نيويورك تايمز: الإمارات ترسل مرتزقة أجانب للقتال في اليمن
كتبت – أماني بهجت:
مع مرور 8 أشهر على ضربات التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية نشرت صحيفة النيويورك تايمز تحقيقًا قالت فيه أن الإمارات كانت قد أرسلت المئات من المرتزقة الكولومبيين للحرب الدائرة في اليمن، مأججين بذلك الصراع المعقد وحرب الوكالة الدائرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
ووفقًا لأشخاص قد عملوا في هذا البرنامج –تدريب أجانب لصالح القتال للإمارات في الخارج-، فهذه هي الطليعة الأولى من المرتزقة الذين تدربوا في الصحراء على مدار الخمس سنوات الماضية.
البرنامج كان يدار من جانب شركة خاصة مرتبطة بإريك برنس، مؤسس بلاك ووتر، ولكن هذه الشراكة انتهت منذ عدة سنوات وأصبح البرنامج يدار بالكامل من جانب الجيش الإماراتي.
الوحدة المكونة من 450 عسكريًا والتي وصلت إلى اليمن تضم أيضًا جنسيات مختلفة من أمريكا اللاتينية، من ضمن هذه الجنسيات السلفادور وبنما وتشيلي.
وتقول الصحيفة أن انخراط هؤلاء المرتزقة وانضمامهم للقتال في اليمن يزيد من صعوبة الوضع واستمرار الفوضى في اليمن حيث القتال الدائر بين قوات الجيش اليمني والحوثيين والقبائل بالإضافة إلى عناصر تنظيم القاعدة.
بدأت الحملة العسكرية العربية في اليمن في بدايات هذا العام عندما قامت السعودية بتشكيل حلف عربي يضم دول خليجية وعربية مدعومًا من الولايات المتحدة الأمريكية وذلك من أجل إخراج الحوثيين من صنعاء –العاصمة اليمنية- والتي كان الحوثيين قد أحكموا سيطرتهم عليها في سبتمبر من العام الماضي 2014.
وتكمل الصحيفة أن هذا التحول النوعي في استراتيجية الإمارات يعطي لمحة عن النهج التي تتبناه دول الخليج إزاء الصراعات في المنطقة. فقد انخرطت السعودية والإمارات وقطر في محاولات وقف الفوضى الناتجة عن الربيع العربي منذ نهايات 2010.
وكانت هذه الدول قد خاضت صراعات في اليمن وليبيا وسوريا، هذه الدول لم تدخل حروبًا بالشكل المتعارف عليه كحروب طويلة بالإضافة إلى أن شعوبهم لا تبدي اهتمامًا بالخدمة العسكرية.
وكان قد تم اختيار المرتزقة الكولومبيين الذين أرسلوا لليمن من ضمن 1800 أخرين قادمين من أمريكا اللاتينية لتلقى تدريبات في القاعدة الإماراتية.
ووفقًا للصحيفة فإن الجنود كان قد تم إيقاظهم في منتصف الليل في أحد الأيام في الشهر الماضي وتم إخبارهم إنهم سيسافروا لليمن، وقبل سفرهم لليمن كان قد تم مُنِح كل من المرتزقة رقم ورتبة عسكرية بالجيش الإماراتي، بينما ظل بقية المرتزقة الـ1800 في القاعدة الإماراتية يتلقون التدريبات على المعدات القتالية التي تستخدمها الإمارات في اليمن.
تقول الصحيفة أن المسؤولين الإماراتيين كانوا قد اختاروا مقاتلين من كولومبيا لاعتقادهم إنهم قادرون على خوض حرب العصابات وأنهم مقاتلون ذو بأس شديد، بالإضافة إلى أن بعض منهم قد قاتل ضد منظمة القوات الثورية الكولومبية المسلحة والمعروفة باسم فارك.
وحتى الآن لا يوجد مهمة واضحة للمقاتلين الكولومبيين في اليمن، وقد جاء على لسان أحد المشاركين في البرنامج أن المرتزقة لن ينخرطوا في الحرب إلا بعد مضي بضعة أسابيع، وإنهم سوف يقوموا بالانضمام لمئات الجنود من السعودية والسودان والذين تم إرسالهم إلى اليمن مسبقًا ضمن قوات التحالف.
ووفقًا لتقرير للأمم المتحدة، فهناك ما يقرب من 400 جندي اريتري موجودون مع الجنود الإماراتيين في اليمن. وإذا ثبت صحة هذا التقرير، فإن هذا يعد خرقًا لقانون صادر عن الأمم المتحدة يقوم بتحديد أنشطة القوات الارتيرية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي تشارك في الحملة العسكرية العربية في اليمن بقيادة السعودية، حيث تقوم الولايات المتحدة بتقديم الدعم اللوجيستي، بالإضافة إلى إرسال البنتاجون إلى فريق عسكري لتقديم استشارات أمنية لاستخدامها في الغارات على أهداف الحوثيين وقوات على عبد الله صالح.
ووفقًا للصحيفة فإدارة أوباما كانت قد وافقت على صفقات أسلحة نوعية في السنوات الماضية تقدر قيمتها بالمليارات، كانت الإمارات والسعودية قد تقدمت بطلبات شراء لها، ويذكر أن بعض من هذه الأسلحة قد تم استخدامها في اليمن.
كانت الإدارة قد وافقت على صفقة لشراء قنابل بقيمة 1.29 مليار دولار وذلك من إعادة ملأ مخازن الأسلحة بعد بداية حرب اليمن، ويقول مسؤولون أمريكيون أن الصفقات غير مرتبطة بالحرب في اليمن وأنها ستُسلم بعد عدة أشهر وليس الآن.
وأشارت الصحيفة أن التدخل الإيراني في الحرب جنبًا إلى جنب مع الحوثيين أعطى للصراع ملمحا طائفيا، القوات الإماراتية المشاركة في الحرب باليمن كانت تقوم بعمليات ضد تنظيم القاعدة، ومع وصولهم في أغسطس الماضي لليمن لقى عشرات الجنود من القوات الخاصة حتفهم في هجوم واحد حيث لقى 45 جنديًا مصرعهم في سبتمبر، ذلك بالإضافة إلى الجنود من البحرين.
يعد وجود مرتزقة من أمريكا اللاتينية –وفقًا لوثائق ومسؤولين أمريكيين وأخرين مطلعين على طبيعة عمل هذه القوات- فإنهم مهامهم تقتصر على مهام محدودة مثل حماية خطوط نفط، حراسة منشآت هامة، وأحيانًا للسيطرة على المعسكرات حيث تقيم العمالة الأجنبية في الإمارات.
في 2011 تم تقديم نبذة عن البرنامج من قبل المشاركين، دار الحديث عن تنظيم القاعدة وتواجده في منطقة شبه الجزيرة العربية، وعن القراصنة الصوماليين، وحوادث الشعب المحلية، وذلك باعتبارها تهديدات لأمن الإمارات واستقرارها.
ووفقًا للصحيفة فالمرتزقة الكولومبيين قد تم إخبارهم أنهم قد يتم إرسالهم في مهام خارج الإمارات، لكن المهمة الوحيدة التي نفذوها خارج الإمارات قبل إرسالهم لليمن كانت حماية ناقلة نفط تجارية، وهذه المهام نادرة.
تقع القاعدة العسكرية التي يتواجد بها المرتزقة في مدينة زايد العسكرية، وتقول الصحيفة أن الجنود يعيشون حياة رتيبة حيث يبدأ يومهم في الخامسة صباحًا للقيام بتدريبات عسكرية ورياضية وتتضمن هذه التدريبات إطلاق النيران والسيطرة على أحداث الشعب.
ويعمل أجانب منهم أمريكيون كمدربين للمرتزقة من أمريكا اللاتينية.
وترصد الصحيفة بعض الطقوس المتبعة يوميًا، فمع اشتداد الحرارة أثناء التدريبات ينتقل الجنود إلى قاعات مكيفة لتلقى باقي التدريبات، يعيش الجنود في تقشف في المعسكر الواقع بالصحراء، حيث يجب عليهم غسل ملابسهم بأنفسهم، بالإضافة إلى وجود انترنت لكن من غير المسموح لهم نشر صور لهم على الانترنت، أما عن الطعام فهو في مستوى "العادي"، ووفقًا لأحد الجنود فهو يتناولون نفس الطعام كل يوم، حيث يتناول الجنود الدجاج كل يوم.
وكانت الإمارات قد أنفقت ملايين الدولارات لجعل المعسكر مناسبًا من الناحية العسكرية من حيث الأسلحة والشاحنات المصفحة ونظم الاتصالات، أما عن القادة الإماراتيين فهم لا يزورون المعسكر إلا قليلًا.
يحصل الجنود على أجور مغرية مما يحملهم على البقاء، حيث يتقاضى الجندي الواحد أجرًا يتراوح بين 3000 إلى 4000 دولار وهو مبلغ كبير مقارنةً بـ400 دولار حال عملوا في كولومبيا، أما الجنود الموجودين باليمن فيتقاضى الجندي الواحد منهم 1000 دولار في الأسبوع، ذلك وفقًا لبعض المصادر الذين عملوا في المشروع.
المشروع الذي بدأ في 2010 كان قد تم تدريب المئات من القوات الكولومبية من خلاله مما جعل الحكومة الكولومبية تسعى لعقد اتفاقًا مع الحكومة الاماراتية من أجل وقف تسرب قواتها إلى الخليج، وقد التقى ممثلو عن الجهتين إلا إنه لم يتم التوصل لشيء.
وجلوبال انتربرايز تُدار من الرئيس السابق للقوات الخاصة أوسكار جارسيا باني، ويعمل جارسيا كقائد للوحدة الموجودة بالإمارات بالإضافة إلى كونه جزء من مجموعة العسكريين التي نشرت في اليمن.
يشير الخبراء إلى في الوقت التي تهاجر فيه القوات الكولومبية إلى الخليج سعيًا وراء الأموال لإرسالها لعوائلهم التي تعاني من أوضاع صعبة فدول أمريكا اللاتينية تحتاج هؤلاء الجنود وذلك من أجل استخدامهم في معاركها ضد عصابات المخدرات.
فيديو قد يعجبك: