كيف استدرجت داعش ثلاث فتيات بريطانيات؟
كتبت – سارة عرفة:
نشرت صحيفة نيويورك تايمو الأمريكية موضوعا يطرح تساؤلا عن قدرة داعش لجذب الفتيات الأوروبيات، ونشرت الموضوع تحت عنوان "كيف استطاعت داعش أن تغوي ثلاث فتيات لندنيات؟".
فتقول الصحيفة إن الإحصاءات تشير إلى أن قرابة 4 آلاف غربي سافروا إلى سوريا والعراق، بينهم أكثر من 550 سيدة وفتاة، للانضمام إلى داعش، تبعًا لما أفاده به تقرير صدر حديثًا عن معهد الحوار الاستراتيجي، الذي يساعد في إدارة أكبر قاعدة بيانات للمسافرات إلى المنطقة.
وأوضحت الصحيفة ان تصرف الفتيات الثلاث قبل رحيلهن للانضمام لداعش لم يثر أية شكوك حولهن، حتى أن بعض صديقاتهن كانوا ينظرون إلبهن على انهن خير مثالا للاحتذاء بهن.
فأشارت الصحيفة إلى أنه في الليلة السابقة لمغادرة خديجة سلطانة البلاد متجهة إلى سوريا، كانت ترقص داخل غرفتها، وكانت برفقتها ابنة أختها وصديقتها المقربة، البالغة من العمر 13 عامًا وتصغرها بثلاثة أعوام فقط. وقضت الفتاتان الليلة في الرقص والضحك ولم يبدو عليها أي شيء بل إنها قضت ليلتها بجانب والدتها في السرير.
أما صباح الثلاثاء، فاستيقظت خديجة مبكرًا، وأخبرت والدتها بأنها ستذهب للمدرسة للحصول على بعض الكتب وقضاء اليوم بالمكتبة، ووعدت بالعودة في الرابعة والنصف مساءً.
وبحلول وقت عودتها المنزل، كانت والدتها قد فتشت غرفة خديجة، ووجدت الدولاب خاليا من الملابس. وعندئذ أصابها الذعر.
وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي، أبلغت الأسرة عن غياب خديجة. وبعد ساعة، قدم إلى المنزل ثلاثة ضباط من فرقة مكافحة الإرهاب بشرطة العاصمة (اسكوتلانديارد). وقال أحدهم للأم: "نعتقد أن ابنتك سافرت لتركيا مع اثنتين من صديقاتها".
في اليوم التالي، شاهدت خانوم شقيقتها خديجة في نشرات الأخبار، حيث أظهرت كاميرات المراقبة خديجة، وصديقتيها البالغتين من العمر 15 عامًا، شاميمة بيجوم، وأميرة عباس، وهن يعبرن بهدوء عبر أمن مطار جاتويك لركوب طائرة تتبع شركة الخطوط الجوية التركية متجهة إلى إسطنبول، وبعد ذلك استخدمن حافلة في الانتقال إلى الحدود السورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن معظم هؤلاء الغربيات غير متزوجات وصغيرات في السن، عادة في سن المراهقة أو بداية العشرينات (أصغر حالة معروفة يبلغ عمرها 13 عامًا). وتتباين ظروفهن من حيث الخلفية الاجتماعية والاقتصادية والعرق والجنسية، لكنهن في الغالب أفضل تعليمًا وأكثر مثابرة من نظرائهن الذكور.
ويرى مسؤولون أمنيون حاليًا أنهن قد يشكلن خطرًا على الغرب لا يقل عن خطر الرجال، ذلك أنهن أقل احتمالاً لأن يتعرضن للقتل وأكثر احتمالاً لأن يفقدن زوجًا في القتال، وعليه قد يحاولن العودة للوطن حاملات مرارة شديدة بداخلهن.
من جهته، يعمد داعش لاجتذاب هؤلاء الفتيات عبر محاولة مس أوتار نقاط ضعفهن وأحلامهن وإحباطاتهن، وملء فراغ عجز الغرب حتى الآن عن تناوله. وداخل بريطانيا خلال حقبة ما بعد 11 سبتمبر 2001، وهي فترة اجتاحت خلالها بريطانيا أزمة هوية عميقة، كان التكيف والتواؤم مع البلاد أكثر صعوبة لدى الفتيات عنه بالنسبة لدى الفتيان.
وعانت الفتيات من أزمة جراء تنامي العداء حيال الإسلام وإجراءات التقشف ونقص الإنفاق التي اتخذتها البلاد، مما أثر بالسلب على النساء والشباب من مجتمعات الطبقة العاملة، مثل تلك التي تعيش في بيثنال غرين. ودفعهن ذلك لكراهية الحريات الغربية والفرص التي سعى آباؤهن وأمهاتهن وراءها.
وبينما تنظر هؤلاء الفتيات إلى صيحات الموضة الغربية باعتبارها تتعامل مع الفتيات كأدوات جنسية منذ سن صغيرة، ينظر المعنيون بحقوق المرأة في الغرب إلى الحجاب باعتباره رمزًا لقمع المرأة.
وخلال الاتصالات العشوائية التي جرت بينهن وبين أسرهن بعد فرارهن، وفي إجابتهن عن التساؤلات حول أسباب رحيلهن، ذكرت الفتيات أنهن تركن خلفهن مجتمعًا منحلا أخلاقيًا للبحث عن فضيلة ومعنى ديني.
ورغم أن الفتيات المسلمات بوجه عام أكثر تفوقًا عن الفتيان بالمدرسة، فإنهن يبقين قيد الإقامة بالمنزل. وكثير من الفتيات، مثل خديجة، لديهن شقيقات ارتبطن بزيجات معدة سلفًا عندما كن في سن المراهقة.
وأكدت الصحيفة على ان التنظيم أثبت براعة فائقة في اصطياد مختلف الضحايا من الإناث، باستخدام استراتيجيات التجنيد الأنثوية، والصور التي تبرز ملامح النساء والرموز التعبيرية المثالية.
ولأنهن مسلمات، فسوف تتلقى الفتيات معاملة تختلف تماما عن نساء وفتيات الأقلية الايزيدية، اللاتي يعدهن التنظيم الإرهابي جواري ويتعرضن للاغتصاب تحت مبرر أنهن غير مؤمنات.
من ناحية أخرى، يدير التنظيم مكتبا لتزويج النساء الغربيات غير المتزوجات. وخلال هذا العام، نشرت الذراع الإعلامية لكتيبة الخنساء، وهي الميليشيا الأخلاقية النسائية بالتنظيم، بيانا ينص على استكمال النساء مرحلة التعليم الأساسي حتى بلوغ سن الـ15، وأنهن يمكنهن الزواج بدءا من سن التاسعة، ويثني البيان على وجودهن بين صفوف الخلافة المزعومة ويصفهن بـ"الطاهرات".
واتخذ أبو بكر البغدادي، الخليفة ذاتي التنصيب بالخلافة المزعومة، لنفسه فتاة ألمانية صغيرة السن من أصول عراقية زوجة ثالثة وكلفها مسؤولية شؤون النساء في الخلافة، وفقا للمعلومات المتداولة بين مختلف حسابات وسائل الإعلام الموالية للخلافة المزعومة.
ولفتت الصحيفة إلى أن وسائل الإعلام التابعة للتنظيم سهلت عملية استهداف صغار الفتيات بصورة مباشرة، حيث يسهل الوصول إليهن في خصوصية غرف نومهن بوسائل الدعاية التي تستقي أساليبها من ثقافة البوب الغربية، حيث صور المقاتلين وقت غروب الشمس مع تعليقات حول الخلافة والتمكين. وهناك تعليق ظهر مؤخرا يعزى إلى حساب تابع للتنظيم الإرهابي يقتبس إعلان ماكياج من شركة "لوريال" بجانب صورة فتاة تحمل وشاحا على رأسها ويقول: "فتاة محجبة. لأنني أستحق الاحترام".
فيديو قد يعجبك: