بعد تعويم الجنيه.. تجارب سابقة ودروس مستفادة
كتبت - أماني بهجت:
باتت مصر أخر الدول النامية التي تُعلن عن تعويم عملتها في السنتين الأخيرتين، لتخُفض الجنيه أمام الدولار بنسبة 45% وذلك وفقًا لاسعار العملة في 6 بنوك منها البنك التجاري الدولي في مصر.
إذا كانت الخطوة تُخفف من أزمة الدولار وتُوهن قوة السوق السوداء إلا أن ذلك يتوقف على مدى التزام البنك المركزي بعدم التدخل عندما تحدث تقلبات العملة، وفقا لوكالة بلومبيرج.
ووفقًا للخبير الاستراتيجي في بنك أوف أميركا ديفيد هاونر، لو كانت تجارب دول مثل روسيا وكازاخستان والأرجنتين مثال يحتذى به فالألم الأولي يستحق وذي قيمة، فالعملة المُخفضة لن تجعل صادرات مصر أكثر تنافسية وحسب ولكنها ستزيد من السياحة وتنشطها وتخفف الضغط عن البنك المركزي فيما يتعلق باستنزاف الاحتياطي الذي تراجع بشكل ملحوظ للغاية منذ الربيع العربي.
يقول هاونر: "أي شيء في المنتصف ولا سيما روابط تفتقر للمصداقية نظرًا لعدم وجود الاحتياطات وبعيدة عن القيمة العادلة هي خير شيء."
ويضيف: "هذا التعديل ليس سهلًا أبدًا. فهنالك فترة تكون فيها الأمور سيئة للغاية، ولكن بالنظر إلى تجارب البلاد التي انتقلت إلى التعويم الكامل، أثبتت فائدتها".
تقول بلومبيرج إنه بالنسبة لبلد مثل مصر التي لطالما سيطرت على سعر عملتها، فالتحول سيكون صعبًا، وهذا هو الحال فمع ارتفاع تكاليف الواردات فذلك سيحفز التضخم ويجعل الحياة أصعب على 92 مليون مواطن والذي يبلغ دخل الفرد فيها أدنى المعدلات في الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا.
وتوضح الوكالة أنه عندما يتلاعب صانعو السياسات بسعر الصرف، فنشاط السوق السوداء سينتعش لا محالة، كما حدث في تجربة نيجيريا مع التعويم الكامل، ويمكن أيضًا أن يكون مكلفًا.
وأشارت الوكالة في تقرير لها إلى أن روسيا أنفقت حوالي 90 مليون دولار وهي تدافع عن عملتها ضد البيع على المكشوف في 2014 وذلك قبل أن تترك الأمر تمامًا في نوفمبر من نفس العام.
حتى في مصر، محاولات السيطرة على الجنيه عوضًا عن تعويمه كاملًا في 2003 وقبل هذا العام أدت إلى انتعاش السوق غير الرسمي وحفاظ الأفراد والشركات على الدولار لعدم ثقتهم في استقرار العملة.
إليكم ملخصا لكيف استطاعت خمسة أسواق ناشئة تحقيق نجاح بعد أن رفعوا القيود عن عملاتهم:.
روسيا
ماذا حدث؟
تخلت محافظة البنك المركزي، إيليفيرا نابولينا، عن التدخلات في العملة في نوفمبر 2014 حيث كانت البلاد تواجه عقوبات ومع تراجع أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيسي. الروبل الذي انتعش هذا العام، لا يزال متراجعًا بنجو 32 في المئة منذ ذلك الحين.
هل كان الأمر مجديًا؟
بعد سنتين، هناك تذبذب للروبل في الثلاثة أشهر الأولى. توقعات التضخم تتراجع، في ظل تباطؤ تدفقات رأس المال للخارج. أُثني على نابولينا على المستو الأوروبي. وما أكثر من ذلك، فقدت الأسر الاهتمام بتقلبات العملة ويحافظون على 60 في المئة من مدخراتهم بالروبل، وفقًا لاستطلاع رأي نُشر في أغسطس.
كازاخستان
ماذا حدث؟
قرر صانعو السياسيات في 20 أغسطس 2015 أن يتبعوا خطى الصين وروسيا في تخفيض العملة، جيرانهم وأكبر شركاء التجارة. تراجعت العملة منذ ذلك الحين بحوالي 42 في المئة.
هل كان ذلك مجديًا؟
بعد هذا التحرك، كان البنك المركزي الكازاخستاني مجبرًا على إنفاق 1,7 مليار دولار أو 6 في المئة من الاحتياطي النقدي، لتخفيف التقلبات في العملة التي أصبح أكثر العملات تذبذبًا في العالم. وبعد مرور عام، استقر "التينج" –عملة كازاخستان- وارتفع احتياطي النقدي الأجنبي بنسبة 13 في المئة هذا العام ليصل 31 مليار دولار.
الأرجنتين
ماذا حدث؟
أزال الرئيس الأرجنتيني موريسيو ماكري القيود عن البيزو في 17 ديسمبر 2015. وجاءت هذه الخطوة كجزء من الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي يهدف لجذب الاستثمار وقفزة مبدئية للاقتصاد الذي يعاني من تباطؤ في النمو وشح في الدولار.
هل كان الأمر مجديًا؟
بينما انخفضت العملة بنسبة 27 في المئة في يومها الأول من تحرير سعر الصرف، وتباطئ الاستهلاك منذ ذلك الحين، إلا أن هناك بوادر انفراج. وأظهرت تذبذبات الثلاثة الأشهر للبيزو أدنى معدلات بين دول أمريكا اللاتينية. وأظهر المستثمرون ثقتهم في البلاد هذا العام برقم قياسي بلغ 33 مليار دولار من خلال مبيعات السندات الدولية، في حين صار التعامل في السوق السوداء، حيث كانت ممارسة واسعة الانتشار قبل التعويم، أقل شيوعًا.
أذربيجان
ماذا حدث؟
انتقل منتج البترول في الاتحاد السوفيتي السابق لتعويم حر في 21 ديسمبر بعد أن أنفق البنك المركزي ثلثي الاحتياطي لدعم العملة المحلية. انخفضت العملة منذ ذلك الحين بنسبة 39 في المئة.
هل كان الأمر مجديًا؟
تدخلت السلطات لدعم العملة في سبتمبر بعد التخفيض بثلاثة أشهر، مجبرة البنوك على التوقف أو الحد من بيعها للدولارات. وبعد ما أدت التدخلات لاستقرار العملة، ظهر الفشل في عدم القدرة على استعادة ثقة الناس بعد التخفيضات. فما يقرب من 80 في المئة من المدخرات الآن بالدولار، وذلك وفقًا لتقييمات ستاندر آند بور.
نيجيريا
ماذا حدث؟
اضطر صانعو السياسات في الدولة الثانية الأكثر انتاجًا للبترول في أفريقيا للرضوخ لضغوطات الأسواق العالمية والتوقف عن تثبيت سعر الصرف للعملة المحلية في 20 يونيو من أجل التعويم الكامل وسقطت العملة منذ ذلك الحين بنسبة 38 في المئة.
هل كان الأمر مجديا؟
لم تفعل هذه الخطوة الكثير لجذب المستثمرين والذين انتقدوا البنك المركزي لإدارته الجزئية لسعر الصرف بحيث أن التداول أصبح نطاق ضيق بحوالي 315 دولار منذ أغسطس. ونتيجة لذلك، وصل الفارق بين أسعار العملة في السوق السوداء والسوق الرسمية لمستويات ما قبل تخفيض العملة. في الوقت نفسه، واصل احتياطي النقدي الأجنبي في التناقص والوقوف عند 23.8 مليار دولار، أقل بـ 4 مليار دولار عن بداية هذا العام.
فيديو قد يعجبك: