روبرت فيسك: لماذا نسيت مندوبة أمريكا بالأمم المتحدة مذابح صبرا وشاتيلا؟
كتب - علاء المطيري:
قال الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك إنه لشيء غريب أن تشاهد سامنثا باور، مندوبة أمريكا الدائمة في الأمم المتحدة، وهي تتحدث عن الأعمال البربرية والمذابح التي يتعرض لها المدنيون في مدينة حلب السورية بينما تناست المذابح التي تعرض لها المدنيون الفلسطينيون واللبنانيون على يد الجيش الإسرائيلي وكأن نسيان تلك المذابح هو العُرف السائد.
وتابع فيسك، في مقال نشرته صحيفة "الاندبندنت" البريطانية: "مازلت أتذكر أولئك الذين كانوا يتسلقون فوق جثث المدنيين الفلسطينيين في معسكرات صبرا وشاتيلا في بيروت عام 1982 الذين ذبحتهم الميليشيات الإسرائيلية واللبنانية أمام أعين الجيش الإسرائيلي أقوى حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط".
ولذلك فإن ما قامت به "باور" جعلها تقترف قدرًا من الخزي عندما تناست المذابح التي تعرض لها الفلسطينيون في لبنان، يقول فيسك، متسائلًا: "ألم يكن هناك عمل بربري ضد المدنيين. ألم يكن هناك إعدام للأطفال بصورة تثير المشاعر وتجعلها تشعر بالانزعاج؟"، مضيفًا: "وجهت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة حديثها عن الأفعال البربرية التي يتعرض لها المدنيون في حلب إلى الروس والسوريين والإيرانيين؛ وتحدثت في السابق عن مجازر حلبجة في كردستان العراق ومجزرة سربرينيتشا التي ارتكبها جيش صرب البوسنة ضد المسلمين عام 1995، وعن مذابح رواندا".
وتساءل فيسك: "ألم يكن 1700 فلسطيني بينهم نساء وأطفال قتلوا في مذابح صبرا وشاتيلا كافيًا حتى تتحدث عنه سامنثا باور؟. ربما!"، مشيرًا إلى أن مذبحة حلبجة التي تحدثت عنها قتل فيها 5 آلاف شخص، لكن مذابح صبرا وشاتيلا أفزعتني في حينها.
أمور مفزعة
ويتذكر فيسك الاجتياج الأمريكي الوحشي للعراق الذي أدى إلى مقتل نصف مليون شخص إضافة إلى حالات التعذيب في مراكز الـ"سي إي إيه" في أفغانستان، ويتذكر إحصاءات قتلى مذابح روندا وأكثر من 9 آلاف شخص قتلوا في مذابح سربرينيتشا بالبوسنة والهرسك، مضيفًا: "عندما تعلم أن رئيس الولايات المتحدة كان يرسل الأبرياء ليتم التحقيق معهم في معسكرات النظام السوري التي تصفها سامنثا حاليًا بمعسكرات الاعتقال.
"إنه لشيء مضحك أن تنسى سامنثا - باركها الرب - غزة التي قٌتل فيها الكثير من الأطفال الفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي، أو اليمن التي قتل فيها قرابة 4 آلاف شخص على يد حلفاء أمريكا" - يقول فيسك.
وتابع: "لم تذكر سامنثا عمليات القتل الجماعي في مدينة الموصل العراقية على يد تنظيم داعش، والشيء الأكثر غرابة هو أنها لم تذكر الذين قتلوا في هجمات الحادي عشر من سبتمبر"، مضيفًا: "ألم يكن نسيان تلك الجرائم في حديث سامنثا أمام الأمم المتحدة مدعاة للعار؟".
واستطرد: "مقتل 3996 بريء في حلب أمر يجعلك تركز الحديث على الروس والسوريين والإيرانيين"، لكن توجد مشكلة صغيرة لأن حمام الدماء في هجمات الحادي عشر من سبتمبر نفذته القاعدة التي غيرت اسمها في سوريا إلى "جبهة النصرة وبعدها جبهة فتح الشام وجميعها أسماء مستعارة لشيء واحد يقاتل ضد النظام السوري في شرقي حلب.
ولفت فيسك إلى وجود بعض الصعوبة في فهم حديث سامنثا التي تتحدث عن المذابح ضد المدنيين في حلب لأن من يقاتلون النظام السوري هناك من الجهاديين الذين ينتمون إلى التنظيم الذي نفذ أكثر الهجمات رعبًا في تاريخ أمريكا الحديث.
واعتبر فيسك أن سامنثا ألقت بضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر في سلة المهملات لتخبرنا أن أعداء القاعدة في شرق حلب - القوات السورية المدعومة من روسيا وإيران - يقومون بأعمال مخيفة، وكذلك لم تذكر سامنثا ما قامت به داعش ضد المسيحيين والإيزيديين في العراق من أعمال تطهير عرقي تعلمها جيدًا.
ونحن كصحفيين نسير على ذات الخط، يقول فيسك، متسائلاً: "ما هو آخر وقت قرأت فيه شيء عن عودة داعش الكارثية في مدينة تدمر السورية، الأسبوع الماضي، مشيرًا إلى أن هؤلاء الذين نفترض أنهم هزموا في الموصل حققوا نصرًا في تدمر، وأن بعضا من مقاتليهم في تدمر جاؤوا من الموصل.
وتساءل فيسك: "كيف فعلوا ذلك بينما تقوم القوات العراقية والمستشارين الأمريكيين والميليشيات بحصار الموصل؟ وسحق طرقها، ورغم أن بها مدنيين محاصرين أكثر من حلب إلا أن سامنثا لم تذكرها، مضيفًا: "بشار ديكتاتور وانتخاباته مهزلة، وميليشياته قتلة، وجيشه لا يعرف الرحمة، وسجونه بها أفعال بربرية وواشنطن كانت ترسل أسراها ليخصوا لنظام استجواب قاسٍ بداخلها وقد شاهدت ذلك بنفسي مع أناس أبرياء".
ولفت فيسك إلى أن متابعة اختيارات سامنثا للأعمال الوحشية التي تتحدث عنها بداية من مذابح حلبجة التي ارتكبها النظام العراقي السابق، ومذابح روندا ومذبحة سربرينيتشا التي ارتكبها الصرب وما تتعرض له حلب فإنها جميعًا لم تتم على يد أمريكا أو أي من حلفائها؛ وهو ما يجعلها تقف في مساحة آمنة. أظنها كذلك.
هذا ما نفعله في أوروبا، يقول فيسك، بداية من الرئيس الفرنسي إلى البرلمان البريطاني وحتى وزير الخزانة البريطاني جورج أوسبرن الذي تأسف على عدم فعل أي شيء تجاه حلب وعدم وجود نية لفعل شيء في المستقبل.
وأعتقد أن سبب حديث سامنثا عن تلك المذابح بالتحديد سببه أنها المرات القلائل التي لم تنغمس فيها أصابع أمريكا أو أي من حلفائها في ارتكاب تلك المذابح باستثناء فتيان جبهة النصرة الذين تدعمهم دول مثل قطر وبعض دول الخليج، لكنه تساءل: "هل الذنب في أي شيء أكبر من عدم الاكتراث به؟".
وختم: "لذلك فإن الخزي الذي يلحق السوريين والروس والإيرانيين بسبب تلك الأعمال الوحشية التي تحدث في حلب يجب أن يكون مخيفًا بالنسبة لنا ولو بالقدر اليسير، أليس كذلك؟".
فيديو قد يعجبك: