وول ستريت جورنال تضع استراتيجية "ترامب" المتوقعة لإنهاء الأزمة السورية
كتبت - أماني بهجت:
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالًا للرأي للكاتب مايكل أوهانلون، وهو الزميل بمعهد بروكينجز، حول الاستراتيجية التي ينتوي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اتباعها فيما يخص سوريا والحرب الطاحنة الدائرة منذ 5 سنوات.
ووفقًا للكاتب، فقد تبدلت الكثير من آراء الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب فيما يخص السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة الحملة الانتخابية، فلا يزال من الصعب توقع خطواته القادمة ولا ما يدور بذهنه إلا أن الاستراتيجية التي يريد ترامب اتباعها قد تؤتي ثمارًا ناجحة وواقعية عوضًا عما أسماه الكاتب "الخطة الفاشلة" التي اتبعتها إدارة أوباما لحل الأزمة.
وبحسب الكاتب فإن إدارة أوباما فشلت في إدارة الأزمة السورية، فكانت استراتيجيتها تعتمد على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وفي الوقت ذاته القضاء على داعش مع تخصيص شديد المحدودية للموارد الأمريكية لهذه المهام، وهو ما باء بفشل ذريع لوقف أو حتى احتواء هذه الأزمة الإنسانية. منذ بدأ الحرب السورية في 2011، نزح نصف سكان سوريا ولقى ما يقرب من 500 ألف شخص حتفهم. أدت الأجواء الطائفية لظهور داعش والتي استحوذت على ما يقرب من ربع مساحة العراق وقامت بالعديد من الهجمات على أهداف غربية. تكبدت داعش العديد من الخسائر إلا أنها هي وتنظيم القاعدة في العراق بعيدان كل البعد عن الهزيمة وكذلك الحرب.
وأضاف الكاتب أن ترامب كان قد أعلن أن أولوياته لإنهاء الصراع في سوريا هي التعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذلك من أجل القضاء على داعش بشكل سريع، أما محاولات الإطاحة ببشار الأسد فهي ليست بفكرة سديدة الآن.
ويقول الكاتب أنه أثناء رحلته إلى الأردن منذ وقت قريب، يرى كثيرون أن الحل المطروح من قِبل ترامب أكثر واقعية من ذلك الخاص بإدارة أوباما والذي يتطلب القضاء على داعش والإطاحة بالأسد من منصبه. ما يجعل من استراتيجية ترامب أمر ناجح للجميع هو تمدد القاعدة وداعش في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من ذلك، فهنالك خطر بهذا المنطلق، فبشار الأسد يداه ملوثتان بالكثير من الدماء مما لا يسمح ببقائه رئيسًا شرعيًا لسوريا. فالأغلبية المسلمة من السنة تنفر منه ولا تريده رئيسًا. فعلى مدار خمس سنوات وأحياؤهم تُقصف وتُحاصر ويتم تجويعها ومنع الرعاية الطبية عنها، بالإضافة إلى تدمير المدارس. ربما تقضي الولايات المتحدة على داعش ولكنها ستشهد موجة أخرى من التنظيمات الجهادية التي ستخرج من رحم الحرب على داعش وبذلك تستمر الحرب.
ويمكن لتعاون الولايات المتحدة مع روسيا للقضاء على المجموعات الإرهابية أن يكون مفيدًا شرط امتلاك الولايات المتحدة رؤية واضحة لمرحلة ما بعد القضاء على داعش. وهذه الخطة يجب أن يتقبلها السنة من المسلمين والأكراد والبلاد مثل تركيا والأردن ولبنان وإسرائيل والعراق ودول الخليج. ويجب أن يتم إعلان هذه الاستراتيجية بشكل عام وشرحها في الوقت ذاته التي يمكن الإعلان عن أي تعاون عسكري بين الجيش الروسي والأمريكي. ولا بد أيضًا من التعهد للسنة والأكراد بإيجاد بديل للعيش تحت حكم نظام الأسد فهم لن يقبلوا برئيس ارتكب جرائم إبادة جماعية في حق عائلاتهم وجيرانهم، وفقًا لما أوردته الصحيفة.
وأشارت الصحيفة أنه لتحقيق السلام، ستحتاج سوريا إلى الحكم الذاتي في وجود عدد من المناطق المستقلة. وواحد من الخيارات المتاحة هو تحقيق نظام فيدرالي يتم تقسيم البلاد من خلاله لعدد من المناطق. وخيار أقل ولكنه أقل تفضيلًا وقبولًا هو تقسيم البلاد لعدة مناطق مستقلة ولكنها تخضع لدولة مركزية، بنفس الطريقة التي أدار العراقيون والأكراد العراق لما يقرب من ربع قرن.
وأكدت أن النموذج الأمثل هو رحيل نظام الأسد. ولكن هذا الاحتمال لا يبدو واقعيًا الآن وفقًا لمعطيات المعارك الدائرة مؤخرًا والموقف الروسي الداعم للرئيس السوري حتى أخر رمق. ويطرح الكاتب اقتراح أخر يسميه بـ"الاقتراح المنطقي" وهو تولي الأسد لمنطقة حكم مستقلة في ظل دولة ذات نظام اتحادي جديد، أما الخيار الأسوأ بحسب الكاتب، فهو بقاء الأسد رئيسًا للبلاد لمزيد من الوقت بشرط خضوع المناطق ذات الأغلبية السنية والكردية لحكمه المباشر أو في ظل وجودها تحت سيطرة القوات الأمنية التابعة له.
مما يزيد الأمر تعقيدًا، هو سقوط حلب. فقد سيطر الأسد على كبرى المدن السورية وأصبح من الصعب التنازل عنها بإرادته الحرة. حتى الآن، فهناك مساران محتملان: الأول، وجود قوات معارضة عسكريًا ودعمها في مناطق الصراع بهدف تجديد الصراع بينها وبين قوات النظام مرة أخرى ولكن يبدو أن هذا الخيار ليس من خيارات ترامب المفضلة.
أما الخيار الثاني، هو تقديم دعم أمني محدود لجماعات المعارضة المسلحة المعتدلة وإعادة إعمار المدن المنكوبة وهي نفس الطريقة المتبعة من قبل الصين لبناء مناطق حضرية رسمية من لا شئ، كي يقطنها السنة والأكراد بدايةً. قد يبدو هذا الخيار مقبولًا من الأسد وروسيا، فيمكن لتنفيذ هذا الخيار أن يساعد في إنهاء الحرب وإعادة إعمار البلاد، وسيحفظ هذا الخيار لنظام الأسد سيطرته على المناطق الواقعة تحت سيطرته حتى الآن، ومن الممكن إقناعه بعدم المطالبة بفرض مزيد من السيطرة على المدن في المستقبل.
وسيكون هذا الاتفاق بالتنسيق وبالتفاوض وأن يكون لقوات حفظ السلام الدولية دور فيه. يمكن لهذه القوات أن تشمل روسيا وتنتشر في غرب سوريا، وتركيا في المشال وهو ما يحدث الآن بالفعل، مع إمكانية وجود قوات مشاه من الدول العربية والأوروبية ودول جنوب آسيا. ويمكن للقوات الأمريكية أن تُساهم في القيادة والسيطرة علاوة على الإعدادات اللوجيستية وعمليات مكافحة الإرهاب.
ويضيف الكاتب أن قوات الأمن المحلية وبعض الميليشيات أو القوات شبه العسكرية والمكونة والمعدة والمسلحة بدعم مباشر من المجتمع الدولي يمكن أن يكون دورها حفظ الأمن والنظام في مناطق الحكم الذاتي التابعة للمناطق ذات الأغلبية السنية والأكراد، ويشمل الاتفاق تزويد هذه القوات بأسلحة خفيفة وعدد محدود للغاية من الأسلحة الثقيلة. ويمكن للأطراف الفاعلة الموافقة على التوقف عن مساعد الجماعات المسلحة في ضربها لحلب وعوضًا عن ذلك توجيه هذه المساعدات للشرطة المحلية الرسمية أو قوات الأمن.
ووفقًا لـ "وول استريت جورنال" فإنه يجب أن تأتي المساعدة الخارجية لإعادة رسم الهيكل الجديد للدولة السورية في المقدمة، مما يرجح كفة التفاوض للمجتمع الدولي مع الحكومات المحلية الجديدة. وسيكون للأسد دعم من الدول الغرب والخليج ولكن مشروط، والشرط هو الالتزام بالخطة المُعدة لتقليص دوره في حكم سوريا.
ويقول الكاتب أن كثير من السوريين قد لا يوافقوا على فكرة الدولة الاتحادية أو حتى فكرة الحكومة المركزية التي تدير مناطق سيطرة النظام بينما النصف الأخر من البلاد مُقسم هو الأخر لمناطق عديدة، ويضيف هذا الاقتراح ليس أمرًا دائمًا يمكن أن يكون حل مؤقت لحرب متأزمة لفترة معينة من الوقت وبعدها يمكن إجراء استفتاء دستوري للتصويت على شكل النظام المناسب.
يمكن لتفاصيل كثيرة مثل الحدود بين المناطق مناقشتها مستقبليًا في ظل مفاوضات السلام، ولكن الخط العام للرؤية المستقبلية يجب أن يتم إعلانها قريبًا. إذا قام ترامب بإدماج قطط التعاون مع روسيا لاستراتيجية بناء سوريا جديدة، فمن الممكن أن يصبح ترامب هو الرئيس الذي أنهى الصراع المأساوي، وفقًا للصحيفة.
فيديو قد يعجبك: