روبرت فيسك: الولايات المتحدة تتغاضى عن مطلب رحيل الأسد
كتبت - سارة عرفة:
نشر الكاتب البريطاني روبرت فيسك مقالا في صحيفة الاندبندنت البريطانية جادل فيه بأن الولايات المتحدة بدأت تتغاضى عن مطلب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية التي تعصف ببلاده.
وقال فيسك في مقاله إن الولايات المتحدة بدأت ترى أن الرهان عن النظام السوري أفضل من الرهان على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)... وإلى نص المقال:
تعبت قليلا من القراءة عن "تحالف المليشيات السورية المدعوم من الولايات المتحدة" وتقدمهم ضد داعش. "التحالف" كردي بشكل كبير - وأفترض أن هذا يفسر لماذا تحدث الأمريكيون عن شمال سوريا عندما أعلنوا زيارة الجنرال جوزيف فوتيل، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، إلى الجيب الكردي الصغير.
الجنرال فوتيل أمكنه فقط وضع قدمه على القطاع الصغير من الأراضي الواقعة على طول الحدود التركية والتي يسيطر عليها الأكراد وجماعات تركمانية متناثرة بشكل جزئي. وزيارة يقوم بها جنرال أمريكي إلى شمال سوريا أقل إثارة مما تبدو.
من المثير أن ترى قائد أمريكي يعبر الحدود لتحية مشاركين في حرب أهلية. وهذا أيضا ما كان يقوم به الجيش الأمريكي في العراق، حيث القوات كانت تشجع المليشيات الشيعية التي تحارب على مشارف الفلوجة، وتقدم دعما جويا للقوات الحكومية الضعيفة بشكل خطير في بغداد.
بالنسبة للعراق هناك العديد من تعريفات الحرب الأهلية. لكن في سوريا، الأمريكيون بدأوا في دعم قوات "ديمقراطية" تقاتل للإطاحة ببشار الأسد وفي ظروف غامضة تدعم نفس الرجال (والنساء) عندما يكونوا على استعداد لقتال داعش من أجل عين العرب (أو كوباني بالنسبة لهؤلاء الذين يفضلون النسخة الكردية من الاسم).
كيف تحقق هذا الانتقال للولاء؟ هل يفترض أن يشق الأكراد طريقهم إلى الرقة عندما يجر داعش أذياله ويفر عبر الحدود العراقية، أو القتال ضد جيش الحكومة السورية والمليشيات اللبنانية المتحالفة معه وحلفاءه الإيرانيين؟
وهل نظر أحد في شمال سوريا إلى أية خرائط؟ وهل يعتقد الأكراد أن تركيا سوف تسمح بإحياء دولتهم الصغيرة؟
"علينا، بشكل قاطع، أن نمضي بما حصلنا عليه"، وفقا للجنرال فوغل. ولا يمكنني تقبل المزيد. مغزى ذلك هو أن رتابة كلام "الأسد لابد أن يرحل" تتغير. لم نسمع الكثير من الأمريكيين يقولون ذلك مؤخرا، ونادرا ما لاحظنا ذلك.
لا يزال الجيش الروسي في سوريا (ولو تقلص حجمه)، لكننا رأينا الكثير من قواته في تدمر بعد استعادتها. وتريد قوات الأسد استعادة دير الزور حيث لا يزال جنودها يقاتلون تحت الحصار.
وأظن أن حملة الأسد لابد أن يرحل سوف يتم التغاضي عنها بلطف - بفضل داعش، والأمريكيون بالطبع يكرهونه عن الحكومة السورية في دمشق.
بالتأكيد لا يزال داعش يتواجد على الحدود مع لبنان. وبشكل لا يصدق، لا يزال تسعة جنود قيد الاحتجاز في جيب على الحدود اللبنانية بعد اسرهم قبل نحو عامين.
هذا الأسبوع، ذهب والد الجندي اللبناني محمد حميه، الذي أعدمته جبهة النصرة في نفس الوقت (والتي اعتمدها مؤخرا السعوديون وقطر "معتدلة")، إلى منزل ابن شقيق قاتله اللبناني (الشيخ مصطفى الحجيري وهو شخصية مشهورة على الأشرطة الإسلامية) وأطلق النار 35 مرة على الرجل البالغ من العمر 20 سنة. بعد ذلك ترك الجثة في قبر كان قد حفره لابنه.
كان أسبوعا سيئا في لبنان. الحكومة نظمت العروض العسكرية العادية لإحياء يوم لبنان عندما أقنع مقاتلو العصابات في نهاية المطاف الجيش الإسرائيلي بالفرار عبر الحدود بعد 22 سنة من الاحتلال في 2000. ومرت الدبابات والمدرعات عبر شوارع بيروت وسط تأكيدات علنية (ومخاوف شخصية) من العنف الطائفي وسط الجنرالات.
ويقاتل كثير من رجال المقاومة الذين طردوا الإسرائيليين، الآن - ويموتون - لصالح نظام الأسد في دمشق. وهكذا مست الحرب السورية لبنان مرة أخرى. بالطبع المخاوف من نزاع سني- شيعي بدأت في سهل البقاع.
وبالفعل قمست الحرب السورية لبنان، ليس بسبب أن الكثير من رجال حزب الله لقوا حتفهم في سوريا. فهم "شهداء" بالنسبة للجماعة المسلحة والكثير من الشيعة، لكن ذلك مصدر غضب كبير للبنانيين السنة. فالإسلاميون حتى في عرسال، بينهم رجال جبهة النصرة، من السنة.
فلا توجد هناك في سوريا كما في لبنان أي خطط للمستقبل. لا خطط تطوير لما بعد الحرب. لا خطط لسياسة مستقبلية تجاه الأسد.
الجيش السوري سوف يكون له دور في أي سوريا جديدة. قد يدرك الروس ذلك، وهو سبب تدخلهم بشكل دراماتيكي. لكن خسائر الجيش السوري عالية جدا - نصف جنود الحكومة الذين التقيتهم منذ بداية النزاع في 2011 لقوا حتفهم الآن - وذلك قد لا يكون هناك مفرا من أن تحضر موسكو قواتها الجوية إلى اللاذقية وطرطوس.
إذا "هزم" داعش - ولن يتحقق ذلك باستعادة الفلوجة والرقة - بعد ذلك لابد أن تكون هناك مشروعات لهؤلاء السوريين الذين قاتلوا على الجانبين. السوريون متخصصون في لجان "الوساطة"، لكن الأمر سيكون أكثر من ذلك بكثير.
وما الذي لدينا؟ تركيا تهدد داعش. والنصرة وداعش يشكلان تهديدا في أنحاء الشرق الأوسط. السعوديون يدعمون داعش وقطر تدعم النصرة وحزب الله يدعم النظام.
ويبدو أن الأمريكيين تركوا القصف الجوي للروس (بعد شكوى من ذلك) ولا يخشى بوتين من القول بوضوح: أن الرهان على الحكومة في دمشق أفضل من الرهان على داعش.
سوف نرى من سينتصر. "علينا، بشكل قاطع، أن نمضي بما حصلنا عليه". وهذا يلخص الأمر كثيرا.
فيديو قد يعجبك: