرة بينما تخلو الساحة تماما أمام بوتين وحده.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان