فايننشال تايمز: السعودية على شفا أول ركود اقتصادي غير نفطي منذ ثلاثة عقود
كتبت - أماني بهجت:
نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرًا حول الأوضاع الاقتصادية في السعودية وتحدثت فيه مع مواطنين سعوديين، الذين أعربوا عن تخوفاتهم وخيبات أمالهم من مآلات الاقتصاد الفترة القادمة.
يجلس أحمد في المطار بانتظار الوافدين على أمل أن يقتنص بعض الزبائن ليقوم بإقلالهم في سيارته الخاصة التي يعمل عليها أحمد بشكل غير قانوني مما يعرضه لمخالفات من الشرطة.
وأحمد هو شاب ثلاثيني، مهندس ميكانيكي، وهو أيضًا واحد من مئات الآلاف الطلبة السعوديين الذين سافروا للولايات المتحدة للدراسة في برامج تمولها الحكومة السعودية، وعند عودته لم يجد عملًا يتناسب مع دراسته وتدريبه، مما اضطره لتحويل سيارته الخاصة لتاكسي غير مرخص.
يقول أحمد: "الاقتصاد سيء. أين الوظائف؟ كل أصدقائي يسبون الحكومة".
وتبُرز محنة جيل أحمد الإصلاحات الاقتصادية الذي يقوم بها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي قبل عدة أشهر كان يُنظر إليه باعتباره من الأجيال النابضة بالحياة على عكس الأجيال السابقة وحكم الشيوخ.
وقد تزعم الأمير ذو النفوذ القوى خطة تنويع اقتصادي حيث أن المملكة تعاني من انخفاض أسعار النفط. تتماشى قوة إصلاحاته الجريئة مع عزمه على كبح نفوذ إيران الإقليمي بإطلاق حملة جوية ضد وكلاء إيران في اليمن.
ولكن تحت إشراف الأمير الذي يبلغ من العمر 31 سنة، الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط على شفا الركود الأول غير النفطي على مدى ثلاثة عقود. وقد زعزعت الفواتير غير المدفوعة للحكومة الثقة في قطاع الأعمال؛ فاقتطاع استحقاقات العاملين في القطاع العام أثرت على الانفاق الاستهلاكي؛ وتدخل السعودية باهظ التكاليف في اليمن أزهق الأرواح وأثار الازدراء العالمي.
يقول أحد مديري التمويل: "شهر العسل انتهى. لم نسمع خبر واحد جيد من الحكومة –لا بخصوص الاقتصاد ولا الكارثة في اليمن".
يزيد التذمر المحلي الضغط على محمد بن سلمان حيث أنه من يشرف على برنامج الإصلاح شديد الطموح والذي يهدف إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط وتطوير القطاع الخاص لخلق فرصة جديدة لعمل الشباب السعودي. وتعتمد خطته على وثيقتين، "رؤية 2030" وخطة التحول الوطني والتي أحدثت ضجة إعلامية وقت صدورها في وقت سابق من هذا العام.
يعلم الكثير من السعوديين حاجة المملكة إلى التغيير ويتفهمون تأثير انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد. لكن أصوات المعارضة مختلفة مع طرق ووتيرة التغيير.
يقول ناصر الذي يعمل كمدرس وانخفض راتبه حوالي 7 في المئة إلى 1400 دولار في الشهر وذلك بسبب اقتطاعات سبتمبر من 3 مليون من السعوديين العاملين في القطاع العام والتي تقدر بـ17 مليار دولار، "على الأقل الجميع في نفس القارب".
حددت الحكومة 27 مليار دولار هذا الشهر لتسوية بعض الديون لشركات القطاع الخاص، مستجيبة في وقت متأخر لحقيقة أن تأخر المدفوعات زاد من صعوبة الأمور على المقاولين مثل مجموعة بن لادن وشركة أوجيه وشركات البناء الكبرى أن يقوموا بدفع مستحقات الموظفين والدائنين في وقتهم.
ويعرف المسؤولون بأنه كان من الخطأ الامتناع عن الدفع نظرًا لتأثيره على الشركات التي تعتمد على الدولة التي حُرمت من العقود الجديدة.
وأدت التدابير التقشفية الحكومة النمو غير المرتبط بالنفط ليصل لنسبة 0,07 في المئة في الربع الثاني مقارنةً بـ3,5 في المئة في العام الماضي. وهناك احتمالات لمزيد من التخفيضات على دعم الوقود وخفض المعاشات التقاعدية وضريبة المبيعات بداية من 2018 مما ينبئ بمزيد من الغضب.
وكانت تقارير نُشرت مؤخرًا تحدثت عن شراء محمد بن سلمان ليخوت فاخرة بقيمة 500 مليون يورو قد أثارت مزيد من الغضب.
وحول كثير من السعوديين الأثرياء أموالهم خارج البلاد، بحسب خبراء ماليين.
ويقول مصرفيون إنه سيكون هناك المزيد في مجال خصخصة والشراكات بين القطاع العام والخاص العام القادم، والذي من شأنه مساعدة الاقتصاد المتعثر. ولكن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تكون مثيرة للجدل في بلد تسيطر فيه الدولة على كل شيء.
ويأتي الإصلاح الاقتصادي وسط رفض متصاعد بين المستشارين الأجانب مثل ماكينزي ومجموعة بوسطن للاستشارات وبرايس ووترهاوس كوبرز والذين تم استدعاؤهم لإعادة تشكيل البلاد.
يقول مراقب سعودي: "رؤية 2030 ما هي إلا مُزحة. عندما يهاجم الناس ماكينزي، فهذا بمثابة هجوم على من أتى به"، مشيرًا إلى محمد بن سلمان.
ورد ماكينزي على الانتقادات الأسبوع الماضي في بيان نادر صدر بالعربية حيث نفى إنتاجه لوثيقة رؤية 2030.
وتحدد خطة التحول 543 مبادرة عبر 24 وزارة وهيكل حكومي لتنفذ هذا العام والتي ستكلف الرياض 72 مليار دولار. ولكن مستشاري الحكومة يرجحون انخفاض الميزانية بحوالي 30-40 في المئة.
فيديو قد يعجبك: