مجلة أمريكية: ترامب لن يعتمد على الحكومات المستبدة في الشرق الأوسط
واشنطن (أ ش أ):
قالت مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، إن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، انتقد حرب العراق وأعلن رفضه لمثل هذه التدخلات المكلفة، مشيرة إلى أنه ألمح إلى أنه سيسير على نهج إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما فيما يتعلق بعدم الانخراط العميق في المنطقة.
وتابعت في تقرير لها، اليوم السبت: "لكن موقفه المعلن من تنظيم داعش الإرهابي وإيران قد يضع الولايات المتحدة في نفس الطريق الذي قاد إلى حرب العراق".
ولفتت المجلة إلى أن ترامب تعهد بتعاون أوثق مع الحلفاء العرب التقليديين الذين يرغبون في أن تقدم الولايات المتحدة لهم يد العون للقضاء على نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ لكن هذا لا يتفق مع أولويات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ألقى بدعمه تماما وراء نظام الأسد، والذي يبدو أن ترامب يرغب في التوصل إلى صيغة توافق معه.
وأشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة لن تستطيع هزيمة داعش في العراق وسوريا - وهي أولوية لترامب - إن قررت المواجهة مع روسيا و إيران اللتين تدعمان القتال ضد داعش، ولن يكون بوسع الولايات المتحدة أيضا الجمع في الاختيار بين الحلفاء العرب وروسيا في سوريا أو أن تقاتل داعش في العراق، وفي التوقيت نفسه تختار خيار الحرب ضد إيران.
ومضت المجلة تقول إن هزيمة داعش في معقليها في الموصل والرقة خطوة أساسية وفي الواقع هي خطوة أولى. وبالنسبة لترامب فإن منع صعود وريث جديد لداعش سيتطلب جهدا دبلوماسيا يرمي إلى التوصل إلى تسويات سياسية في كل من العراق وسوريا. وهذا يعني النظر بتمحيص شديد في الاحتياجات المتغيرة للمنطقة.
وأردفت المجلة: "منذ آخر مرة وصل فيها الجمهوريون إلى البيت الأبيض، اختفى النظام الإقليمي الذي ظل قائما لفترة طويلة والذي اعتمدت عليه واشنطن لعقود، وحلت محله سلسلة من النزاعات التي غذتها الاحتجاجات الشعبية ضد الأنظمة المستبدة المتصلبة، وقتال طائفي وقبلي على قصاصات الدول المنهارة، كل هذا بينما تتنافس إيران والسعودية وتركيا على النفوذ لحماية مصالحها في مناطق يتعين عليها ذلك فيها وتعزيز مصالحها في مناطق أخرى تستطيع فعل ذلك فيها".
وتابعت: "إن أوباما تفادى إلى حد كبير التعامل مع ذلك، وركز بدلا من ذلك على هزيمة داعش، ملقيا ما يمكن أن يحدث بعد ذلك على كاهل من سيخلفه. وقالت المجلة إن ترامب لا يملك ترف التعامل بمثل هذه اللامبالاة وأنه يتعين عليه أن يتوصل إلى نظام إقليمي جديد يصلح الخريطة الملتهبة في الشرق الأوسط ويدعم حكومات المنطقة".
وذكرت المجلة أنه لعقود اعتمدت الولايات المتحدة على الحكومات المستبدة لضمان الاستقرار في المنطقة، مشيرة إلى أن هذه الصيغة لم يعد بالوسع الاعتماد عليها، حيث أن الانتفاضات الشعبية لما يطلق عليه الربيع العربي ضربت مؤسسات الدول، الصراعات الاجتماعية التي تحولت في بعض الدول إلى حروب أهلية، وشعرت بعض الطوائف والقبائل بالتهديد ورأت أنه من المصلحة إذكاء الشغب وهو ما ولّد نوبة من العنف قادت إلى مزيد من الاضطراب.
وقالت المجلة إن التنافس الأكثر احتداما قائم بين السنة والشيعة وهذه منافسة سياسية منصوص عليها في تقاسم السلطة في دول المنطقة من لبنان وسوريا والعراق شمالا إلى البحرين واليمن جنوبا وبشكل أوسع تؤثر هذه النافسة على السعودية وباكستان وأفغانستان.
وقالت المجلة إن القوة في الشرق الأوسط انتقلت من قلب العالم العربي إلى تركيا وإيران، مشيرة إلى أن تركيا صمدت أمام محاولة انقلاب عسكري فاشلة ولكنها لم تتراجع أبدا عن مطاردة أهدافها الإقليمية.
وأردفت "ذي أتلانتك"، إنه في تكرار للتقاسمات العثمانية - الصفوية في الشرق الأوسط تبدو تركيا وإيران الآن متأهبتان لملء الفراغ في المنطقة. وأردفت الصحيفة تقول إن الجانبين الآن ينسقان مواضعهما في مناطق الأكراد وأبديا استعدادهما لتحمل بعض من العبء الذي لم يعد بوسع واشنطن تحمله أو ربما لم يعد ذلك في رغبتها.
وقالت المجلة إن جهود تركيا لكسب مزيد من النفوذ في المنطقة نجح بصورة متفاوتة فآمالها لتغير السلطة في عدد من دول المنطقة سرعان ما تحطمت لكن طموحات الرئيس التركي العثمانية ما زالت قوية.
وأشارت المجلة إلى أنه في الوقت الذي تجنب فيه حلفاء أمريكا العرب الانخراط العسكري المباشر في العراق وسوريا سعت تركيا إلى الحصول على دور أعظم في العمليات لطرد داعش من معاقله في الموصل والعراق وهدفها الأساسي هو احتواء القومية الكردية مرتأية نفسها حامية لمصالح السنة في العراق وسوريا.
وأوضحت المجلة أن الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب صور -طوال حملته الانتخابية- المغامرات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط على أنها مهمات حمقاء مكلفة؛ ومع ذلك تعهد بإلحاق الهزيمة بداعش، وهو ما يعني أنه إذا لم يتراجع عن هذا النهج في طريق التدخلات المكلفة فسوف يتعين عليه التحالف مع الحلفاء العرب وتركيا وإيران.
وأشارت المجلة إلى أن روسيا تتبع بالفعل مثل هذه الاستراتيجية وتشرك إيران وتركيا في التخطيط لنهاية اللعبة في سوريا.. موضحة أنه إذا تعاونت الولايات المتحدة عن قرب مع بوتين بشأن سوريا فيتعين عليها الانضمام إلى إطار العمل هذا.
وقالت المجلة إنه من الأفضل أن تكون الولايات المتحدة وليس روسيا هي المهندسة لإطار العمل وأنه من الممكن أن توسع هذا الإطار ليشمل العراق أيضا، وبفعل ذلك فستحد من قدرة روسيا على المناورة في المنطقة وأن تسخر هذه النتائج لصالحها في أوروبا.
وقالت المجلة إن تركيا هي دولة عضو في حلف شمال الأطلنطي "الناتو"، وحليفة لواشنطن يمكن أن تعمل معها، لكن العلاقات بين أنقرة وواشنطن باتت مهترئة، ويجب على ترامب أن يعمل على إصلاح هذا الضرر، موضحة أن سياسات تركيا الداخلية ربما تكون نقطة مواجهة؛ لكن الاستثمار الأعظم في الدبلوماسية وإجراءات بناء الثقة ربما يسهل اتفاقا بشأن الوضع المستقبلي للمنطقة الكردية في سوريا، وهو ما يمهد الطريق لتعاون أوثق لإطلاق عمليات ضد داعش وهذا قد يشكل أساس الاتفاق الأوسع بشأن الوضع النهائي في سوريا.
وقالت المجلة إن إيران ليس مرجحا أن تظهر كشريك في العمل للولايات المتحدة في أي وقت قريب، وربما تكون الدولتان قد خفضتا التوترات بينهما عبر الاتفاق النووي؛ غير أن إلغاء الاتفاق لن يساعد في البناء على هذه المكاسب في سبيل تحقيق هدف استقرار المنطقة بل انه قد يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
وأكدت المجلة أنه يتعين على إدارة ترامب أن تقبل الاتفاق النووي مع إيران وأن تطبقه، مشيرة إلى أن عزل إيران ربما يرضي منتقدي الاتفاق النووي لكنه لن يخدم مصالح أمريكا الأوسع في منطقة الشرق الأوسط وهذه المصالح تتجسد في استعادة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وليس توسيع نطاق نزاعاته.
وقالت المجلة إن نفوذ واشنطن مع تركيا والحلفاء العرب والاتفاق النووي مع إيران والتقدم المحرز ضد داعش في العراق قد يكون أساسا لتحقيق تسويات سياسية واسعة في العراق وسوريا وفي المنطقة كهدف نهائي.
وأشارت المجلة إلى أن هذا ربما لا يكون هدفا سهل المنال لكن التعايش مع البديل المتمثل في حروب كارثية ولاجئين وارهاب سيكون بالتأكيد أكثر صعوبة.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: