لماذا يجب على أمريكا منع روسيا من محاربة داعش في سوريا؟
كتبت - أماني بهجت:
بعد ما يقرب من أسبوعين على إعلان روسيا لدخولها المعترك السوري بشكل رسمي وبالمشاركة بالضربات الجوية وقوات مشاه على الأراضي السورية، تزعم روسيا أن سبب مشاركتها هو القضاء على تنظيم داعش، ولكن وفقًا لتقارير عديدة فإن السبب الرئيسي هو تدعيم حكم الرئيس السوري بشار الأسد، وتناولت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية هذا الشأن في مقال لها.
"لندع روسيا تتخلص من داعش.. لماذا يجب علينا أن نهتم؟" دونالد ترامب –المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري للانتخابات الأمريكية 2016- متسائلًا. هذا سؤال مُنصف، ماذا يضيرنا إذا تركنا بوتين يقاتل في سوريا بدلًا منا؟
وفقًا للمقال الصادر عن الصحيفة فإن الإجابة عن هذا السؤال: الكثير.
بدايةً: فروسيا لا تحارب "داعش"، فوفقًا لما يراه معهد دراسة الحرب، فالضربات الجوية الروسية تركزت بشكل أساسي على مناطق تابعة لجماعات سنية أخرى يعتبرها الأسد مصدر تهديد له، بعض من هذه الجماعات –التي تلقت الضربات الجوية الروسية- متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتتلقى تدريبات منها. ذلك أن الهدف الاستراتيجي لروسيا ليس تدمير "داعش"، وإنما تدعيم سيطرة نظام الأسد الذي يتلقى دعمًا من إيران. وذلك عن طريق تدمير المعارضة المعتدلة، وبذلك يتبقى أمام العالم: إما الأسد، أو داعش، ويبدو أن أوباما تفوته هذه النقطة. الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما –بشكل ساذج- أنه يجب على روسيا ألا تستهدف المسلحين المدعومين من واشنطن، "نحن بحاجة لمعارضة معتدلة لتحقيق الانتقال من حكم الأسد"، هذا هو سبب الرئيسي وراء استهداف بوتين لهم.
ثانيًا: التدخل الروسي قد يعزز من قوة داعش، ذلك أنه يقضي على المعارضة المعتدلة، مما يسهل المهمة على داعش ونظام الأسد، الجماعات السنية التي لا تنتمي لداعش وجبهة النصرة –تنظيم القاعدة في سوريا- من شأنهم الانضمام إلى داعش، مما يجعل داعش الخيار الوحيد المتبقي أمام السوريين المعارضين للأسد. جاعلين المهمة أسهل كثيرًا أمام نظام الأسد حيث أن وجود داعش وتهديدها مبرر قوي لاستمرار نظام الأسد.
وثالثًا: الوجود الروسي داخل سوريا سيقوي وجود إيران. لم يكن مصادفةً وجود قوات روسية على الأراضي الروسية بعد أسابيع قليلة من زيارة قائد "فيلق القدس" الإيراني، الجنرال قاسم سليماني لموسكو. كلٍ من روسيا وإيران مستفيدًا من الوضع الحالي في سوريا. فالمكاسب لروسيا، أن لها قاعدة دائمة داخل الشرق الأوسط، واستغلالها للقاعدة الجوية والموانئ المُطلة على البحر المتوسط والتي تُمكنها من نشر قواتها بسهولة وبذلك تتحدى الولايات المتحدة وحلفائها. وإيران فيمكنها وجودها في سوريا الحصول على أسلحة ، وعقد تحالفات جديدة للتصدي للنفوذ الأمريكي بالمنطقة، يضم هذا التحالف كل من روسيا وإيران والعراق وحزب الله بلبنان، وبالطبع هذا التحالف يُمثل خطرًا كبيرًا على المصالح الأمريكية في المنطقة.
رابعًا: التدخل الروسي في سوريا يُظهر مدى الضعف الأمريكي. حيث أن أوباما عندما أعلن الحرب على داعش قد وعد بتدميرها. والآن بعد تدخل روسيا، يُعطي هذا انطباعًا بأن الولايات المتحدة تخسر الحرب، وأن التدخل السوري هو لإنقاذ الموقف. الحملة العسكرية الأمريكية التي تتسم بالضعف هي التي أعطت الفرصة لروسيا. ما فعتله روسيا قد يمتد خارج الشرق الأوسط، حيث أصبح بوتين يمتلك قاعدة جوية تبعد 5 دقائق عن تركيا –حليف الناتو-. يمكن لخصوم أخرون للولايات المتحدة محاولة تكرار ما فعتله روسيا.
خامسًا: الهجمات الروسية تعطي انطباعًا بأن الولايات المتحدة لم تعد حليفًا يُعتمد عليه. فروسيا حذرت الولايات المتحدة بأن "تبتعد عن الطريق" بينما تقوم هي بضرب القوات –التي قامت أمريكا بتجنيدها وتدربيها لقتال داعش-، ولا تفعل الولايات المتحدة أي شئ حيال ذلك، مما يضعف ثقة حلفاء أمريكا بها.
الموقف الأمريكي الهادئ حيال الهجمات الروسية يرسل إحساسًا بأن أمريكا متحالفة ضمنيًا مع روسيا وإيران ونظام الأسد وباقي حلفاء نظام الأسد ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. بينما يرى أوباما أن القلق حول هذه الأمر لا ينبغي أن يكون موجودًا، ويرى أن ما يفعله بوتين إنما يقوم به من منطلق –ما أطلق عليه أوباما- "الضعف"، وأن بوتين يقوم الآن بمثل ما قام به الاتحاد السوفيتي في 1979 في أفغانستان.
وتقول الصحيفة أن سر القلق هنا هو أن التدخل الروسي في روسيا هو كارثة جيو-استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
فيديو قد يعجبك: