لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تكريت: تخلصت من داعش.. ولكن!

01:23 م الأحد 10 مايو 2015

تنظيم الدولة الإسلامية

كتب - سامي مجدي:

كثيرون كانوا يأملون في أن تنتهي معاناة سكان تكريت، في محافظة صلاح الدين، بعد تحريرها من براثن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، غير أن الطائفية بين السنة والشيعة والتوترات العشائرية لا تزال تعصف بالمدينة.

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وصفت الأوضاع في المدينة بعد أكثر من شهر من تحريرها، وقالت إن المنطقة المحيطة بالمدينة مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين، تبدو وكأنها بانوراما للبقايا المتناثرة من المعركة ضد الدولة الإسلامية حيث السيارات المتفحمة وقذائف الهاون الفارغة والحفر في الطرقات جراء القنابل.

وتصف الصحيفة مشهدا عند نقطة تفتيش حيث يجلس أحد عناصر الميليشيات مع حاسوبه المحمول، وفي أخرى هناك ملفا ورديا، بداخل كل واحدة قائمة بآلاف الأسماء المشتبه في كونهم مقاتلين مع داعش أو متعاونين مع التنظيم.

يقول حسن الجبوري، المقاتل الذي أمامه حاسوب محمول، ''إذا كان (من) داعش، سوف أقبض عليه''، مشيرا إلى أن حاسوبه يحتوي على 6 آلاف اسم لا يأذن لهم بدخول المدينة. ''وإذا لم يكن من داعش، ليس لدينا مشكلة''.

ونظر إلى معركة تكريت والقرى المحيطة بها على أنها اختبارا حاسما لقدرة الحكومة العراقية وشركائها – المليشيات الشيعة والمستشارين العسكريين الإيرانيين والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة – على استعادة الأراضي التي احتاتها الدولة الإسلامية في هجوم الصيف الخاطف.

السيطرة لمن؟

T1

فبعد النصر، لا تزال هناك تحديات على نفس القدر من الأهمية، على ما تقول الصحيفة، مشيرة إلى استقرار المنطقة التي يهمين عليها السنة، وإعادة تسكينها، من دون خلق العداوات الطائفية التي ساعدت الدولة الإسلامية على الاستيلاء على الأراضي في المقام الأول.

وزاد الدور الكبير الذي لعبته الميليشيات الشيعية في استعادة محافظة صلاح الدين، وهي مساحة شاسعة من قلب الأراضي السنية وعاصمتها تكريت، من مخاوف احتمالية قيامهم بهجمات انتقامية واسعة النطاق ضد السنة، تلك المخاوف لم تتحقق إلى حد كبير في تكريت، حتى على الرغم من وجود تقارير عن نهب وحالت غير مؤكدة عن قتل خارج تطاق القانون.

كما كان هناك سؤال اخر هو من يسيطر على الأراضي بعد انتزاعها من داعش: المجموعات الشيعية أو القوات السنية المحلية، وفقا لما أوردته الصحيفة.

تقول نيويورك تايمز إنه بعد أكثر من شهر من تحرير تكريت، هناك وجوه سنية لا يمكن إنكارها في كوكبة الجماعات المسلحة التي تسيطر على المنطقة، حتى إن كان قادة المليشيات الشيعية يبدون في نهاية المطاف في أغلب اللقطات.

وعاد أفراد الشرطة المحليين، الذين فروا العام الماضي عندما اجتاحت قوات الدولة الإسلامية المدنية، ويقومون الآن بدورياتهم الأمنية.

وانضم بعض السنة المحليين إلى المليشيات الشيعة، التي تحتشد تحت لافتة قوات التحرك الشعبي وفي جزء منها تحت سيطرة الحكومة المركزية في بغداد.

والمقاتلون الذين يحرسون نقاط التفتيش ويفحصون المدنيين العائدين إلى منازلهم من السنة، حتى أن العدد العائل في قوائمهم يزيد من احتمالية إنزال عقاب جماعي على تصرفات عدد قليل.

النزاعات العشائرية

t3

تقول نيويورك تايمز إنه حتى الآن فتحت المخاوف من عمليات القتل الانتقامي طريقا لقلق اخر، هو أن النزاعات بين العشائر السنة في صلاح الدين تؤدي إلى المزيد من العنف.

وتوضح الصحيفة أن هذا الخوف يأتي من حقيقة أن معظم المسلحين السنة ومعظمهم من المدنيين العائدين إلى المحافظة، من عشيرة واحدة هي عشيرة الجبور، تلك العشيرة المعروفة تاريخيا بتأييدها للحكومة وتقاوم تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي قرية العالم شمالي تكريت، معقل عشيرة الجبور، عادت كثير من العائلات وتمضي الحياة في مسارها.

وتصف الصحيفة في تقريرها مشهدا لأطفال يلعبون كرة قدم ويلوحون بعلامات النصر لعناصر المليشيات في شاحناتهم من طراز تويوتا هايلوكس بيضاء اللون. كما أن الكهرباء موجودة والأسواق مليئة بالفواكه والخضروات في المدينة.

فمن يركبون هذه الشاحنات من السنة سجلوا أنفسهم لدى اثنتين من المليشيات الشيعية التي كانوا يخافونها يوما ما، ولا يزالون في العديد من الأماكن، في الجالية السنية لدورهم في العنف الطائفي في 2006 و2007، والميليشيتان هما: جماعة بدر وعصائب أهل الحق، وكلتاهما على علاقة وثيقة مع إيران.

يقول عكران الجيبوري، أحد عناصر جماعة بدر في قرية العالم، ''الجيش العراقي لا يدعمنا''، مضيفا ''عندما طرقنا باب هادي الأميري رحب بنا وسلحنا''، مشيرا إلى قائد بدر وهو مسؤول عراقي قريب من إيران.

وتدفع الولايات المتحدة الحكومة العراقية لتسليح رجال العشائر السنية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، غير أن تلك الجهود ليست ناجحة بشكل كبير.

فتلك المليشيات – حسبما تقول الصحيفة – على الأقل في طريق صغير في تكريت – ألقت المزيد من الضوء على زيادة التأثير الإيراني في العراق.

يقول خلف الدليمي، مقاتل اخر في جماعة بدر، ''إذا انتظرنا الولايات المتحدة والحكومة العراقية، سنبقى مهجرين في الصحراء''.

وتشير الصحيفة إلى لافتة سوداء بقوائم أسماء السكان الذين تم إعدامهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.

ففي صباح أحد الأيام وصل 15 فراد من عائلة واحدة من بغداد في شاحنة إلى منزلهم. ويقول سيف النوري، أحد أفراد العائلة، ''حقا لا أستطيع التعبير عن سعادتي''، مثنيا على دور المليشيات في تحرير مسقط بلدته وقال إنه سيعيد محل قطع غيار السيارات الذي يملكه قريبا.

مدينة أشباح

ولا تزال تكريت، على الرغم من ذلك، بلدة أشباح، حتى أنه قليلا من المدنيين عادوا إن لم يكن أيهم قد عاد.

فواجهات المحلات في وسط المدينة لا تزال محترقة الوجوه على الشعارات حتى تلك الحيوانات مغطاة بالأسود – حيث يعتقد أفراد تنظيم الدولة الإسلامية أن أي تصوير لخلق الله ممنوع.

وعلى بعض المنازل التي كانت مملوكة للدولة الإسلامية كانت هناك رسومات بالأسود. ويقول مسؤولون لنيويورك تايمز إن المنطقة لا تزال غير آمنة من القنابل التي لم تنفجر، غير أنه هناك على الأقل إشارة على حصول تقدم. فمصابيح إنارة الشوارع أضيئت في المساء مؤخرا.

ولا يزال عشرات الآلاف من سكان المنطقة خاصة من تكريت نفسها الذين فروا، عالقين في المنفى، ويقولون إنهم غير قادرين على العودة، فالحكومة لم تسمح لهم بذلك إلى الآن؛ كثيرا منهم يخافون الانتقام سواء من المليشيات الشيعية أو العشائر المنافسة.

ويقول علي إحسان، 32 عاما، أستاذ جامعي من تكريت لجأ إلى إقليم كردستان في شمال البلاد الصيف الماضي بعد استيلاء داعش على المدينة ''الحكومة لابد أن تضمن سلامة عودتنا وتتأكد من أن المليشيات لن تعود مرة أخرى، سوى ذلك تكريت مفقودة''.

العقاب الجماعي

T5

ومنتقدو الحكومة يقولون إنها لم تفعل ما يكفي لتحقيق استقرار تكريت والسماح بالمدنيين بالعودة، ويضيفون إنه لا توجد خطوط سلطة واضحة فيما بين الجماعات المسلحة في المدينة من بينهم المليشيات الشيعة ووحدات الشرطة المحلية والسنة الذين عادوا.

ويقول زياد العلي، وهو محلل عراقي ومؤلف كتاب ''الصراع من أجل مستقبل العراق''، إن في أعقاب معركة تكريت، حولت الحكومة العراقية تركيزها من الحملات العسكرية في بيجي، وبها أكبر مصفاة نفط في البلاد، إلى الشمال ومحافظة الأنبار في الغرب وتجاهلت تكريت نفسها.

ويضيف العلي، الذي لا يزال محتفظا باتصالات واسعة مع سكان تكريت، ''يشعرون وكأنهم يستطيعون التحرك. لا أعتقد أنهم يفهمون الاثار طويلة المدى لعدم تسكين التكريتيين''.

ويشير إلى أن السماح لسكان تكريت بالعودة إلى منازلهم واستعادة الخدمات الأساسية يساعد في ربح السكان المحليين في مناطق أخرى تحت سيطرة الدولة الإسلامية، مثل محافظة الأنبار والموصل (في صف الحكومة)، كما يؤثر على مستقل الحملات العسكرية.

وقال إن الإخفاق في جلب الاستقرار لتكريت، سوف يوفر قيمة دعائية للدولة الإسلامية بما يسمح للتنظيم أن يجادل بأن سلطته كان أفضل من الحكومة الشيعية بالنسبة للسنة.

كان محافظ صلاح الدين قد أعلن الأسبوع الماضي أن سكان تكريت يمكنهم أن يبدأوا في العودة في الأسابيع المقبلة، لكنه قال إن أي عائلة لديها ولو فرد واحد انضم إلى الدولة الإسلامية فسوف يحظر عودتها إلى منازلها.

ويقول العلي إن ذلك يعني المزيد من عدم الاستقرار، ويزيد من التساؤلات بشأن كيف تحدد السلطات من كان مع الدولة الإسلامية ومن لم يكن معها.

وقال ''إنه لأمر غير عادل للغاية. مسألة العقاب الجماعي لا تزال على الخريطة''.

T4

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان