دروس من هجوم تونس: "الإرهاب سرطان معقد وعلاجه طويل المدى"
كتبت ـ مروة مصطفى:
يعتبر الوصف الأكثر دقة لإرهاب ما بعد تنظيم القاعدة هو "ورم سرطاني" لم تعد مشكلته تتمثل في مواجهة قدومه من الخارج، ولكنه بنمو وينتشر داخل الجسد نفسه، وبالتالي فمحاولة القضاء عليه وجها لوجه لن تكون كافية، بحسب تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية.
تقول الجارديان أن الحكومة التونسية أطلقت من بضعة أشهر حملة مضادة للإرهاب تحت شعار "الإرهاب ليس جزءا منا" في استجابة لتزايد أعمال العنف في البلاد، وكانت الرسالة الرئيسية للحملة تسلط الضوء على التسامح والتعايش السلمي كأساس للمجتمع التونسي.
"إلا أن تونس لم تكد تنعم بالهدوء بضعة أشهر بعد الهجوم الدموي على متحف باردو في تونس التي خلفت 24 قتيلا، حتى ضربها هجوم إرهابي آخر أمس الأول، وجه ضد السائحين في منتجع مرسى القنطاوي بولاية سوسة، وهو واحد من أكثر المنتجعات شعبية في تونس.. وهكذا عاش السياح أسوأ كوابيس الشعب التونسي الإرهاب"، بحسب الصحيفة البريطانية نفسها.
وتضيف الجارديان أنه بعد هجوم باردو، زادت الفنادق من التدابير الأمنية وسادت حالة من اليقظة، فيما لم تدخر الحكومة التونسية جهدا في طمأنة الشعب التونسي، والسياح الذين كانوا يلغون رحلاتهم إلى تونس خوفا من هجمات مماثلة، كما أعطت حملة شعارها "سأذهب إلى تونس هذا الصيف" - أطلقها بعض النشطاء على الانترنت من مختلف أنحاء العالم - الأمل للتونسيين في أن تستعيد بلادهم مكانتها السياحية مرة أخرى.
ومن جهتها تبنى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هجوم سوسة، ووصف الأجانب ضحايا الهجوم بأنهم "رعايا التحالف الصليبي"، وبحسب ما قاله شهود عيان، فإن منفذ الهجوم كان ينتقي ضحاياه ويطلق عليهم النار من سلاحه الكلاشينكوف، فيما أكد محللون أن اختيار الضحايا من بين السياح هو تكتيك يهدف إلى زعزعة استقرار الاقتصاد التونسي.
وتذكر الجارديان أن منتجع القنطاوي كان يعتبر من أقل الأماكن عرضة للخطر، وأن نصائح السفر التي نشرت على موقع الحكومة البريطانية طلبت من الرعايا البريطانيين تجنب زيارة المناطق في الجنوب وتلك التي بعد 30 كيلو مترات من الحدود الجزائرية، مضيفة أن "معظم السياح البريطانيين كانوا يقيمون في المنتجعات الساحلية ومعظم زياراتهم كانت خالية من أي متاعب".
ويعتقد التونسيين أيضا بذلك، حيث يؤمنون أنه كلما كان المكان أبعد عن الحدود الجزائرية والليبية فهو أكثر أمنا.
لكن الهجوم الأخير يطرح تساؤلا يقوض كل افتراضاتنا التقليدية حول الإرهاب، فقبل القنوات الفضائية وقبل أن يصبح الانترنت جزءا من البيوت التونسية، كان ما يعرفه التونسيين حول الإرهاب محدودا جدا.
وكانوا فقط من يعيشون في المناطق القريبة من الحدود الجزائرية قد يتلقوا ارسال من التلفزيون الجزائري ويشاهدون الصور المروعة لرؤوس مقطوعة وأشلاء متناثرة، وأحداث إرهابية تميزت بها الجزائر.
وفي ذلك التوقيت كان التونسيون ينظرون للجزائر باعتبارها عالم مواز، قريب جغرافيا، ولكنه لا يشبه واقع ما يحدث في بلادهم بالمرة.
ولكن اليوم أصبح السؤال الأكثر ترددا على أسماع التونسيين هو "ما شعورك في بلد مهدد من قبل الإرهاب؟"، ويبدو أن صعود الأصولية في تونس- والذي يتم تفسيره بواسطة تفشي الفقر- يلقي بظلال من الشك على النظريات حول سبب تزايد أعداد الملتحقين بالحركات الراديكالية المتطرفة مع تباين خلفياتهم التعليمية والاجتماعية، وبالإضافة لهذه الإشكالية فإن الاعتقاد بأن تنسيق الهجمات في تونس والكويت وفرنسا يوحي أننا نواجه تهديدا معقدا يتطلب علاج مكلفة وطويل الأجل.
وتبرز الصحيفة البريطانية أن تغطية وسائل الاعلام ركزت على دور تسلل الفكر الوهابي، ومصادر التمويل في زيادة التطرف، متجاهلين أمور أكثر أهمية في تفسير ما يحدث، مثل كيف يحصل هؤلاء الارهابيون على التدريب المطلوب ويتشبعوا بايدلوجية الإرهابية في وقت قصير للغاية، ودون الحاجة لمغادرة البلاد.
فيديو قد يعجبك: