أوباما يطلق تحذيراته الأخيرة.. العولمة في خطر وقد نرى المزيد من الانقسامات (نص مقابلة)
كتب - سامي مجدي:
في جولته الأخيرة قبل أن يغادر منصبه، سعى الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، باراك أوباما، إلى طمأنة حلفاءه الأوروبيين بعد الفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري في الانتخابات الأمريكية، دونالد ترامب.
أوباما بدأ جولته باليونان حيث تحدث عن العولمة والتحديات التي تواجهها، ومستقبل النظام العالمي (الديمقراطية الليبرالية) الذي أرست بلاده قواعده منذ خمسينات القرن الماضي.
كانت ألمانيا محطته الثانية قبل أن تحلق به الطائرة الرئاسية إلى بيرو حيث يحضر اجتماع دول أسيا والمحيط الهادي.
حديث أوباما، سواء في أثينا او في برلين، جاء في ظل صعود قوى اليمين المتطرف والشعوبية في مختلف أنحاء العالم المتقدم؛ فترامب ليس أول الخيط ولا يرجح أن يكون اخره. سبقه البريطانيون واختاروا العزلة لبلادهم وصوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكسيت) رغم تحذيرات المؤسسات السياسية والمالية الغربية.
هناك أيضا قوى اليمين المتطرف ولأول مرة حصلت، ممثلة في حزب البديل من أجل ألمانيا، على ثقة ناخبين في ألمانيا. في فرنسا الجبهة الشعبية بزعامة اليمينية ماري لوبان تحظى بشعبية كبيرة خاصة بعد ما عانته فرنسا من اعتداءات إرهابية، فضلا عن الخطاب العدائي للمهاجرين واللاجئين الأمر الذي يشكل ضربة في صميم القيم الغربية، على ما يشير أوباما وكثير من الزعماء الغربيين الذين انزعجوا أشد انزعاج من انتخاب ترامب.
أوباما لمس تلك المخاوف في مقابلة حصرية مع تلفزيون "ايه ار دي" العام في ألمانيا ومجلة دير شبيغل، حيث ناقش الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته أرثه الذي بناه ومخاوفه حيال مستقبل الديمقراطية، فضلا عن دونالد ترامب، الرجل الذي سيخلفه في المنصب.
ننقل لكم نص المقابلة كما نشرت على النسخة الإنجليزية من موقع مجلة دير شبيغل:
- السيد الرئيس، دونالد ترامب فاز في الانتخابات، كاشفا عن استياء وخلاف كبيرة داخل المجتمع الأمريكي. هل حقا فوجئت بحجم الغضب؟
أوباما: أعتقد أنه من المهم ألا نبالغ في تقدير ما جرى. الحقيقة هي أن أمريكا كانت منقسمة إلى حد بعيد منذ فترة. كان هذا منعكسا في بعض التحديات التي واجهتها مع الجمهوريين في الكونغرس. الأمر الذي بدى غير طبيعي في هذه الانتخابات هو أن مستوى قبولي في الولايات المتحدة ظل مرتفعا كما كان عندما انتخبت. والاقتصاد يمضي نسبيا كما يجب أن يكون. أعتقد أن الحقيقة هي أنه كان هناك انقساما كامنا في الولايات المتحدة. بعض هذا (الانقسام) ينبع من حقيقة أن النمو والتعافي الاقتصادي يتجه لأن يكون أقوى في المدن والمناطق الحضرية. في بعض المناطق الريفية، خاصة تلك التي كانت تعتمد على التصنيع، كان هناك نموا أضعف وركودا. مشاعر الناس كانت كما لو أن أطفالهم لن تسير أمورهم كما يريدون.
هناك قضايا ثقافية واجتماعية وديموغرافية ظهرت. تلك القضايا ليست مختلفة عن بعض القضايا التي تواجهها أوروبا مع الهجرة، التغير الذي يواجهه السكان الأمريكيون. أعتقد أن بعضها تفاعل هناك، وكان ترامب قادرا على الاستفادة من بعض هذه الأمور المثيرة للقلق.
السياسة الأمريكية دائما ما تكون مائعة نوع ما. في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، يعني ذلك أن الناخبين يمكنهم التأرجح ذهابا وإيابا. أعني، أن هناك، على الأرجح، ملايين الناخبين الذي صوتوا لي ودعموني في السابق، هذه المرة صوتوا لصالح دونالد ترامب، وهذا يشير إلى أن جزء من ذلك دفع بمزيد من الرغبة في التغيير وليس على أساس أيديولوجي.
والسؤال الآن، وهو مستمر في المستقبل، هو ما إذا كان الرئيس المنتخب قادرا على نقل هذه العناصر إلى جدول أعماله الذي أعتقد أنه مكنه من اكتساب تأييد واسع، مثل إعادة بناء بنيتنا التحتية. وما إذا كان يستطيع تخفيف بعض من خطابه المثير للجدل بشكل متزايد والتي يمكن أن يزيد من انقسام البلاد. هذا هو الاختبار الذي سيتعرض له في السنوات المقبلة.
- عندما توليت المنصب، بعثت برسالة أمل ومصالحة إلى الشعب الأمريكي، واليوم تبدو الولايات المتحدة منقسمة بشكل تام. أعتقد أننا يمكن أن نطلق عليها بلد الـ 50-50 ، حيث النصف لا يفهم أو لا يعرف في الحقيقة الجانب الاخر. هل فقدت أهدافك؟
أوباما: حسنا. هذا أمر شيق. لسنا في الواقع بلدة 50-50. من المحتمل أن نكون بلد 60-40. المشكلة هي أننا نكون 50-50 عندما يأتي الأمر للتصويت. إذا نظرت إلى الجيل الجديد من الأمريكيين، هم يعكسون الرؤية التي تحدثت عنها. يؤمنون بالتسامح. يقبلون أمور مثل زواج المثليين. يؤمنون بالاندماج. رغم ذلك المشكلة هي أن الشباب على الأرجح أقل مشاركة في الانتخابات من الأكبر منهم سنا. ذلك يؤدي إلى أن الانتخابات، في بعض الأحيان، لا تعكس بشكل كامل وجهات نظر الأمريكيين. بشكل أساسي، الرئيس المنتخب حصل على دعم من نحو 27 في المئة من الأمريكيين. وتاريخيا، أحد التحديات التي نواجهها هو الانخفاض الحاد في معدل التصويت، حتى خلال الانتخابات الرئاسية.
لكن الأمر الحقيقي وأعتقد أننا لا يمكن انكاره، هو أن بعض نفس المخاوف من العولمة، من التكنولوجيا، تكمن في التغير المجتمعي السريع الذي اتضح في البريكسيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، والذي يتضح في بعض النقاشات في ألمانيا وفرنسا وأماكن أخرى، وهو أيضا موجود في الولايات المتحدة. وجهة نظري على المدى الطويل، خلال ال12، 15، 20 سنة المقبلة، أنه إذا تمكنا من معالجة المخاوف الاقتصادية الشرعية لهؤلاء الذين يشعرون أنهم تخلفوا عن العولمة، فإن الكثير من هذه التوترات سوف تنخفض. وسوف نرى عالما أقل انقساما. لكن إذا كان الاقتصاد العالمي لا يستجيب للناس الذين يشعرون أنهم تخلفوا، فإن اللامساواة سوف تواصل نموها. قد ينتهي بِنَا المطاف ونحن نرى ظهور المزيد والمزيد من هذه الانقسامات، رغم الاقتصادات المتقدمة في أنحاء العالم.
- خلال رئاستك، واجهت كونجرس أشد عدائية. الآن دونالد ترامب سوف يتمتع بأغلبية من الجمهوريين (في مجلسي النواب والشيوخ). هل تخشى من أن إصلاحاتك مثل أوباماكير، والاتفاق النووي مع إيران واتفاق باريس للتغير المناخي، سوف يتم اسقاطها أو كما قال دونالد ترامب، "تلغى"؟ ماذا يتبقى من أرثك (حينئذ)؟
أوباما: أولا وقبل أي شيء، من المهم أن نتذكر، من وجهة نظري على الأقل، أن إرثي الأكثر أهمية هو التأكد من أن العالم لم يدخل في كساد عظيم. ضع في اعتبارك أنه عندما جئت، كانت لدينا أزمة هي الأسوأ التي نشهدها منذ ثلاثينات القرن الماضي، وبالعمل مع أشخاص مثل المستشارة ميركل، ومع مجموعة العشرين غي-20 والمؤسسات الدولية الأخرى، تمكنا من إعادة الاستقرار للنظام المالي وإعادة الاستقرار للاقتصاد الأمريكي وإعادة النمو.
الآن لدينا نموا في الوظائف على مدى 73 شهرا متتالية. وهي أطول فترة نمو وظائف تشهدها الولايات المتحدة في تاريخها.
البطالة منخفضة، الدخول ترتفع والفقر ينخفض – وهذا تغير مستمر. عندما أسلم المفاتيح للرئيس المنتخب، سوف تكون البلاد أكثر قوة مما كانت عليه عندما توليت السلطة.
بالنسبة، لبعض التشريعات أو المبادرات المحددة التي قدمتها، حقيقي أن الجمهوريين عارضوا هذه الأمور في أغلب الأوقات. في بعض الأحيان عارضوها لأني أنا من اقترحتها. الآن هم مسؤولون عن الحكم، أعتقد أنهم سوف يجدون أن نقضها قد يأتي بنتائج عكسية.
دعونا نستعرض الاتفاق الإيراني، على سبيل المثال، كان هناك نقاشا حيويا حول هذه القضية. كان هناك كثيرون تشككوا كثيرا في الاتفاق. اعتقدوا أن إيران لن توفي بالتزاماتها. بالطبع، الآن لدينا عام من اثبات ذلك، في الحقيقة، إيران فعلت كل شيء قالوا إنهم سوف يقومون به. وبدون التورط في حرب، وعبر الدبلوماسية، تمكنا من تفكيك الكثير من القدرات الإيرانية لصنع أسلحة نووية. وحظي الاتفاق بدعم واسع من المجتمع الدولي. لن يكون من الحكمة، وأعتقد أن الرئيس المنتخب سوف يقر بذلك في نهاية المطاف، أن نقوم بذلك (إلغاء/تقويض هذا الاتفاق).
بالنسبة للرعاية الصحية، الآن 20 مليون شخص لديهم تأمينا صحيا لم يتمتعوا به من قبل. قال (ترامب) إنه يمكنه تطوير ذلك النظام، ووجهة نظري أنه إذا استطاع في الحقيقة تقديم رعاية طبية بطريقة أفضل لنفس العدد من الناس، أكثر مما تمكنت، فسوف أدعم تلك الجهود. بالطبع أعتقد أنه عندما يحاول في الواقع القيام بذلك، قد يكتشف أن النظام الذي وضعناه هو أفضل ما بوسعنا. دائما أقول إن الحملات الانتخابية والحكم أمران مختلفان. أملي وتوقعي، بغض النظر عما قاله الرئيس المنتخب خلال الحملة، أن ينظر بعناية إلى الحقائق عندما تسير الأمور للأمام.
- دعونا نسهب قليلا في اتفاقية باريس المناخي. إنها قضية في الحقيقة لا تمس بشكل مباشر الحياة اليومية للكثير من الشعب الأمريكي. لكن إنها ملحة وبالقطع ليست الأولوية رقم 1 لدى السيد ترامب. هل تخشى من أنها قد تموت قبل أن يتم تفعيلها؟
أوباما: بالقطع أنتم على حق بأن التغير المناخي واحدة من القضايا التي تثير قلقي كثيرا لأن تأثيراتها هائلة. لكنها تدريجية، وليست فورية. أحد أصعب الأمور في السياسة هو إقناع الناس بالقيام بأشياء في الوقت الراهن سوف يكون لها تأثيرا جيدا في 20 و30 سنة من الآن، وذلك لأن السياسيين يميلون إلى أن يكون لهم وجهة نظر على المدى القصير. هم أكثر يقظة للأمور التي يهتم بها الناس اليوم.
الأخبار الجيدة هي أن اتفاقية باريس ليس اتفاقية ثنائية بين الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى. لديك 200 دولة اجتمعت معا. إنها اتفاقية دولية. تاريخيا، عندما تدخل إدارة أمريكية سابقة في اتفاقية، فإنها انتقل إلى الإدارة المستقبلية. دائما ما أرى أن اتفاقية باريس نقطة انطلاق. إذا نظرت إلى الالتزامات التي قدمتها كل الدول، فإنها ليست كافية للتعامل مع الوضع الخطير للغاية الذي نواجهه. ما جرى هو خلق أساس، وفقا لتطور التكنولوجيا، حتى نجد موارد نظيفة للطاقة، نجعل اقتصاداتنا أكثر كفاءة ثم تدريجيا يمكننا تحويل قرص الساعة وتطوير نتائج (اتفاق) باريس.
لا أريد أن أبدو أكثر تفاؤلا. في الحقيقة الرئيس المنتخب والكثير من أنصاره أقل اهتماما مني بهذه القضية، لكن أعتقد أنها يمكن أن تبقى على قيد الحياة – حتى إذا لم يكونوا خلال العامين أو الثلاثة أو الأربعة أعوام المقبلة، نشطين بالشكل الذي أنا عليه.
ما الذي جرى. بسبب بعض القوانين التي وضعناها، على سبيل المثال، مصانع السيارات تنتج سيارات أكثر كفاءة الآن. مرافق الولايات المتحدة وجدت أن توليد الطاقة بشكل مختلف أكثر كفاءة عما اعتادت عليه. الكثير من المبادرات التي قدمناها الآن جزء لا يتجزأ من الاقتصاد وتمنحنا فرصة لمواصلة هذا التقدم – ربما ليس بالسرعة التي نودها، لكن، كما قلت من قبل، التاريخ لا يسير دائما في خط مستقيم. أحيانا ينحرف يمينا ويسارا.
- في الكثير من المجتمعات الغربية، هناك أطياف واسعة من العزلة بين السياسيين والمواطنين، والناس يتساءلون: "هل السياسيون في المجمل على اتصال بالحياة اليومية؟" الناس غاضبون. نحن نتحدث عن الشعبوية، بالطبع. هل هذه لحظة محورية للقيادة؟
أوباما: أعتقد أنها كذلك. انظر، انتخبت (في ٢٠٠٨) لأني اعتقدت فيما نسميه "السياسة الشعبية،" السياسة من القاع إلى السطح، وليس من السطح إلى القاع. وتمكنت من إثارة وإشراك الناس الذين لم يكونوا منخرطين في السابق في السياسة، وذلك في جزء منه سبب إعادة انتخابي (في ٢٠١٢) وأن أظل اتمتع بشعبية نسبية في الولايات المتحدة. ذلك بسبب أن الناس شعرت بأني استمع إليهم وأقف بجانبهم عندما كان الاقتصاد سيئا وكانت لدينا مشاكل.
أعتقد أن على جميع السياسيين اليوم أن يكونوا أكثر انتباها إلى أن الناس يريدون أن يُسمعوا، يريدون أن يكونوا أكثر سيطرة على حياتهم. كلما استطعنا تشجيع المشاركة، كلما كان ذلك أفضل على ما أعتقد. هنا في أوروبا، على سبيل المثال، بعض التحديات التي لها علاقة بالبنية أكثر تعقيدا. لديكم بروكسل، ولديكم برلمان، ولديكم مجالس ثم لديكم حكومات وطنية. لذا أحيانا الناس تشعر أنها لا تعرف من يتخذ القرارات، وكلما تمكنا من حشد الناس وإشراكهم أكثر، كلما كان ذلك أفضل. هناك أيضا شعور الناس بالهوية الثقافية والاجتماعية. لديك وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت والهجرة وهكذا، فجأة تصادمت الثقافات وشعر الناس أنهم لا يشعرون بالألفة تجاه الناس حولهم. وهذا تسبب في هموم اجتماعية.
- ما هي أحلك لحظة في رئاستك؟ هنا في أوروبا، بالطبع، الناس سوف يتحدثون عن هجمات بطائرات بدون طيار، وغوانتانامو وبالطبع عن الهجمات الإرهابية وحوادث إطلاق النار.
أوباما: انظر، في وقت مبكر، أعتقد أن الناس لم تقدر تماما كم كانت الأزمة الاقتصادية شديدة، وذلك في جزء منه بسبب أننا اتخذنا خطوات ذكية، تمكنا من تجنب كارثة كاملة. لكن كانت هناك أسابيع، لم أكن حينها متأكدا ما إن كنا نستطيع الخروج من الأزمة أم لا. بالنسبة لي، وعلى المستوى الشخصي، اللحظات الأكثر صعوبة التي مرت علي ليست الهجمات الإرهابية وحدها لكن حوادث إطلاق النار أيضا.
سوف تتذكر أنه كانت هناك حادثة في مدرسة ساندي هوك الإبتدائية، حيث أطلق شاي يعاني من اضطرابات النار وقتل 20 طفلا أعمارهم 6 و7 سنوات. كان علي أن ألتقى مع الاباء والأمهات بعد يومين فقط من فقدان أطفالهم/ أطفالهن. الألم الذي يشعرون به عصي على الوصف وسوف يطاردني على الدوام.
دوليا، لدي شعور عميق بالقلق بشأن كيفية مكافحة التهديد الإرهابي. كيف نتأكد من أننا لن نتغير، حتى ونحن نحمي شعوبنا؟ أنا فخور للغاية بأننا أنهينا التعذيب. حقيقة لم أتمكن من إغلاق غوانتانامو بشكل كامل، لكننا قللنا عدد معتقليه بشكل دراماتيكي من 700 أو نحو ذلك إلى نحو 60 الآن، وسوف أستمر في بذل كل الجهود خلال هذين الشهرين (المتبقيين في ولاية أوباما).
أسسنا هيكلا قانونيا أكثر انضباطا واتساقا مع حكم القانون والمعايير الدولية. أعلم أن الطائرات بدون طيار كانت مصدر قلق لكثيرين، لأسباب مفهومة، لكن إذا نظرت إلى أي مدى قيدنا استخدامها؛ فقد أسسنا إطارا بما يتفق مع كيف يجب أن نسير جميعا عليه في المستقبل. نحن نفكر في التقليل من الخسائر في الأرواح، وأيضا نتمكن من الوصول إلى المنظمات الإرهابية في بلدان أحيانا لا تملك القدرة على اعتقال (أعضائها). البديل في بعض الحالات كان أن نغزو هذه البلدان حيث ستكون هناك الكثير من الخسائر في الأرواح، ولذا علينا أن نختار في هذه المواقف من بين اختيارات صعبة.
الأخبار الجيدة هي أننا لدينا حلفاء أقوياء للغاية. في أوروبا، حيث التهديد الإرهابي ربما هو الأكبر في هذه اللحظة، يمنحنا حجم مشاركة المعلومات القائم، وفعالية إنفاذ القانون عبر الحدود، القدرة على حماية أنفسنا في الوقت الذي نظل فيه أوفياء للمبادئ الأساسية لديمقراطيتنا الليبرالية. وأمل أن يستمر ذلك، وهو أمر أعتقد أنه يجب أن يثير قلقنا.
- أثنيت على أنغيلا ميركل، لكنك أيضا قلت إن هناك عقلية تعتمد على المجانية فيما بين شركاء الولايات المتحدة، وهو أن هناك الكثير من العمل متروك للأمريكيين. دونالد ترامب قال إن المشاركة الأمريكية سوف يتم تقليصها. هل هذه لحظة يتقدم فيها الزعماء الأوروبيون مثل أنغيلا ميركل، ويتحملوا المزيد من (أعباء) القيادة؟
أوباما: أنغيلا ميركل شريك فوق العادة لي وللولايات المتحدة خلال رئاستي. إحدى الصفات العظيمة للمستشارة ميركل هي أنها ثابتة. تحلل الموقف. صادقة. أحيانا تكون هناك خلافات بيننا، لكن عندما نعمل فإن الأمر يكون بطريقة بناءة للغاية. ونحن منفتحون على الدوام مع بعضنا البعض حول كيف يجب أن نقترب من هذه القضايا.
لكني أعتقد أن المستشارة ميركل وألمانيا تمثلان عمودا فقريا لحماية المبادئ الأساسية لليبرالية، والنظام الديمقراطي القائم على السوق الذي خلق ازدهارا وأمنا غير مسبوقين لأوروبا، وللعالم أيضا. أعتقد أن أوروبا أحيانا ربما تأخذ التقدم التي تم إحرازه خلال ال40 و50 سنة الماضية كأمر مفروغ منه. أعترف أنه في بعض الأحيان هناك احباط عظيم في منطقة اليورو أو خارج الاتحاد الأوروبي.
ربما في أي وقت من الأوقات في تاريخ البشرية لم يكن هناك الكثير من الرخاء والأمن كما هو الآن في أوروبا خلال هذه الفترة. السبب هي القيم التي نتشاركها – حرية التعبير، حرية الممارسة الدينية، حرية المجتمع المدني، حرية الانتخابات ونزاهتها، كل الابتكارات التي تم اختراعها من خلال اقتصاد قائم على السوق – هذه الأمور في نهاية المطاف ستكون المسار بالنسبة لنا للاستمرار نحو مستقبل أفضل. أمل، رغم بعض التحديات التي أمامنا، أن تقدر الناس ذلك. وأمل أن تقدر الناس المستشارة ميركل، لأن الحقيقة، رغم أنها تعتبر في العادة يمين الوسط وأنا أعتبر يسار الوسط، هي أننا نتشارك تلك القيم الأساسية، وهي (القيم) تستحق الحماية. وكزعيمة كبيرة في أوروبا، وأطول زعيمة في منصبها، أعتقد أن لديها مصداقية كبيرة، وهي مستعدة للقتال من أجل تلك القيم. أنا سعيد لأنها هنا، وأعتقد أن الشعب الألماني يجب أن يقدرها. بالتأكيد أقدرها كشريك.
- هل ستعفو عن إدوارد سنودن؟
أوباما: لا أستطيع أن أعفو عن شخص لم يمثل أمام القضاء، لذا ليس هذا بالأمر الذي سأعلق عليه عند هذه النقطة. أعتقد أن السيد سنودن أثار بعض المخاوف الشرعية. لكن (المشكلة في) كيف فعل ذلك. هو لم يتبع الإجراءات والممارسات المفروضة في مجتمعنا الاستخباراتي. إذا اتخذ كل شخص هذا النهج وهو أن أتخذ أنا قراراتي بشأن هذه القضايا، فسيكون من الصعب جدا أن يكون لدينا حكومة منظمة أو أي نوع من نظام الأمن القومي.
عند النقطة التي يريد فيها السيد سنودن أن يمثل بنفسه أمام السلطات القضائية ويقدم حجته أو يقدم محاموه حجته، بعد ذلك أعتقد أن هذه الأمور سوف تتحرك. حتى ذلك الوقت، ما حاولت أن أشير إليه – لكل من الشعب الأمريكي والعالم – هو أننا نقوم بشيء ما من أجل الموازنة بين قضية الخصوصية هذه والأمن. هؤلاء الذين يدعون أنه لا يوجد توازن بين الأمرين ويعتقدون أننا يمكننا أن نتخذ نهجا مطلقا 100 في المئة لحماية الخصوصية لا يقرون بأن الحكومات سوف تقع تحت عبء هائل لمنع هذه الأنواع من الأعمال الإرهابية التي لا تؤذي البشر فقط، لكن أيضا يمكنها أن تشوه مجتمعنا وسياتنا بطرق خطيرة للغاية.
وهؤلاء الذين يعتقدون أن الأمن هو الأمر الوحيد ولا يعيرون الخصوصية أي اهتمام ينظرون إلى الأمر أيضا بطريقة خاطئة.
علينا أن نجد سبلا، من خلالها، وبشكل جماعي، نتفق على أن هناك بعض الأمور التي تحتاج الحكومة إلى القيام بها لحمايتنا، خاصة في عصر الفاعلين الذين لا يمثلون دولا الذين يمكن أن يحشدون قوة كبيرة، أريد لحكومتي – وأعتقد أن الشعب الألماني يجب أن يريد لحكومته – أن تكون قادرة على كشف ما إذا كانت منظمة إرهابية ما لديها حرية الوصول إلى أسلحة دمار شامل والتي قد تنفجر في وسط برلين أم لا.
هذا قد يعني ذلك، طالما يقومون بذلك بحرص وفي إطار ضيق، أنهم سوف يجدون سبلا لتحديد عناوين البريد الإلكتروني وشبكة هواتف جوالة. على الجانب الاخر، من المهم أن نتأكد أن الحكومات لديها بعض المراجعات لما تقوم به، وأن الناس يمكنها أن تشرف على ما يتم حتى لا تسيء الحكومة استخدام (سلطاتها). لكن لا يجب أن نفترض أن الحكومة دائما تحاول القيام بالشيء الخطأ.
تجربتي هي أن مسؤولي استخباراتنا يحاولون القيام بالشيء السليم، لكن حتى بالنيات الحسنة، أحيانا يرتكبون أخطاء. أحيانا يمكن أن يكونوا مفرطين. حياتنا الآن على الهاتف، كل بياناتنا، كل تعاملاتنا المالية، كل معلوماتنا الشخصية، لذا من المناسب أن يكون لدينا بعض القيود على ذلك. لكن لن تكون بنسبة 100 في المئة، بعد ذلك لن نكون قادرين على حماية أنفسنا ومجتماتنا من بعض الناس الذين يحاولون إيذائنا.
- السيد الرئيس، نشكرك على هذه المقابلة.
للإطلاع على النص الأصلي --- اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: