خرائط "بقع النار" في الشرق الأوسط
كتبت- هدى الشيمي:
في ظل النقاش الدائر حول تورط واشنطن في الفوضى المنتشرة في الشرق الأوسط، أدين الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بتدخله في العراق مما تسبب في اندلاع حرب أهلية، وأدين الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما لعدم تدخله في الأزمة السورية والذي زاد الأمر سوءً.
في ليبيا أدينت الإدارة الأمريكية أيضا لتدخلها المتذبذب والذي فشل في نشر السلام. في نفس الوقت يقف مجموعة من الأمريكيين لا يعلمون موقف يلادهم من الصراع في اليمن.
تقول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن الدفاع عن السياسية الأمريكية ووضع تفسيرات ومبررات للمواقف المختلفة التي اتخذتها في البلدان الأربعة التي تعاني الحروب والفوضى لن يفيد.
لكن من الأفضل، تضيف الصحيفة، استعراض مجموعة من الخرائط التي تسلط الضوء على كيفية تحول البقع الأربعة إلى دوائر نار على مدار التاريخ، بعد ما مرت به من مؤامرات وظروف فأثر ذلك على المنطقة بأكملها.
1- الدولة القديمة أكثر استقرارا اليوم:
تقول الصحيفة إن بعض الدول التي تحمل تاريخا سياسيا وجغرافيا عريقا، يرجع إلى قرون هي الأكثر استقرارا اليوم، مثل تركيا، ومصر، وإيران، وإلى حد ما بعض الدول التي حكمها سلاسل من الملوك مثل الكويت، وقطر والبحرين وسلطنة عمان، والإمارات.
وتضيف واشنطن أن تركيا استطاعت - وهذا يتجلى بوضوع لمتابعين التاريخ - الهروب من الاستعمار في بداية القرن الـ20، حيث تمكن الجيش العثماني من هزيمة عددا من الجيوش الاستعمارية التي حاولت السيطرة على البلد خلال الحرب العالمية الأولى، ثم تفككت الامبراطورية العثمانية فيما بعد للحصول على الاستقلال.
وفي الوقت نفسه، قسم الروس والبريطانيين إيران إلى مجموعة من الدوائر الرسمية أواخر القرن التاسع عشر، إلا أنها تجنبت الاستعمار، وأبقت السلطات "قاجار" في السلطة، حسب الصحيفة.
أما مصر، تقول الصحيفة إنها عاشت تحت الحماية البريطانية لعقود، ولكنها استطاعت أن تكون أول دولة في المنطقة تحصل على الاستقلال الاسمي عام 1922، ونتيجة لذلك أصبحت إيران ومصر بلدين مستقلين حصلتا على الاستقلال، وحافظتا على هويتها.
2- الاستعمار خلق دولا هشة:
في المقابل، بحسب واشنطن بوست، أصبحت دول مثل سوريا والعراق وليبيا ولبنان أضعف وأكثر هشاشة من غيرها نظرا لأنها كانت مستعمرة حتى أوائل القرن الـ20، وفي بدايته بدأت الدول الاستعمارية تشكيل الحكومات، وإعادة رسم الحدود، فافتقرت تلك العملية للشرعية والدعم الشعبي.
تقول الصحيفة إنه في ظل ذلك كان من الطبيعي أن تعيش هذه الدول في صراعات وحروبا، بجانب لبنان التي مرت بثورات عنيفة، وحروب أهلية استمرت لأعوام. بعد احتلال ليبيا عام 1911، قمعت القوات الإيطالية المقاومة، وعاشت البلاد في مجاعة لسنوات، ورحلت الأهالي إلى معسكرات، واعتقلت كل من خرج إلى الشوارع منددا بما يجري.
ولم يختلف الأمر كثيرا في العراق، حيث تمكنت بريطانيا من إخماد الثورة العراقية عام 1920، بمساعدة قواتها الجوية التي ألقت فيما بعد الغاز السام على القبائل الكردية التي واصلت القتال، وفي سوريا انتهت الثورة الكبرى في 1925 بقصف القوات الفرنسية لمدينة دمشق.
اعتمدت القوات الاستعمارية في كل النماذج السابقة على تجنيد حلفاء محليين لها، قادة القبائل أو عرقيات معينة لتحارب المتمردين إلى جانبهم، فمثلا في سوريا حصلت فرنسا على دعم المسحيين والعلويين، وفي العراق تعاونت بريطانيا مع السنة وعززت وجودهم سياسيا وماليا، فعزز ذلك المشاكل والخلافات داخل البلاد، وبمجرد انتهاء الاستعمار بدأ الخلاف.
3- عدم الاستقرار وتغيير النظام:
لاحظ مراقبون أن الدول التي استطاعت الحصول على استقلالها مبكرا، أكثر استقرارا في الوقت الراهن، حيث استطاعت فيما بعد تأسيس جمهورية لها قوانينها وسياستها، إلا أن هذه القراءة قد تكون خاطئة، لأن الأمر لم يسلم من بعض الاثار الجانبية، وكان له تأثيره على دول مثل مصر وتركيا والعراق وليبيا وإيران.
في فترة الاربعينات والخمسينات، كان ظهور الممالك في الشرق الأوسط لا يمكن فصله عن سياسات الحرب الباردة، فبينما كان السياسيون الأمريكيون يتحفظون على الاستعمار البريطاني للبلاد في المنطقة، إلا أنهم سمحوا بتعزيز وتقوية النفوذ البريطاني خوفا من تسلل الاتحاد السوفيتي داخل المنطقة، فأصبح بعض الملوك مثل شاه إيران، وملك العراق والملك الفاروق حاكم مصر من العناصر الأساسية لتحقيق الحلم الأمريكي والتصدي للنفوذ السوفيتي.
وعندما سقطت هذه الأنظمة، إيران عام 1979، والعراق عام 1958، ومصر عام 1952، ابتعدت الدول عن التحالف مع الغرب. ليبيا أيضا فعلت أمرا مماثلا عندما أطاح معمر القذافي بالملك إدريس السنوسي، على الرغم من أنه كان يميل إلى موالة الغرب. الأردن والمملكة العربية السعودية والخليج العربي، استطاعت تلك الممالك النجاة وأبقت بلادها داخل دوائر الحرب الباردة.
فيديو قد يعجبك: