لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حقل الغاز المصري يهدد بقلب دبلوماسية الطاقة في الشرق الأوسط

04:46 م الخميس 29 أكتوبر 2015

كتب – سامي مجدي:

كانت شركة إيني الإيطالية للطاقة تعلم أنها دخلت مخاطرة كبيرة هذا الصيف عندما أنفقت 60 مليون دولار في عمليات حفر استكشافية وبدأت في الحفر وحفرت أكثر من 100 ميل قبالة السواحل المصرية، حسبما أفادت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير مطول نشرته يوم الأربعاء على موقعها الإلكتروني.

وأعلنت شركة إيني اكتشاف أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم على سواحل مصر في البحر المتوسط في 30 أغسطس الماضي.
وإيني هي أكبر شركة أجنبية للنفط والغاز في أفريقيا من حيث حجم عملياتها. وتعمل في مصر منذ عام 1954 وتنتج نحو 220 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميا.
وقالت الشركة في بيان إن حقل الغاز يوجد على عمق 1450 مترا تحت سطح الماء على مساحة 100 كيلو متر مربع.

وأضافت الشركة الإيطالية أن الحقل يحوي احتياطات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وهو ما يعادل نحو 5.5 مليارات برميل من النفط.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة كلاوديو ديسكالتسي في تصريحات صحفية "إنني مسرور للغاية باستحواذنا على هذه التراخيص الجديدة للتنقيب، والتي تعزز وجودنا بشكل أكبر في مصر، وهي دولة مهمة تاريخيا واستراتيجيا لإيني".

بيد أن "المقامرة التي غامرت بها إيني أتت بثمارها- تقول الصحيفة الأمريكية - باستخدامها حقوق الحفر من الحكومة المصرية وكشف عن حقل غاز طبيعي "عملاق". وقد يكون ذلك أكبر كشف إلى الآن في البحر المتوسط وأكبر حقل غاز في العام يتم اكتشافه منذ سنوات.

تقول نيويورك تايمز إن إيني بحاجة إلى حفر المزيد من الابار حتى تثبت أن حقل الزهور به ما يصل إلى 30 تريليون قدم مكعب من الغاز. وهذا يمكن أن تصل قيمته إلى نحو 100 مليار دولار، مع الاخذ في الاعتبار انخفاض أسعار الطاقة في الوقت الراهن.

وقالت شركة إيني إنها تعتزم استكمال أنشطة الحفر أوائل العام المقبل وذلك بحفر ثلاث آبار لسرعة تنمية الكشف على مراحل بالاستفادة من البنية الأساسية المتاحة.
وتضيف الصحيفة إن الحقل يفتح أفاقا مشرقة أمام الاقتصاد المصري، التي تغرق في الظلام بسبب نقص الطاقة وسنوات الاضطرابات السياسية.
غير أنه مع كافة ما يجري في الشرق الأوسط، فإن اكتشاف عن حقل الغاز له تداعيات جيوسياسية، ما جعل من ديسكالتسي يلعب دول المكوك الدبلوماسي، بحسب وصف نيويورك تايمز.
وقال ديسكالزي في تصريحات عقب الإعلان عن الكشف إن " الكشف التاريخي سيحول مصير الطاقة في مصر".

وذكرت ايني أن "تنمية الكشف الغازي ستستغرق حوالي 4 سنوات ليسهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي لعدة عقود".
ويمثل الكشف الجديد تحديا لمشروعات غاز في إسرائيل وقبرص.

"ومن الممكن أن يؤدي استقلال مصر في مجال الطاقة إلى انحراف الجهود – التي تدعمها الولايات المتحدة – لاستخدام دبلوماسية الطاقة لتحسين العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب. كما أن إسرائيل لديها طموحاتها الخاصة في تصدير الغاز الطبيعي للخارج، من بينها خطة طويلة الأمد لبيع الغاز لمصر".
وكانت مصر حتى وقت قريب تصدر الغاز الطبيعي لإسرائيل.

والتقى ديسكالتسي مؤخرا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي لبحث الخطوات المقبلة. ويخطط رئيس إيني لزيارة القدس في إطار جهود لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه لا تزال هناك فرصا أمام مصر وإسرائيل للازدهار معا من خلال تطوير حقول الغاز التابعة لهما.
لكن حتى قبل الكشف عن حقل الزهور، انقسم المسؤولون الإسرائيليون حول كيفية المضي قدما في العمل على تصدير الغاز. وانصرفت أنظار الحكومة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة إلى موجة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

بيد أن ديسكالتسي يقول إنه يتصور تعاون إسرائيل ومصر في نهاية المطاف وتصدير الغاز إلى أوروبا وأجزاء أخرى من العالم، ربما في شكل نقل الغاز المسال. وأشار إلى أن قبرص المجاورة، التي تم الكشف فيها عن حقل غاز اخر، ربما تكون مرشحا اخر في إطار شراكة إقليمية.
وقال ديسكالتسي في مقابلة صحفية مؤخرا إن حقل الزهور "خلق فرصة كبيرة. يمكننا عمل مركزا كبيرا شرق البحر المتوسط".
وفي أجوبة مكتوبة على أسئلة وجهتها نيويورك تايمز، أوضح وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا أن" مصر مؤهلة للعب دور استراتيجي كبير بالنظر إلى اكتشافات الغاز في منطقة شرق المتوسط".

غير أن هذا التفاؤل لا يتشاركه الجميع، فالاقتصاد المصري قد يستخدم الاكتشاف كرافعة.
وتقول نيويورك تايمز إن دخل الفرد السنوي في مصر نحو 3500 دولار (نحو 28 ألف جنيه) ومعدل النمو بها نحو 3 في المئة فقط في العام. وهو معدل ما زال بعيدا بالنسبة للبلد حتى تصعد منحنى التنمية بسرعة كافية حتى تلبي احتياجات سكانها البالغ تعدادهم 82 مليون نسمة – وهو معدل أقل من 5 في المئة، معدل النمو الذي كانت تحققه قبل الإطاحة بالديكتاتور السابق حسني مبارك في 2011.

وتعاني مصر من نقص شديد في الطاقة الأمر الذي يؤثر على تشغيل الكثير من المصانع ويتسبب في انقطاع الكهرباء بصورة مستمرة خاصة في أيام الصيف.
وتقول الصحيفة إنه مع الكشف الكبير، فقد تتمكن مصر من وقف استخدام البترول في تشغيل محطات الكهرباء وتبدأ في تصديره. كما أن الغاز الجديد يمكن أن يساعد في الحفاظ على العملة الأجنبية ويمكن أيضا أن يضخ استثمارات في المصانع التي تعمل بالغاز ومحطات توليد الطاقة. كما يمكن أن تصدر الغاز الطبيعي.

ويقول مارتن ميرفي، محلل في شركة استشارات الطاقة في إدنبرة، إن مصر "شهدت تحولا ملحوظا في ثرواتها – إنها تبدو وكأنها وضعت سياسات الطاقة على مسارها الصحيح".
لكن ثروة مصر يمكن أن تأتي على حساب جارتها الأكثر ثراء، إسرائيل. فكشف إيني قد يهدد طموحات إسرائيل بالاستفادة من حقل الغاز العملاق الذي اكتشفته قبالة سواحلها.
ولدى إسرائيل كفاء ذاتي من الغاز الطبيعي من حقل تامار الصغير الذي اكتشف في 2009 التي يغذي البلاد عبر أنبوب.

واكتشفت نوبل للطاقة، وهي شركة أمريكية تشغل حقل تامار لصالح الحكومة الإسرائيلية، حقل ليفياثان الأكبر في المياه الإسرائيلية في 2010. ويعتقد أن يفيض عن حاجة إسرائيل من الغاز الطبيعي.

وبتشجيع من الإدارة الأمريكية توصلت نوبل إلى اتفاقات مبدئية العام الماضي لتصدير الغاز إلى مصر والأردن، وهي خطوة وافق عليها نتنياهو على اعتبار أنها تعود عليه بالأموال وتعزز علاقاته مع عدويه السابقين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان