موقع أمريكي: إرسال قوات سعودية إلى سوريا سيطيل أمد الحرب
كتب ـ علاء المطيري:
قال موقع ديلي بيست الأمريكي إن إرسال السعودية لقوات برية إلى سوريا سيكون فكرة سيئة، مشيرًا إلى أن إقدام الرياض وشركاؤها على هذا الخطوة سيؤدى إلى إطالة أمد الحرب الأهلية.
ولفت الموقع إلى قول الجنرال أحمد العسيري ـ المتحدث باسم الجيش السعودي، في 4 فبراير الجاري، إن السعودية سترسل قوات برية لتنفيذ عملية عسكرية ضد داعش إذا طلبت منها الولايات المتحدة ذلك وموافقة التحالف، مشيرة إلى أن أعلام دول مجلس التعاون الخليجي الست كانت خلف الجنرال السعودي أثناء إدلائه بالتصريح في إشارة ضمنية إلى أن السعودية ستتولى قيادة دول التحالف العربي في سوريا.
وأوضح الموقع أنه بعد أسبوعين من تصريح العسيري وصلت الطائرات الحربية السعودية والقوات إلى قاعدة إنجرليك التركية استعدادًا لعملية برية في سوريا، وفقًا لوزير الخارجية التركية، إضافة إلى تصريح مصدر سعودي بأن قوات سعودية ومصرية وأردنية وسودانية سوف تجرى تدريبات مشتركة استعدادًا لقتال داعش.
وتدعوا واشنطن شركاءها في المنطقة إلى تكثيف جهودهم في قتال داعش، وتأمل في أنه إذا توصل اتفاق جنيف إلى وقف لإطلاق النار بين القوى المتقاتلة في سوريا يكون ذلك وسيلة لتركيز جهود كافة القوى للقضاء على داعش، وسيكون قدوم القوات السعودية إلى سوريا تطورًا مرحبًا به.
وكانت السعودية ودول الخليج قد بادرت بالمشاركة في تحالف قصف داعش الذي بدأته واشنطن في سبتمبر 2014، لكن جهودها في هذا التحالف تضاءلت بعدما بدأت السعودية حملتها العسكرية ضد الحوثيين في اليمن.
ولفتت الصحيفة إلى أن الدور السعودي في سوريا مازال نشطًا، لكن أنظارها تتجه نحو إيران، ولذلك تتعاون مع تركيا وتدعم القوات المتشددة في سوريا لمقاتلة نظام الأسد المدعوم من إيران، حيث تعمل المجموعات المقاتلة التي تدعمها السعودية تعمل تحت مظلة جيش الفتح بأعداد كبيرة وهي وثيقة الصلة بجبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا.
وحتى لو تم التوصل إلى وقف إطلاق النار بين في سوريا فإن السعودية لن تتوقف عن دعم جيش الفتح الذي يقول الواقع أنه ليس جزءً من المفاوضات ولن يحترم الهدنة إن حدثت.
وأوضحت الصحيفة أن السعودية لم تعرض إرسال قواتها البرية لمحاربة داعش في سوريا كجزء من إعادة تقييم أولوياتها، فحتي لو تم توقيع اتفاق وقف إطلاق نار لن تتوقف عن سعيها لإزاحة الأسد كما صرح عادل الجبير وزير خارجيتها الذي أوضح أن بلاده ستدعم إزالة الأسد بالدبلوماسية أو بالقوة.
جر أمريكا إلى الحرب
لفتت الصحيفة إلى أن عرض السعودية وشركاؤها الخليجيين إرسال قوات إلى سوريا هدفه فتح الطريق أمام واشنطن للتواجد بصورة أكثر عمقًا في سوريا أثناء وقف إطلاق النار، فإذا انهار الاتفاق في ظل تواجد أمريكي كبير في سوريا، تأمل السعودية أن تنجر أمريكا إلى القتال ضد نظام بشار الأسد وضد القوات الإيرانية أيضًا.
وتأمل السعودية من وراء جر الولايات المتحدة في نزاعها مع إيران إلى كسب مكانة دولية أفضل لتحسن سمعتها التي تدهورت إلى حد ما، وذلك بعرض قتال داعش مباشرة حتى لو لم يتم إرسال قوات فإن ذلك يجعل السعودية تظهر على أنها جزء من الحل بطريقة تزيل ظلال الشكوك حول كونها جزء من المشكلة بما ترسله من أسلحة إلى المقاتلين الذين يحاربون نظام بشار.
ولفتت الصحيفة إلى أن السعودية منغمسة بصورة سيئة في الجبهة السورية، ورغم تحقيقها بعض التقدم ضد الحوثيين في اليمن إلا أنها لا تملك استراتيجية الخروج، وفشلت في إقناع حليفها المقرب باكستان من المشاركة بقوات في حربها ضد الحوثيين فيما يعد ضربة للملك سلمان نفسه.
وتنفق السعودية ثروتها على الحرب، حيث أفاد تقرير نشرته "رويتر" عام 2015 أن الحملة الجوية السعودية على الحوثيين في اليمن تتكلف 175 مليون دولار في الشهر، وبعد أن أشتبكت قواتها على الأرض من المؤكد أن هذا الرقم قد تضاعف.
وقبل عام كان من الممكنة على مملكة النفط الغنية تقبل التكلفة بسهولة، ولكن الوضع تغير في الوقت الحالي بعد هبوط سعر النفط الخام إلى أقل من 30 دولارًا للبرميل، وهو ما يجعل السعودية تحرق احتياطيها النقدي بصورة تكاد تكون خطيرة.
وتواجه السعودية موقف اقتصادي سيء إلى حد كبير بصورة يمكن أن تضطرها لبيع نسبة من شركة النفط العملاقة "أرامكو" لمستثمرين أجانب لسد نقص الاحتياطي النقدي لديها، لكن امتلاك أجانب لنسبة من الشركة سيحرم العائلة السعودية من استخدام أسعار النفط في لعبة تحقيق أهداف سياسية بالصورة التي ظلوا يمارسونها منذ عام 1980.
ولكنه لو أقدمت السعودية على بيع نسبة من "أرامكو" ستكون مضطرة لإدارة الشركة بشفافية يمكن أن تفضح صفقات فساد كبرى قامت بها أعضاء العائلة المالكة في تعاقدات النفط، وهو ما قد يٌجبر السعودية على عدم بيع نسبة من الشركة، ومن المنتظر ألا تقدم على الإضطلاع بحملة عسكرية باهظة التكاليف في سوريا.
ماذا لو فعلت؟
إذا أرسلت الرياض قوات عسكرية للقتال جنبا إلى جنب مع القوات الخاصة الأمريكية الموجودة حاليًا في سوريا ستكون عملية جيدة ضد داعش، وسوف تحظى بشرعية في عيون واشنطن، ورغم ذلك فإن الهدف الرئيسي للسعودية في سوريا هو تقديم الدعم الأكبر لحلفائها الراديكاليين في المعارضة السورية الذين يقاتلون الأسد.
ولفتت الصحيفة إلى أن عرض السعودية إرسال قوات عسكرية إلى سوريا لم يكن من قبيل الصدفة، مشيرة إلى أنه بعد فقدانهم لمساحات كبيرة لصالح النظام السوري في حلب سيكون من الصعب عليهم الحصول على إمدادات الأسلحة من تركيا إذا تم وقف إطلاق النار بعد فقدانهم تلك المناطق، وهو ما يتطلب دعم موقفهم لاستعادة المناطق الحصينة في شمال شرق سوريا.
وبينما تأمل واشنطن أن يؤدي تواجد القوات السعودية في مناطق المعارضة إلى منعها من خرق وقف إطلاق النار، فإن القوات السعودية ستعمل على إعادة بناء وتدريب تلك المجموعات وتسليحها.
ولفتت الصحيفة إلى أن حلفاء السعودية الذين يقاتلون في سوريا وخاصة جيش الفتح يمثلون خطرًا أكبر من داعش على المدى البعيد، حيثت أنهم أكثر قدرة على التناغم مع مستجدات الواقع ويمكنهم إعادة تصنيف أنفسهم كمعارضة معتدلة، إضافة إلى أنهم أكثر قدرة على الاحتمال في ميادين القتال من مقاتلي داعش أو ما يٌطلق عليه "دولة الخلافة".
وسيكون تواجد القوات السعودية هناك وسيلة لجعلهم يمتلكون أكبر قدر من الأسلحة إضافة إلى تحقيق مخزون استراتيجي منها يدعم موقفهم في القتال، لكن السلفيين سيمثلون أزمة جديدة بعد انتهاء الحرب.
وأوضحت الصحيفة أن القوات السعودية يمكن أن تواجه مشكلة أخرى في سوريا إذا تواجدت في المناطق الكردية على غرار القوات الأمريكية، مشيرة إلى أن تنسيقها مع القوات التركية سيجعلها عرضة للاشتباك مع الأكراد، وهو ما يمكن الاستعاضة عنه بالتواجد في مناطق الشمال الشرقي أو الجنوب الغربي.
وتابعت الصحيفة يبدوا أن السعودية تخطط لحشد قواتها العسكرية في تركيا، فإذا قاموا بذلك سيكونون على خط نار الطائرات الروسية وربما يواجهون القوات الإيرانية مباشرة، وهو ما يعني أن تواجدهم في سوريا لا يمثل حلاً وإنما سيخلق تصعيدًا بشكل كبير.
وبافتراض أن السعودية لا تمارس خداعًا سياسيًا في حديثها عن إرسال قوات إلى سوريا، فإنها ألقت الكرة في ملعب واشنطن لاتخاذ الخطوة التالية وذلك عندما كرر الجنرال العسكري يوم 11 فبراير الجاري تصريحه بالقول: "إرسال قواتنا إلى سوريا يعتمد على موافقة الولايات المتحدة الأمريكية".
وأوضحت الصحيفة أنه يجب على الولايات المتحدة أن تدرس العرض السعودي بعناية قبل اتخاذ قرار، لأن واشنطن لديها أهداف وغايات تختلف عن أهداف الرياض وغاياتها من إرسال قوات إلى سوريا.
وإذا لم تدرس واشنطن الأمر بعناية فإن السعوديين سيجرونها إلى معركتها مع إيران بصورة مكلفة جدًا للولايات المتحدة، خاصة أنه لن تنتهي الحرب بصورة عاجلة وربما تطول وتجعل الصراع أكثر تعقيدًا وأكثر صعوبة على الحل مما سبق.
فيديو قد يعجبك: