السيسي لفاينانشال تايمز: رئاسة مصر "عبء ثقيل".. وترامب سيتعامل مع الإرهاب بحسم
كتبت- هدى الشيمي ورنا أسامة:
على عكس الكثير من قادة العالم، أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن سعادته بفوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ليكون رئيسها الخامس والأربعين، فكان أول من هنّأه بالفوز على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وذلك بحسب ما ورد في صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن وسائل الإعلام المصرية أشارت للكيمياء بين الزعيمين (السيسي- وترامب)، خاصة وأنهما يملكان العديد من النقاط المشتركة، أبرزمها اقتنا كلَا منهما بأن روسيا قوة جيوسياسية هامة، وشريك يُحترم، فضلًا على أن السيسي ونظيره الجديد يمتلكان نفس وجهات النظر المتعلقة بالإسلام السياسي باعتباره تهديدًا لمجتمعاتهما.
وتذكر، أن السيسي أعرب عن تفاؤله بفوز ترامب في حوار أجرته معها منذ فترة، إذ قال لها : "إن ترامب سيتعامل مع الإرهاب بطرق أكثر حسما وجدية، وهذا ما يحتاجه العالم الآن".
وأشار السيسي، بحسب الصحيفة، إلى أن التعاون بين موسكو وواشنطن سيساعد على نشر الاستقرار في الشرق الأوسط، بعد معاناته من الصراع على مدى سنوات.
وتقول الصحيفة إن تعريف السيسي للإرهاب يتجاوز الإسلاميين المسلحين، أو جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذين قاموا بعمليات إرهابية في سيناء، ووصلت إلى قلب القاهرة، إذ تبنى التنظيم تفجير الكنيسة البطرسية الملاصقة لكنيسة الكاتدرائية وراح ضحيتها 26 شخصًا، ولكن تعريفه يشمل جماعة الإخوان المسلمين، والتي انتهى حكمها للبلاد عام 2013، بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم.
ولفتت الصحيفة إلى أن فوز ترامب بالرئاسة ولّد مشاعر الأمل بداخل عدد من الدوائر الحكومية المصرية، التي لطالما وجهّت انتقادات تقدت لإدارة الرئيس الأمريكى المثنتهية ولايته، باراك أوباما، لتعاطفه مع جماعة الإخوان المسلمين، مُشيرة إلى أنهم ينتظرون من ترامب دعم الإجراءات الأمنية والاقتصادية للحكومة المصرية.
فيما يخُص الدور الاقتصادى للجيش المصرى، قالت الصحيفة إن رجال الأعمال فى مصر يدعون إلى إجراء "مُصالحة" بين الدور الاقتصادي للجيش والقطاع الخاص، لافتين إلى أنه من الصعب أن يمضي الاقتصاد قُدمُا دون مساعدة القطاع الخاص، بحسب ما نقلته فاينانشيال تايمز عن رجل أعمال لم تحدد هويّته.
وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس السيسي عن غضبه من الحديث غير المقبول عن تدخّل الجيش في الاقتصاد المصري، قائلًا: "إن الجيش المصري لا يدخر جهدًا لمُساعدة البلاد، ومن الخطير أن يُتهّم بمثل هذه الأمور."
أوضح الرئيس أن نسبة مشاركة الجيش في الاقتصاد تتراوح ما بين 1.5 إلى 2 في المئة من إجمالي الإنتاج المحلي، مُشيرًا إلى أن "دور الجيش في تنفيذ المشروعات الاقتصادية يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتخفيف الأعباء من على كاهل السوق، لا للمُنافسة مع القطاع الخاص"- بحسب قوله.
وأضاف أن "الدور الاقتصادي للجيش يتمحور بشكل أساسي حول الإدارة والإشراف من أجل ضمان الكفاءة والالتزام بالمواعيد وردع الفساد والتصدّي له بكل حزم الذي يحدث في العقود التي يتم تنفيذها من قِبل الشركات العامة والخاصة.
ونقلت الصحيفة عن مسئولين قولهم بإنه لا يوجد خيار آخر أمام الرئيس السيسي غير الاعتماد على الجيش لتلبيّة توقعات الناس، ومُعالجة الانهيار الذي أصاب قِطاع الاستثمار في مرحلة ما بعد الثورة. بيد أن الخوف من المنافسة مع مؤسسة قوية وغير خاضعة للمُساءلة- بحجم مؤسسة الجيش- من شأنها تثبيط عزيمة القطاع الخاص وعدم تشجيعه على المُشاركة.
ولفتت إلى أن المُساهمات الاقتصادية للجيش تُمثّل أحد مظاهر عودة الأمان للدولة التي ظن العديد من المصريين أنها ذهبت بلا رجعة بعد ثورة يناير 2011.
وكان الرئيس السيسي قد قام بالاعتماد على الجيش في إدارة بعض المشروعات الوطنية، مثل توسيع قناة السويس وبناء عاصمة جديدة، وذكرت الصحيفة أن المصانع المملوكة للجيش شهدت زيادة ملحوظة على مدى العامين الماضيين، وخاصة في قطاعيّ الأسمنت والصلب.
على الصعيد السياسي، قالت الصحيفة البريطانية إن الإجراءات الأمنيّة الحثيثة التي أخذت الحكومة في تطبيقها في مصر لم تقتصر على الإسلاميين فقط، ولكنّها طالت أيضًا العديد من الليبراليين الذين أخذوا يُهلّلون للسيسي في بداية الأمر ثم أصبحوا ساخطين على الوضع الآن، فقد تم الزجّ بالعديد من النشطاء من الشباب العلماني ممن قادوا الثورة، في السجون، كما وقعت منظمات حقوق الإنسان تحت ضغط شديد، وتم منع قادة المجتمع المدني من السفر.
وتابعت: "النظام يغلق كافة منافذ التعبير، لأن الهاجس باحتماليّة قيام ثورة أخرى يُطارده"، ونقلت عن مسؤول سابق لم تكشف عن هويّته، قوله إن "المصريين باتوا أكثر تعبًا من القيام بثورة جديدة، بالرغم من أن الوضع الحالي يبدو أكثر انقسامًا واضطرابًا."
وأضافت الصحيفة أن الرئيس السيسي تجاهل مُطالبات منظمات حقوق الإنسان بإطلاق سراح عشرات الآلاف من السُجناء السياسيين، واصفًا تلك التقارير بأنها "مُنافية للعقل"، خاصة وأن أكثر من 80 من الشباب المحبوسين كان قد تم إطلاق سراحهم بعفو رئاسي قبل أسابيع.
وفي هذا الشأن، علّق السيسي للصحيفة البريطانيّة قائلًا: "في ظل الوضع الصعب الذي تمر به البلاد في الوقت الراهن، فإن وقوع الأخطاء أمر وارد الحدوث، لن تُترك هكذا طويلًا، بل سيتم تصويبها وتوجيهها على الطريق الصحيح في أقرب وقت ممكن."
من ناحية أخرى، تُشير "فايناشال تايمز" إلى أن الرئيس السيسي على عِلم بأن شعبيّته في تراجُع، وفي هذا الصدد يقول إنه ليس في "مُسابقة لقياس مِقدار الشعبيّة"، مُعربًا عن رفضه لوجهة النظر المُتزايدة التي تذهب إلى أن فترة حُكمه أسوأ من فترة حُكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لافتًا إلى أنه يعمل على "بناء علاقة حب مع المصريين، وموجة احترام للآخر، ستبدأ من القاهرة وتنتشر في كافة أرجاء المِنطقة".
وأوضح السيسي أن رئاسة مصر تُمثّل "عبئًا ثقيلًا" عليه، دون الإفصاح عن نيّته للترشّح لولاية ثانية، وإن كان هذا الأمر يتوقّف- من وجهة نظر الصحيفة- في جزء كبير منه على مدى استعداد الشعب المصري لتحمّل المشاق والتصحيات من أجل الوطن.
فيديو قد يعجبك: