المغربي سجين غوانتانامو السابق: لا زالت ارتعد من الخوف
علاء المطيري:
بعد عامين من احتجازه لدي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) تم تسليم خالد الشريف إلى ليبيا عام 2004 ليوضع في سجن سري هناك، حسبما أورت صحيفة نيويورك تايمز ضمن تحقيق مطول عن "دمار العقول" الذي يعاني منه سجناء معتقل غوانتانامو السابقين بعد الإفراج عنهم جراء أساليب التعذيب الأمريكي.
وفي طرابلس بليبيا تم نقل 119 شخصًا على الأقل من سجون الاستخبارات الأمريكية، حيث كان يتم التحقيق معهمم بطريقة تم تصميمها لتعطل المشاعر وتؤدي إلى زيادة حالة اليأس لدي المحتجزين.
وقال باحثون عن أساليب التحقيق تلك أن منها التعرية الإجبارية والحرمان الحسي ووضع السجناء في ظروف إضاءة أو إظلام روتيني غير منتهي، مشيرين إلى أنها أثبتت، عبر عقود، أنها يمكن أن تجعل المحتجزين عرضة لأضرار نفسية.
وقالت الصحيفة إن العديد من المحتجزين تم إطلاق سراحهم في وقت لاحق دون توجيه أي تهم ودون أن يعرفوا لماذا تم احتجازهم، مشيرة إلى أن واحدًا من أربع محتجزين لم يكن يجب احتجازه، واتضح أن الاستخبارات الأمريكية لم تكن تعرفه أصلاً وفقًا لما تضمنه التقرير، وأن خالد المصري، الألماني الجنسية كان أبرز الحالات التي تم الكشف عنها.
تم ضبط خالد المصري في أجازة العمل عام 2003 وتم نقله إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، وتم تعذيبه هناك، وفقًا لقوله، وتم إجباره على التعري وتعرض لتعذيب مخز، ثم نقل إلى أفغانستان التي احتجز فيها لشهور داخل زنزانة خرسانية بدون سرير وتحمل المزيد من التعذيب أثناء التحقيقات.
وبعد سنوات؛ كان كابوس المصري مصحوبًا بشعوره بألام شديدة في منطقة الصدر، ونقلت الصحيفة عنه قوله: "كنت أعاني من التوتر وفقدان القدرات العقلية وضعف الذاكرة وعدم القدرة على استرجاع الأشياء إضافة إلى الاكتئاب وفقدان الأمل في المستقبل وكنت أشعر باللامبالاة".
وقالت أرملة محمد عبد الله الأسد، رجل الأعمال التنزاني، إنه عاد وهو يعاني من الذعر والقلق، واعتاد على نسيان الأشياء التي لم يكن ينساها في الماضي، مضيفة: "على سبيل المثال كان يتحدث مع أي شخص على الهاتف ثم ينسى ذلك الشخص بمجرد إنهاء المكالمة".
ويعتقد الأسد أن الاستخبارات الأمريكية ألقت القبض عليه لأنه قام باستئجار مكانًا في مبنى مملوك لمؤسسة "الحرمين" - مؤسسة خيرية سعودية اتهمت لاحقًا بتمويل الإرهاب - وجرى التحقيق معه وسؤاله بصورة متكررة عن تلك المؤسسة قبل أن يتم إطلاق سراحه دون أي شرح.
وقالت زوجت محمد المصري، إن زوجها تغير بعد احتجازه لدي الاستخبارات، مشيرة إلى أن أقل شيء يمكن أن يجعله يشتاط غضبًا، مضيفًا: "لم أره كذلك من قبل، ففي هذه الأوقات يمكن أن يبكي ويمكن أن ينسحب بعيدًا ليكون بمعزل عن الآخرين".
"مازال في جوانتانامو"
يسترجع معتقل خليج جوانتانامو بالبحر الكاريبي آثار نظام الاعتقال الأمريكي، وفقًا للصحيفة التي أوضحت أن الحشائش والأعشاب طغت على المشاهد الطبيعية في مناطق مهجورة بشجن شديد التعقيد في تصميمه؛ وأصبحت أبراج الحراسة فارغة بينما يسيطر الهدوء على المكان بشكل مخيف.
وفي ثاني يوم له كرئيس للولايات المتحدة قام أوباما بحظر نظام الاستجواب بالإكراه؛ وقامت إدارته بتقليص عدد السجناء به إلى 61 سجين من أصل 700 سجين كانوا محتجزين به.
ورغم انتهاء التحقيقات منذ وقت طويل إلا أن المعسكر رقم 6 ظل يشهد استمرار التحقيقات مع يطلق عليه "سجناء من الفئة السمينة"، حيث توجد غرف هذا المعسكر مخبأة في التلال.
وعن الحالة النفسية للسجناء قال بيتر جي كلارك، أحد قادة السجن، في مقابلة صحفية: "ما ألاحظه هو محتجزين تكيفوا مع حياة السجن ولا يبدوا عليهم أي مؤشرات لآثار آي نوع من الأمراض كان يمكن أن يحدث في الماضي".
وفي السنوات الأولى من التحقيقات في معتقل جوانتاناموا كان المحققون يستخدمو أساليب مختلفة من التكتيكات الخاصة بالاستخبارات المركزية الأمريكية، وكانت نتيجة تلك الأساليب هي تعرض المحتجزين لضغوط نفسية وآثار تعذيب كشفتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لاحقًا.
وقال الكابتن ريتشارد كواترون، الذي ترك منصبه كرئيس أطباء السجن في سبتمبر إن فريقه كان يتعامل مع قلق المحتجزين بسبب التساؤل حول إمكانية إطلاق سراحهم من عدمه. وقال: "تحدثت مع بعض أسلافي في مقابلة وأخبرني أن الأوضاع تغيرت بصورة كبيرة هذه الأيام.
قرابة 20 محتجزًا من أصبحوا ضمن من يتم إعدادهم للخروج من السجن، بينما يتم محاكمة 10 آخرين بسبب اتهامهم في عمليات عسكرية، لكن مصير باقي المحتجزين بمن فيهم السجناء الهامين مصيرهم غير واضح، لأنهم يعتبرون إن إطلاق سراحهم يمثل خطورة رغم عدم توجيه أي تهم إليهم.
وبالنسبة للمغربي الذي يدعى، شكري الذي كان يعيش في أفغانستان عام 2001 فإن معتقل غوانتانامو ليس شيئًا يمكن لأي شخص أن ينساه أو يلقي به وراء ظهره، مشيرًا إلى أنه سجن لسنوات بسبب اشتباه ارتباطه بجماعة لها علاقة بتنظيم القاعدة.
وذكر شكري أنه تعرض للتعذيب بصورة متكررة في السجن العسكري الخاص بالجيش الأمريكي في مدينة قندهار بأفغانستان وشاهد نجله الأصغر يتعرض لذات التعذيب على يد الجنود الأمريكيين.
ولفتت الصحيفة إلى أن شكري هو مسلم صوفي ضمن قطاع يتعرض للاضطهاد من تنظيم القاعدة وجماعات أخرى، وفي معتقل جوانتاناموا وضع في مكان معزول.
وعندما تأكد المحققون من براءته هددوه بتحويله إلى السلطات المغربية التي تمتلك تاريخًا من التعذيب، وفقًا للصحيفة التي أشارت إلى قوله: "هددني الأمريكيون بأن أسرتي في المغرب يمكن أن يتم سجنها ويمكن أن تتعرض لانتهاكات، وأظهرولي لي صور عمليات إعدام".
وواصل المحققون إخباره بأن تحويله إلى السلطات المغربية أمر لا مفر منه، وأخبروه: "حان الوقت لتذهب إلى المغرب لأن المغربيين يريدون الحصول عليك".
وبعد إطلاق سراحه العام الماضي منحته الولايات المتحدة خطابًا يقول أنها لم تعد تعتد بالمعلومات التي تقول أنه كان عضوًا بجماعة مغربية ترتبط بتنظيم القاعدة.
ورغم التأكيدات الدبلوماسية التي تقول أنه لن يواجه أي تهم في المغرب إلا أن السلطات المغربية اعتقلته لعدة شهور خلال العام الماضي واستمر في مواجهة الادعاءات التي اعتقد أن أوانها قد فات.
ويخضع شكري، في الوقت الحالي، لعلاج نفسي ويحصل على أدوية مضادة للقلق والاكتئاب، إضافة إلى أنه يشكو من ذكريات الماضي التي تطارده في منامه بداية من نوبات الهلع والفزع إلى الكوابيس المزعجة التي يتعرض لها بصورة مستمرة.
ويعاني أيضًا من أعراض محرجة تتمثل في آلام يتعرض لها عند التبول الذي لا يأتي إلا ويرافقه الألم، مشيرًا إلى أنه كان يواجه تلك الأعراض وقت احتجازه عندما يتم فكه من السلاسل لساعات أثناء التحقيق، بينما قال الأطباء إنه لا يمكن فعل أي شيء لعلاج حالته.
وأضاف: "أخبرني الأطباء أن كل شيء يسير بصورة طبيعية وأن عقلي يقوم بمهامه، وأن ما يتعرض له من اضطرابات الجهاز العصبي هي أشياء له علاقة بفزعه من ذكريات احتجازه في جوانتانامو".
اقرأ أيضا:
فيديو قد يعجبك: