مجلة أمريكية: في تركيا كل من يُعارض أردوغان إرهابي
كتب ـ علاء المطيري:
لا يفرق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين من ينتقدونه وبين من ينفذون هجمات انتحارية فكل من يعارضه إرهابي، وفقًا لمجلة فورين بوليسي الأمريكية.
وتناولت المجلة في تقرير لها، الخميس، عمليات القصف الجوي التي تقوم بها الطائرات التركية ضد الأكراد في مدينة ديار بكير ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا، مشيرة إلى حالة أم تصرخ على أطفالها القتلى بتساؤل: "أهولاء الأطفال إرهابيون؟".
قتل الأطفال
وتابعت أن مجموعة من أمهات تلك المدينة يجتمعن بصورة متواصلة على مدى شهرين لإظهار قضية مقتل 9 أطفال في إحدى القاعات التاريخية وبقاء جثثهم في الطرقات منذ 3 أشهر، مشيرة إلى أن تواصل الصراع حال دون رفع بقاياهم بعد قتلهم.
ونقلت المجلة عن بعض عائلة الأطفال القتلى قولهم أن بعض الأطفال الذين قتلوا كانوا تابعين لجناح الشباب في حزب العمال الكردستاني، بينما كان الباقون بينهم طفلة قتلت في زيها المدرسي.
وتابعت "رغم ذلك فإن الحكومة التركية مازالت تصر على إن من قتلتهم من الأطفال إرهابيون"، بينما قالت سيدة آخرى "إنهم يطلقون على كل بريء يقتلونه إرهابي".
وكان وقف إطلاق النار بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني قد انهار الصيف الماضي ليستأنف صراعًا دام لعقود وراح ضحيته 40 ألف قتيل.
التخوفات
وتناولت المجلة المخاوف التركية من الإرهاب في ظل تواجد داعش على حدودها الجنوبية وانهيار وقف إطلاق النار الذي استمر على مدى عامين سابقين مع الأكراد، مشيرة إلى أن تلك لديها مبررات لتلك التخوفات خاصة أنها شهدت 4 تفجيرات انتحارية في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2016.
وتابعت أن السبت الماضي شهد تنفيذ عملية انتحارية في أحد الشوارع المزدحمة وراح ضحيتها 4 أشخاص في حين أصبح الهجوم على قوات الشرطة في جنوب شرق البلاد أمر يكاد يحدث بصورة يومية.
إلصاق التهم
لكن الإرهاب الذي تحاربه الحكومة التركية والإرهابيون الذين تتعقبهم طال كل من يدلى بتصريحات لا تتفق مع رؤية الحكومة وتوجهها، حيث أصبح كل من يعارض الحكومة إرهابي وأٌلقي القبض على صحفيين ومحامين وأكاديميين وساسة المعارضة واتهامهم بنشر مواد دعائية تخدم مصلحة الجماعات الإرهابية.
تكميم الأفواه
ما بين تقارير صحفية وتلفزيونية من مناطق المواجهات في جنوب شرق البلاد إلى من يلتمسون اتفاق سلام مع الأكراد.. كل ما يدور في فلكٍ لا يوافق رأي الحكومة في قضية الأكراد يتم تصنيفه بصورة عاجلة ضمن "دعايا الإرهاب" ـ عبارة مشتقة من قانون مكافحة الإرهاب ـ الذي يجرم كل مادة إعلامية لها علاقة بالتنظيمات الإرهابية.
تعريف الإرهاب
رغم كل ما سبق ذكره من ضبط الصحفيين وتصنيف المعارضين فإن الرئيس التركي دعا، الأسبوع الماضي، بوضع تعريف للإرهابيين يمتد ليشمل من يطلقون عليهم "من يدعمون الإرهاب".
ووفقًا للمجلة الأمريكية فإن دعوة أردوغان الأخيرة تثير المخاوف من توجه الحكومة التركية نحو حملة أكثر اتساعًا على المعارضين لها، مشيرة إلى أن تصريح أردوغان تحدث عن أن ألقاب وصفات مثل "أعضاء برلمان، أكاديميين، مؤلفون أو حتى صحفيين" لا تغير حقيقة كونهم إرهابيون، وأن وصف الإرهاب لا يجب أن يقتصر على من يطلق الرصاصة بل على من يجعلوا هذا الأمر ممكنًا.
رؤية أردوغان
تحدث أردوغان في توصيفه للإرهابيين عن أنه لا يوجد فرق بين من يمسك بمسدس لإطلاق الرصاص وبين من يستغلون مناصبهم لخدمة أهداف إرهابية، وهو ما تم فعليًا حيث تم إلقاء القبض على 3 باحثين في اليوم التالي لخطابه بعد انتاقدهم للحملة العسكرية التي أطلقتها الحكومة التركية جنوب شرق البلاد وصنفتها محكمة اسطنبول بأنها دعم ضمني لأفعال حزب العمال الكردستاني.
اعتقال باحث بريطاني
عندما جاء أحد الباحثين البريطانيين إلى تركيا لدعم موقف الأكاديميين الذين تم القبض عليهم تم اعتقاله وترحيله فورًا وكتب بعدها أنه تم ترحيله بسبب استضافته من قبل حزب الشعوب الديمقراطي "HDP" الموالي للأكراد والذي يعد بمثابة شوكة في جانب الحكومة التي تتهم دومًا بنشر مواد دعائية تدعم الإرهاب.
ولفتت المجلة إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي حصل أعضاؤه في انتخابات العام الماضي على ثلث أعضاء البرلمان، لكنهم يوادجهون تهم الإرهاب ويمكن القبض عليهم إذا أفلحت الحكومة في رفع الحصانة البرلمانية عنهم.
وتابعت أن استخدام الحكومة التركية لفظ "الإرهاب" بدون قيود سيكون له تبعات خطيرة على حرية الرأي والتعبير في تركيا.
حرب المدن
نتيجة اندلاع مواجهات في مناطق حضرية وجد المواطنون أنفسهم في قلب نيران حزب العمال والقوات التركية بصورة أدت إلى مقتل 250 مدنيًا وفقًا لمنظمات حقوقية بينما تتحدث الحكومة عن أنها تستهدف الإرهابيين فقط.
مدينة سيزر
شهدت مدينة سيزر الواقعة على نهر دجلة وسكانها 120 ألف نسمة عددًا من أسوأ المواجهات بين القوات التركية والأكراد.
ففي يناير الماضي أدى القصف إلى الحكومي إلى محاصرة المئات تحت الأنقاص وعندما تحدث بعض السياسيين عن انكار الحكومة وعدم تقديمها المساعدة للمحاصرين تم تجاهل الأمر ووصف بأنه دعايا إرهابية ووصفوه بأنه قاعدة لحزب العمال الكردستاتني.
وبعدها بأسبيع تم رفع الحصار عن المدينة ليكتشف السكان المحليين القتلى قد احترقوا حتى الموت، وقالت الحكومة أنها قتلت 600 من أعضاء حزب العمال الكردستاني بينما لم تتحدث عن قتل مدنيين بينهم أطفال ونساء وشيوخ وساسة وصحفيون.
شرطة فوق القانون
عندما تحارب الأكراد فإنها تكون فوق القانون.. معتقد ثابت على مدى عقود لدى الأكراد الذين يتعرضون للقتل على يد قوات الأمن التركية، حيث لا تضع الحكومة التركية في اعتبارهم حجم من تقتلهم من الأكراد.
المحصلة والانتقام
رغم كل ما تقوم به الحكومة من قمع وحملات ضد كل من يعارضها إلا أن محصلة تلك الحملات يرثى لها حيث أنها أبعد ما يكون عن كبح جماح الإرهاب وربما كان لما تقوم به آثار في إزكاء ناره وتأجيجها.
ففي الشهر الماضي قامت مجموعة "TAK"ـ صقور حرية كردستان المنشقة عن حزب العمال الكردستاني ـ بتنفيذ هجوم أنقرة وقتلت 28 شخصًا، وهي ذاتها من تبنى تفجير السبت الماضي في أنقرة، وكلاهما حمل عنوان "الانتقام لمدينة سيزر".
فيديو قد يعجبك: